العدد 2663 - الأحد 20 ديسمبر 2009م الموافق 03 محرم 1431هـ

الخبز بدلا من الرصاص في باكستان

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

لم ينتهِ بعد الخلاف المستمر منذ شهر حول مشروع قانون كيري لوغار بيرمان في باكستان. يخاف معارضو هذا القانون، الذي يوفّر 7,5 مليار دولار كمعونة غير عسكرية لباكستان خلال فترة خمس سنوات، أن يؤدي إلى الحدّ من سيادة الدولة، بينما يصرّ أنصاره أنه يُقصد به تمكين الولايات المتحدة من مساعدة باكستان على التركيز على الاحتياجات التنموية على المدى البعيد، التي ما فتئت تنتظر قرارا ما.

حازت العناصر السياسية لمشروع القانون هذا على اهتمام واسع النطاق من قبل السياسيين والإعلام. إلا أن مجلس الزراعة الأميركي أصدر مؤخرا بيانا من إسلام أباد لتطمين الجمهور أن كمية كبيرة من الأموال سيتم استثمارها بموجب مشروع القانون لتعزيز الإنتاجية الزراعية في الباكستان.

يتوجب على الأميركيين والباكستانيين على حد سواء الاهتمام بهذه الناحية التي لا تؤخَذ بالاعتبار كثيرا، حيث أن التنمية الزراعية تعتبر أمرا رئيسيا في مستقبل باكستان.

وفي الوقت الذي يتم فيه توجيه الكثير من المعونة الخارجية الآتية على باكستان باتجاه محاربة التطرف والحد من معدلات الأميّة، قامت منظمة الصحة العالمية بتحديد الجوع على أنه التهديد الأكثر خطورة للصحة العامة في العالم. وتشير بيانات البحوث من كافة أنحاء باكستان إلى سوء تغذية مستشرية بين الفقراء في المناطق الريفية والحضرية مشكِّلة تهديدا متزايدا لاستقرار الدولة وعائقا أمام النمو الاجتماعي الاقتصادي على صعيد الدولة.

وحتى يتسنى تحقيق الأمن الغذائي، تحتاج حكومة باكستان المنتخَبة لأن تلتزم بشكل أكثر وضوح بسياسات الأمن الغذائي على المدين البعيد والقريب. بذلك تضم الأعمال السياسية الناتجة ليس فقط تخصيص أموال مناسبة لزيادة الإنتاج الزراعي وإنما كذلك ضمان توفّر البذور المأمونة والصحيّة لجميع المزارعين في الدولة، وإيجاد التوازن الصحيح بين إنتاج المحاصيل الغذائية والنقدية، وهو أمر لا يخاطبه مشروع قانون كيري لوغر بيرمان بشكل خاص.

ورغم أن ملامح الالتزام الأميركي المتجدد بتقديم المعونة إلى باكستان في القطاع الزراعي لم يجرِ تقريرها بعد، إلا أن هناك حديث متزايد حول التشجيع على استخدام أنواع هجينة خالية من الفيروسات من القطن والمساعدة على ضمان الحصول على العلامات التجارية لحقوق الملكية الزراعية الباكستانية المهملة، وهي إجراءات تتناسق مع الإصلاحات الزراعية العامة التي توافق عليها منظمة التجارة العالمية للدول النامية.

تخطط الحكومة الباكستانية، في ضوء زيادة معاملة المواد الغذائية كسلعة في الدولة، للبدء بتأجير ملايين الفدانات الزراعية التي تملكها الدولة، والقابلة للزراعة لشركات متعددة الجنسيات مركزها دول الخليج العربي للقيام بالأعمال الزراعية واسعة النطاق. ويجري ذلك رغم الاحتمالية الواضحة جدا بأن قدرتها المالية وانعدام الإرشادات المحلية للحصول على الأرض سوف تمكن الشركات الواسعة من الاستيلاء على الأراضي التي ستذهب بدلا من ذلك إلى المزارعين المحليين.

قد تجد هذه الشركات الكبرى كذلك، بوجود أموال ضخمة تحت تصرفها، أنه من الأسهل احتكار إمدادات الماء وغيرها من الموارد، الأمر الذي يحرم المزارع المجاورة من حصتها القانونية. لذا يتوجب على الحكومة الباكستانية عدم إعطاء الأراضي إلى شركات الدول الخليجية ما لم تكن مستعدة لدعم الأمن الغذائي المحلي وكذلك الالتزام بالشروط والقيود التي تفرضها الدولة لمنع الاستغلال الزائد للموارد الثمينة مثل المياه الجوفية.

يجب نشر هيئات تطبيق القانون والآليات التشريعية حيث توجد حاجة لها لضمان عدم احتكار الساعين وراء الربح والمجموعات التي تحتكر المواد الغذائية، لموارد الدولة الغذائية، بحيث تصل هذه المواد إلى الشعب بأسعار مرتفعة فيضطر الفقراء إلى التخلي عنها.

يمكن أن يوفر إدخال مشروع قانون كيري لوغر بيرمان إلى باكستان للمانحين مثل وكالة الولايات المتحدة للإنماء الدولي، أموالا إضافية لزيادة نشاطاتهم في باكستان، وهو أمر يمكن تكراره في دول أخرى في جنوب آسيا إذا ما حقق النتائج التي يسعى لتحقيقها. يهدف انضمام وكالة الولايات المتحدة للإنماء الدولي إلى مؤسسة بيل وميليندا غيتس المكرّسة إلى إحضار الاختراعات الجديدة في مجال الصحة والتعلّم إلى المجتمع الدولي، وبالذات من خلال دعم مبادرة أنظمة الحبوب لجنوب آسيا والتي تهدف، ضمن أمور أخرى إلى المساعدة على زيادة مجالات الدخل وإعداد المزارعين للتغيرات المناخية بينما هم يعملون نحو ممارسات محاصيل مستدامة وإدارة الموارد.

تهدف هذه المبادرة كذلك إلى مساعدة ما يزيد على ستة ملايين من صغار المزارعين في الهند وباكستان وبنغلادش ونيبال على زرع المزيد من المحاصيل الغذائية في وجه أثر التغيرات المناخية وفي الوقت نفسه استخدام طاقة ومياه وسماد أقل.

لا يمكن عكس وضع الأزمة الغذائية التي تواجه الباكستان ما لم يحصل تغيّر رئيسي في الأسلوب الذي تنظر من خلاله الباكستان إلى إنتاجيتها الغذائية، من خلال أخذ المواد الغذائية بالاعتبار بالدرجة الأولى كحق أساسي لمواطني تلك الدولة وكسلعة مربحة بعد ذلك.

* باحث وكاتب عمود في« الديلي تايمز» مركزه لاهور، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2663 - الأحد 20 ديسمبر 2009م الموافق 03 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً