خلال زيارة سمو رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، صباح قبل أمس قوة الأمن الخاصة بسافرة، أكد على أن «حرص الحكومة على دعم وتطوير العمل الأمني، ينطلق من إدراكها لأهمية تحقيق الاستقرار من أجل مواصلة النجاح في خطط التنمية وحصد المزيد من الإنجازات والمكتسبات التي تصب في صالح الوطن والمواطنين، وبأن مفهوم الأمن في المملكة يشمل أمن الوطن وأمن المواطن، ويعني الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وينطلق في أفقه الأشمل إلى توفير المناخ الملائم للعمل والإنتاج من أجل غد أفضل للمملكة وشعبها».
لا يخفى على الجميع، ومن بينهم سموه، بأن قضية الأمن الوطني مسألة معقدة تتداخل فيها عوامل متعددة تجعل من الوصول إلى تعريف محدد مسألة في غاية الصعوبة. يشاركنا في ذلك الكثير من المدارس السياسية التي حاولت التوصل إلى تاريخ ولادة هذا المفهوم، دع عنك الاتفاق على تعريف محدد له. فمن الناحية التاريخية، تذهب معظم الدراسات إلى القول بأن ظهور مصطلح «الأمن الوطني»، ترافق، كما جاء في موسوعة المقاتل مع بوادر «ظهور الدولة القومية في أوروبا في العصر الحديث، «خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، اللذين يعتبران بداية لعصري أعمال العقل، والنهضة الحضارية الحديثة في أوروبا، وكان أول ظهور للمصطلح في تلك الآونة، يفهم منه الحرص على أمن الجماعة والمقاطعة (الوحدة السياسية الأساسية في أوروبا في هذا العصر)».
أما الأكاديمي الكويتي عبد الله ابراهيم الطريف، فقد نشرت له صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا أرجع فيه تاريخ ظهور المصطلح إلى مرحلة متأخرة بعض الشيء، وحددها بنهاية الحرب الكونية الثانية، «حيث ظهر تيار من الأدبيات يبحث في كيفية تحقيق الأمن وتلافي الحرب، وكان من نتائجه بروز نظريات الردع والتوازن، ثم أنشئ مجلس الأمن القومي الأميركي العام 1974م ، ومنذ ذلك التاريخ انتشر استخدام مفهوم «الأمن» بمستوياته المختلفة طبقا لطبيعة الظروف المحلية والإقليمية والدولية».
ومن الجانب التاريخي، نعود إلى تطور مفهوم «الأمن الوطني»، بغية الوصول إلى تعريف محدد له. يرفض البعض، مثل موسوعة «المقاتل» القبول بتعريف محدد لمفهوم الأمن الوطني، انطلاقا من كون «الأمن الوطني متغير، بتغير العصر، والظروف المحيطة، ووسائل تحقيق الأمن المشار إليه، والمنظور الذي يتحدد من خلاله أبعاد التعريف والمفهوم، وبالتالي فإن تعريفات الأمن الوطني قد تشتمل على كل أبعاده، أو تقتصر على بعض منها، وأحيانا تكون ق اصرة على بعد واحد فقط. ومرجع ذلك إلى الأولويات والأهداف الأمنية، التي يرجع الباحثون وخبراء الأمن الوطني الوصول إليها، من خلال تعريفهم للمفهوم».
ويتفق مع هذه المدرسة في الأخذ بالمفهوم عوضا عن التعريف، جرّاء صعوبة الوصول إلى تعريف محدد، الباحث الإستراتيجي في صحيفة المستقبل اللبنانية جيروم شاهين، الذي يؤكد على أن «مفهوم الأمن هو مفهوم خلافي وجدلي. لا يوجد اتفاق حوله، حيث تختلف تعريفاته تبعا لاختلاف النظريات أو الإيديولوجيات أو المدارس الفكرية التي ينطلق منها التعريف، أو تبعا لاختلاف الإطار الزمني الذي قُدّم فيه ذلك التعريف، أو تبعا لاختلاف المعني بالأمن: دولة كبرى أو صغرى، دولة قومية أو جماعة عرقية أو طائفية، إقليم عرف التعاون أو خبر الصراع والاختلاف، عالم متعولم أو مكوّن من جزر منعزلة غير مندمجة».
ويحصر شاهين تلك الاجتهادات في تحديد مفهوم الأمن في مدرستين هما «الواقعية الكلاسيكية والليبرالية»، محبذا مفهوم هذه الأخيرة الذي يعتبره شاهين «أقل تبسيطا وأكثر تركيبا منه لدى المدرسة الواقعية. فهو لا يقتصر على البُعد العسكري بل يتعدّاه إلى أبعاد اقتصادية وثقافية واجتماعية ذات أهمية. وهذه النظرية تؤكد على الفوائد المتبادلة التي يمكن للمجتمعات أن تجنيها من وراء الاعتماد المتبادل أيضا».
من خلال استعراض تلك التعريفات أو المفاهيم، وعودة لكلمة سموه، سنكتشف أن هناك محاولة للجمع في مسئولية الدفاع عن «الأمن الوطني» بين الدولة ومختلف إداراتها من جهة، والمواطن، ومعه مؤسسات المجتمع المدني من جهة ثانية.
يتوّج هذا التكاتف المجتمعي بزواج كاثوليكي بين دوائر الدولة، بما فيها الأمنية، والمواطن، حيث تسعى تلك الدوائر، كل في حقل اختصاصه لحماية المواطن، وتوفير كل سبل الاطمئنان له، ومقابل ذلك، يحرص المواطن، على المبادرة، وبشكل طوعي، للدفاع عن حياض وطنه التي لم يعد القيام بها مهمة رسمية، بل هي من مسئوليات الأمة بأجمعها وفي مقدمتهم مواطنيها.
وبما أن اضطلاع الدولة ومؤسساتها بالمهام الأمنية، مسألة مسلم بها، فمن الطبيعي أن نحاول استكشاف كيف يتكامل دور المواطن مع مسئولية الدولة.
وإذا ما تمعّنا في «دور المواطن الأمني»، من خلال كل ما تقدم، فسنكتشف أنه يتمحور، بشكل أو بآخر حول مفهوم الولاء للوطن، أو بتعبير سياسي أدق الالتزام بمفاهيم وقيم المواطنة بمعناها المعاصر المتجاوز لمفهوم القبيلة أو الطائفة أو حتى العائلة أو صلة القرابة المباشرة.
فمتى ما اكتسب الفرد منا في المجتمع الذي ينتمي إليه حقوقه الشرعية والطبيعية، لا يجد أمامه من وسيلة أفضل للتعبير عن ولائه واستعداده للدفاع عن مكاسبه «المواطنية» من الدفاع عن أمن وطنه.
لذا ولكي ينعم الوطن بالاستقرار، وينتشر الأمن في ربوعه على الصعيد الداخلي، قبل الدفاع عن حدوده على المستوى الخارجي، لابد من إقناع المواطن، والمقصود بالمواطن هنا ذلك السواد من الناس، باكتسابهم حقوق المواطنة التي ينعموا بها كحقوق مكتسبة يحميها الدستور وتصونها القوانين والأنظمة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2688 - الخميس 14 يناير 2010م الموافق 28 محرم 1431هـ
اي مواطنة واي امن
لو ماعندنا تجنيس وجيش مجنس جان احنا بالف خير وامان واستقرار .. لو حكومة الفشخرة تعطينا حقوقنا جان احنا بامان ... استاذين في الفشار على الناس
عين العقل
( فمتى ما اكتسب الفرد منا في المجتمع الذي ينتمي إليه حقوقه الشرعية والطبيعية، لا يجد أمامه من وسيلة أفضل للتعبير عن ولائه واستعداده للدفاع عن مكاسبه «المواطنية» من الدفاع عن أمن وطنه.) ليت الجميع يدرك هذا الكلام لاستقرت أوضاعنا وارتاحت قلوبنا؟؟ مواطنة بحرينية
تناسب عكسي بين قوات الأمن ومستوى الأمن
متى ما اكتسب الفرد منا في المجتمع الذي ينتمي إليه حقوقه الشرعية والطبيعية، لا يجد أمامه من وسيلة أفضل للتعبير عن ولائه واستعداده للدفاع عن مكاسبه «المواطنية» من الدفاع عن أمن وطنه..
لقد كنّا آمنيين منذ إستقلال البحرين في السبعينات والثمانينات قبل دخول الأجنبي في سلك الأمن.. ولما دخل الأجنبي إختل الأمن.. والجميع يلاحظ الآن فكلما زاد عدد قوات الأمن من الأجانب تهاوى الأمن عندنا.. فالأمن ليس بزيادة قوات الأمن وإنما إعطاء المواطن الأصلي حقه..