ستشهد الأسابيع القليلة المقبلة افتتاح المرحلة الأولى من مشروع تطوير سوق المنامة القديم، ورغم التأخر المتكرر عن الجدول الزمني للمشروع، فإن هذا المشروع سيمثل رئة مهمة لإحياء الحركة التجارية والاجتماعية في هذا السوق الذي له قيمته التراثية والتاريخية كأحد أبرز المعالم التجارية في تاريخ البحرين.
قبل سنة ونصف من الآن شاركت في لقاء بدعوة من ممثل العاصمة في مجلس النواب خليل المرزوق لبحث السبل المناسبة لتأمين مستقبل البحرينيين العاملين في سوق المنامة بحضور مجموعة من أصحاب المحلات التجارية الذين يحلمون بعودة السوق إلى سابق عهدها.
إن التطوير المعماري سيمنح السوق جوا مميزا بنكهة الماضي، ولكن هذا المشروع لن تكتمل جماليته إلا بعودة البحرينيين العاملين في السوق بزخم أكبر، ولا بد من قيام الحكومة بعدة مبادرات لتأمين مستقبل البحرينيين في السوق، ويمكن القيام بأفكار مختلفة لتشجيع الشباب على العمل الحر، لأن من هذه الأسواق التي كانت مزدهرة يوما ما خرجت البيوت التجارية التي يشار إليها بالبنان اليوم في عالم المال والاقتصاد.
مهمة إحياء الأسواق القديمة، وخصوصا سوق المنامة القديم مهمة مشتركة، وحان الوقت لتحرك جماعي بمشاركة الحكومة والبرلمان والمجلس البلدي وغرفة تجارة وصناعة البحرين والقطاع الخاص لتوفير البيئة المناسبة الجاذبة أمام البحرينيين للعمل في هذا المجال الحيوي.
في بداية اللقاء المذكور طرح النائب المرزوق وعدد من العاملين في السوق رؤى مختلفة للقيام بتحرك جدي ومنظم لتأمين أوضاع البحرينيين العاملين في سوق المنامة القديم تزامنا مع مشروع تطوير السوق. وجرى النقاش حول أهمية أن يحصل العاملون في السوق على حقوقهم، والاستفادة من كل الطرق والآليات لتحقيق ذلك.
واستعرض النائب مع الحضور الأوضاع المتردية التي مر بها العاملون في السوق خلال العقود الأخيرة الماضية، وخصوصا في العشرين عاما الأخيرة بعد الكساد الكبير الذي أضر بالحركة التجارية في السوق بفعل عوامل مختلفة منها التقصير والإهمال الرسمي الكبير من الدولة في تطوير المرافق والخدمات بالسوق، وكذلك إنشاء المجمعات التجارية الكبرى التي استقطبت الناس على حساب الأسواق التجارية التقليدية.
المشاركون في الاجتماع ناقشوا عددا من الأفكار لتحسين أوضاع العاملين في السوق، وأولى هذه الخطوات حصر عدد البحرينيين العاملين في السوق من أصحاب المحلات القديمة وفقا لتاريخ السجل التجاري، وضمان تشغيلهم في مشروع السوق الجديد من دون إيجار شهري كحافز تشجيعي، دعما من الدولة لهذه الشريحة، وتقديراَ لدورهم، بما ينسجم مع رؤية جلالة الملك في حفظ الأماكن التراثية.
المقترح الآخر كان إنشاء صندوق خاص تساهم فيه الحكومة مع القطاع الخاص، لدعم أصحاب المحلات التجارية والمهن التراثية، عبر مكافأة شهرية لهم، وخصوصا أن غالبيتهم ليس لهم مصدر دخل ثابت آخر.
وعلى صعيد القطاع الخاص والبنوك التجارية اقترح بعض المشاركين تسهيل منح القروض الميسرة لأصحاب المحلات التجارية والعاملين في السوق من بنك البحرين للتنمية أو عن طريق البنوك التجارية بضمان حكومي.
المطلب الآخر كان إخضاع أصحاب المحلات من البحرينيين والعاملين المسجلين تحت مظلة التأمينات الاجتماعية، وخصوصا أن أكثرهم من فئة المسنين، هذا بالإضافة إلى إعفاء أصحاب المحلات التجارية القديمة كليا أو جزئيا من رسوم السجل التجاري والكهرباء والبلدية.
كما يمكن لصندوق العمل (تمكين) أن يساهم بصورة فاعلة في تشجيع الشباب على أن يكونوا رواد أعمال في هذا السوق، وقطاع السياحة يجب أن تكون له مبادرات أخرى في هذا الجانب من خلال الاستفادة من التجارب الجميلة الرائدة في الدول الخليجية الشقيقة.
إن المشروع الجميل لتطوير سوق المنامة سيشكل رافدا مهما لاجتذاب السياحة النظيفة، وخصوصا العائلات الخليجية، ولكن نريد أن نرى سوق المنامة القديم عامرا بأهله، وسيكون من الجميل تسمية شوارع السوق بأسماء رواد هذا السوق من العوائل البحرينية الكريمة.
نتمنى أن نسمع في يومٍ قريب أن هموم أصحاب المحلات التجارية وتأمين مستقبل العاملين في سوق المنامة تجد صداها لدى الحكومة وأجهزتها المختلفة، وأن تأخذ هذه القضية نصيبا من البحث والعناية والاهتمام من جانب الدولة ولجنة تطوير السوق والمجلس البلدي وقطاع التجار حتى نحافظ على السوق ليس كطابع معماري فقط وإنما بالحفاظ على طابعها البحريني!
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 2679 - الثلثاء 05 يناير 2010م الموافق 19 محرم 1431هـ