الصين تستقبل العام 2010 بشكل مختلف، فهي ستصبح مع بدء العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ثاني أكبر اقتصاد في العالم (بعد الولايات المتحدة الأميركية)، مزيحة بذلك اليابان التي احتلت هذا الموقع منذ ستينيات القرن الماضي. وكانت الصين قد أزاحت المانيا في العام 2007 لتصبح ثالث أكبر اقتصاد عالمي، ولكن الصعود الحالي للمرتبة الثانية جاء أسرع مما كان متوقعا، وبات لزاما على اليابان أن تتعايش مع واقع مختلف عن الماضي. ويوم أمس، أبدت الصين نموذجا آخر من توجهاتها، عندما صرح مسئول كبير في وزارة الدفاع الصينية الأميرال يين جو أنَّ من الأفضل لبلاده أنْ تبدأ بإنشاء قواعد إمداد للقوات البحرية في الخارج، وبذلك تدخل في المنافسة على النفوذ في هذا المجال. والمهم أن الأميرال الصيني يتحدث عن قاعدة في منطقتنا، وذلك بهدف ردع القرصنة على الساحل الصومالي.

لنتذكر أن بريطانيا لم تكن تأبه بالخليج في القرن الثامن عشر أو التاسع عشر لولا تعرض سفنها لعمليات قرصنة في الخليج؛ ما اضطرها - بحسب ما تقوله مصادر التاريخ البريطانية - إلى إرسال قوات بحرية إلى مياه الخليج وبالتالي بدأت تسيطر ومن ثم حققت سيادة مطلقة على مياه الخليج لمدة قرن ونصف حتى مطلع السبعينيات من القرن الماضي... وبعد بريطانيا حلت الولايات المتحدة مكانها في السيطرة الاستراتيجية على الخليج.

ساحل القراصنة انتقل إلى المياه الفاصلة بين الصومال واليمن، والأميرال الصيني أشار إلى اضطرار بلاده لدفع فدية بملايين الدولارات يوم الأحد الماضي للإفراج عن سفينة احتجزها قراصنة صوماليون لمدة تسعة أسابيع... وقال: «أعتقد أن الدول المجاورة لأي قواعد إمداد تقيمها الصين على المدى البعيد نسبيا والدول الأخرى التي تشارك في مهمة مرافقة السفن يمكن أن تتفهم الأمر».

يتزامن هذا الخبر أمس مع ما ورد عن مصادر في صناعة النفط أن شركة أرامكو السعودية أنهت عقد إيجار احتفظت به طويلا لتخزين خمسة ملايين برميل من النفط الخام في منطقة الكاريبي القريبة من السوق الأميركية المهمة وأن شركة «بتروتشاينا» الصينية العملاقة قد تحل محلها فيما قد يكون تحولا مهما تجاه تجارة النفط العالمية، وأن هذه الأنباء تأتي بعد أسابيع فقط من إعلان وزير البترول السعودي علي النعيمي موافقة أكبر مصدّر للنفط في العالم على عرض للتخزين المجاني في اليابان، وهو ما يشير إلى الأهمية المتنامية للصين وآسيا على حساب الولايات المتحدة.

ولكي تحتفل الصين أكثر في 2010، فقد أعلن مسئول فيها أيضا أمس أن المعرض العالمي «إكسبو شانغهاي» باع لحد الآن أكثر من 14 مليون تذكرة، وهذا المعرض لا تستطيع عقده إلا دول كبرى، وكان قد بدأ في بريطانيا في نهاية القرن التاسع عشر، عندما كانت بريطانيا في أوج عظمتها... فهنيئا للصينيين في 2010.