العدد 2687 - الأربعاء 13 يناير 2010م الموافق 27 محرم 1431هـ

درس الشهامة التركي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تنام على خبر إهانة نائب وزير الخارجية الإسرائيلي للسفير التركي في تل أبيب، وتستيقظ على خبر تقديمه اعتذارا على تصرفه الأخرق.

إنها بعض حقائق السياسة في الشرق الأوسط الجديد الذي يغيب فيه العرب طوعا، وإذا حضر بعضهم فاصطفافا في الخندق الآخرالمعادي لتطلعات الأمة. يتطوّعون في تشديد الحصار على الجياع في القطاع، ويهرعون إلى وضع الخطط المحكمة لمنع وصول الغذاء والدواء، فالمطلوب في هذه المنطقة إسقاط كل المواقع، وتصفية كل بؤر المقاومة للمشاريع الأميركية والصهيوينة، وليست قضية سنة وشيعة.

العرب غابوا جماعيا عن الساحة، ويريدون للآخرين أن يقبلوا بالذلّ والغياب. تلفزيوناتنا تبث السهرات الراقصة حتى منتصف الليل، وتمنع بث القنوات الوحيدة التي تحيي هذه الأيام ذكرى مرور عامٍ على حرب غزة. كأن ما بنا لا يكفينا حتى يخرج لنا رجب طيّب أردوغان! أثار مشكلة دون داعٍ مع الرجل الطيّب شمعون بيريز في دافوس حين قاطع الجلسة، وأحرجنا مع شعوبنا وأحرج ممثل جامعتنا عمرو موسى!

المسئول الاسرائيلي لم يفعل أكثر من إيقاف السفير التركي في الممّر المفضي إلى مكتبه للحظات، ثم أجلسه على كرسي أخفض من كرسيه، ووضع أمامه طاولة عارية، فثارت ثائرة الأتراك... بينما يهدّد وزير خارجيتهم المتطرف ليبرمان بقصف أعلى سدٍّ في أكبر دولة عربية، فلا يصدر عنها حتى احتجاج. الحكومة التركية اجتمعت للرد على هذه الإهانة والتطاول على الدولة التركية، فاستدعت السفير الصهيوني للاحتجاج. موقفٌ قابله بنيامين نتنياهو بالقول «إن تركيا تتجه صوب إيران والعالم الاسلامي، وهو ما يقلق تل أبيب كثيرا، خصوصا أن هذا التوجه للعالم الإسلامي جاء قبل عملية الرصاص المصبوب (على رؤوس الفلسطينيين)»... أما نحن فحتّى مذبحة غزة التي استمرت ثلاثة أسابيع، لم تحرّك في عروقنا النخوة العربية، ولم تنزل الجماهير في عواصمنا للتظاهر ضد المجزرة، كما فعلت من أجل مباراة كرة قدمٍ في أكبر عاصمتين عربيتين!

نتنياهو الذي يفهم تاريخ الصراع ويقرأ نذر المستقبل بقلق، قال إن «التوجه التركي نابعٌ من إغلاق أوروبا الباب أمام أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي»، وأوضح للنائمين والمخدّرين والمهرّجين الكثر: «ثلاث دول رئيسية كانت حليفة للغرب في المنطقة: تركيا وإيران وإسرائيل... إلا أن الغرب فقد دولتين هما تركيا وإيران».

في مجال التقييم، أبدى مسئولون اسرائيليون امتعاضهم من تصرفات نائب وزير الخارجية، لأنه خدم اردوغان ومواقفه المعادية لإسرائيل، التي بدت في صورة الطرف البدائي الفطري والغبي! أما السفير التركي فاعتبر ما جرى فخّا معدّا له سلفا بالترتيب مع الصحافة لإهانته، فهو لم يتعرّض لمثل هذا الموقف قط رغم عمله سفيرا منذ 35 عاما، حتى عندما كان سفيرا في اليونان، الجارة اللدود لبلاده.

جيراننا الأتراك لم يصبروا يوما واحدا على إهانةٍ واحدة، أصابت شخصا واحدا يمثّل أمتهم، أما أمتنا العربية فوقفت تتفرّج على مليون ونصف مليون فلسطيني، من لحمها ودمها، وأبناء دينها ولغتها... وهم يتسربلون بالدماء تحت أمطار الرصاص الاسرائيلي المصبوب.

في زيارته الأخيرة لواشنطن، رفض أردوغان طلب أوباما تخفيف انتقاداته لـ «إسرائيل» بسبب سياساتها تجاه الفلسطينيين، أما نحن فأقمنا الجدار الفولاذي الذي سيضع حدا لتهريب علب الحليب لأطفال غزة المجرمين!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2687 - الأربعاء 13 يناير 2010م الموافق 27 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 1:46 م

      الاتراك وين والعرب وين لا مجال للمقارنة

      للأسف الحال الذي وصل له العرب ومواقفهم الضعيفة وتفرقهم وتشتتهم وعدم اتفاق رأيهم والعداوات المستمرة بينهم جعلتهم مثل الطوفة الهبيطة التي تداس بالاقدام وهم لن ينالوا احترام الامم الاخرى خاصة العدو الاكبر اسرائيل وهي ستمضي في اهانة العرب وقتلهم وابادتهم وسحقهم بدون ان تندم أو تتراجع. ام محمود

    • زائر 11 | 11:11 ص

      إجهــــــاد وهـــــزال ... فهل هنـــــــاك خجل ؟!

      الإجهاد والهزال عوارض ، تكون غالباً لمن استنفدوا الاحتياطي من خزائن الشهامة ، أو يكون جهازهم النّخوي غير منتظم في أداء وظائفه فلا يخزن ما يكفي للكرامة ، ولذا نجدهم – دائماً – لأقل صدمة حائرون مرتبكون وتائهون متخاذلون ! كل الشكر للكاتب وللوسط ... نهوض

    • زائر 9 | 5:16 ص

      هكذا نريدك مدافعاً عن الحق

      هكذا نريد لهذا القلم الغيور أن يكون مدافعاً عن الحق، ورافعاً للواء المحرومين والمضهدين، ونبراساً لكل الكتاب الآخرين ليتخذوه دليلاً يعبرون به إلى قلوب الناس.

    • فيلسوف | 4:44 ص

      ليش ما نتعلم من شهامة العرب سنة 1973

      ليش ما نتعلم من العرب ابان سنة1973 اثناء الحرب وانتصار العرب في تلك الحرب ؟
      لماذا لا نتعلم درس الشهامة من القائد العربي الرجل الكبير جمال عبدالناصر ( بو خالد) رحمه الله عليه كان والنعم في هذا القائد الفذ الذي له هيبة كبيرة في العالم العربي الاسلامي

    • زائر 7 | 12:59 ص

      عجلة الاقتصادات التركية تدير لعبة الفن الممكن السياسية وان كنت اقتصاديا مفتلكا فأنك سياسى محنك

      إن رعاع السياسين العرب مدعاة سخرية فهم لايعدون سوى سياسيون محترفون فاسدون بالفطرة وحماة الفساد المستكبر القاتل للبشر بالخبرة وما بسطاتهم البرلمانية(البحرين مثالا) و حال حكوماتهم التى لسانها يتأتيء بالإبرو-صهيونية الا دليلا وعينا لذلك وياريت كنا خضعنا للوصاية التركية لنزداد كرامة وعزة اللتين سلبتا منا ولن نستردها من طغمة الحكومات والسياسيون" المتفتلكون"

    • زائر 6 | 12:48 ص

      اين العرب ؟

      مدام يوجد في الوطن العربي وزراء خارجيه مثل ابو الغيظ والفيصل اصدقاء اسرائيل لن تقوم قائمه للعرب وسيظلون العرب دائما في الحظيظ لم تسمع لهم كلمه وليتعلموا من الاتراك هذا الدرس الذي تم تلقينه الى الكيان الصهيوني بالاعتذار لهم لاهانة سفيرهم من قبل هذا الكيان

    • زائر 5 | 12:41 ص

      اسرائيل ما ترضخ الا بالقوة

      ان لاصرار الحكومة التركية على الاعتذار الاسرائيلي ، جاء معرفتا منها بأن اسرائيل ماترضخ الا للقوة والكلام المعسول الجبان المتخوف الغير مرتجل والمطلي بطلاء الدبلوماسية ، مايجيب نتيجة مع الاسرائيليون المتغطرسون .. هنيئا لكيي ياتركية على هذه الشجاعة التي تجعل من اكبر المتغطرسين يحسبون لكي الف حساب، ويحترمونك غصبا عنهم.

    • زائر 4 | 11:03 م

      الاتراك والايرانيين

      لقد اصبح الاتراك والايرانيين اكثر شفقة وإباء وصمود في اتجاه القضية الفلسطينية من دول عربية كثيرة

    • زائر 3 | 10:30 م

      الفرق بين اوردغان وحكامنا

      اردوغان جاء باصوات الشعب وعليه لا يخاف لان الشعب هو الركيزة التي يرتكز علها، ام حكامنا فكرسيهم بالوراثة والمساندة الغربية يعني لازم ايطاوع اسياده لانهم هم الركيزة التي يرتكزن عليها ولا يمكن ان يغيظ الاسياد فتحاصرة تلك القوى برفع الدعم الكرسي حيث لاشعوب اعطتهم اصواتها بل فرضوا كامر واقع وهنا ياتي القرق بين تركيا او اي دوولة تكون فيها انتخابات حرة . جشع

    • زائر 2 | 7:51 م

      احبتي في القطاع

      اننا لا نملك لكم غيرالدموع ولصبركم الكريم فانكم تحاصرون تجوعون تقاتلون تموتون وتحملوننا على اكتافكم حتى تضعونا في عين الشمس ما اروعكم لاتواخذونا يا خير العرب...وما اروعك اردوغان...والله يا استاذ قاسم اني بكيت لما شفت الاخبار ..اخوك الغيداق.لندن

    • زائر 1 | 7:31 م

      تحية لك يا استاذ قاسم

      نعم هذه هي الحقيقة المره في عالمنا العربي لكن ما الحيلة
      لكن الحقيقة المره في بلدنا يا استاذ قاسم حسب ظني هو تصريح نبيل العسومي مدير ادارة الاعلان بوزارة التربية بأنه وزارة التربية هي غير مسئوله عن توظيف خريجي العلوم الاجتماعية رغم صدرو توجيهات من رئيس الوزارة واقرار ديوان الخدمة المدنية بوجود 216 شاغر
      كان الله بالعون على حالي وحال اخوانا العاطلين

اقرأ ايضاً