العدد 265 - الأربعاء 28 مايو 2003م الموافق 26 ربيع الاول 1424هـ

الأسد يستميت لإجراء محادثات مع شارون

الدس العبري بين الشيء ونقيضه:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

على رغم ان العلاقات الأميركية - السورية، شهدت بعض الهدوء بعد الحملة الأميركية - الإسرائيلية المشهودة ضد سورية، بحسب مراكز دراسات ومحللين أميركيين، قابلتها هذا الأسبوع أجواء صهيونية، تحاول أن تثير الشكوك في خطوات كانت سورية قد مهدت لها بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي كولن باول إلى دمشق... مثل إعلان المنظمات الفلسطينية انها أوقفت نشاطاتها الإعلامية في العاصمة السورية. فيما حاول البعض الآخر «دس السم في العسل» فالأسد «يسعى» لا بل «يستميت» للقاء شارون ومن «وراء ظهر واشنطن».

الحملة الإسرائيلية على سورية، كان من أبرز تجلياتها التلويح المستمر بـ «مشروع محاسبة سورية» الذي يعيده إلى الواجهة من حين إلى آخر، أعضاء ديمقراطيين وجمهوريين في الكونغرس الأميركي من الذين يحركهم اللوبي الصهيوني... ومن هؤلاء النائب الديمقراطي ايليوت اينغل ورئيسة اللجنة الفرعية للشرق الأوسط ايليناروس ليتنن، اللذان لا ينفكان المحاولة والإعلان عن عزمهما طرح مشروع «قانون محاسبة سورية» للتصويت عليه في اللجنة الفرعية للكونغرس، كخطوة أولى نحو تمرير هذا القانون، الذي سيفرض عقوبات جديدة على دمشق، «إلا إذا أوقفت دعمها للإرهاب وانسحبت من لبنان، وتوقفت عن تطوير أسلحة الدمار الشامل».

وكان اينغل قد سارع فور سقوط بغداد إلى القول انه «الآن وبعد هزيمة نظام صدام حسين، حان الوقت لأميركا لأن تتصرف بجدية تجاه سورية» معتبرا ان هذا المشروع هو «خطوة أولى لمعالجة الدور السوري التخريبي في الشرق الأوسط. يجب على الولايات المتحدة ألا تتسامح مع استمرار سورية في دعمها للتنظيمات الإرهابية المميتة في العالم، ومع تطويرها لأسلحة الدمار الشامل واحتلالها للبنان».

لكن هذه الأجواء، ناقضها المعهد العربي الأميركي، الذي لاحظ من على موقعه على الإنترنت، ان الولايات المتحدة، خفضت من حدة لهجتها تجاه سورية بعد انتهاء الأعمال العسكرية في العراق، غير ان عقبة أولى تقف أمام إعادة بناء العلاقات بين البلدين ألا وهو «قانون محاسبة سورية». وتابع المعهد، ليشير إلى ان هذا القانون لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة إضافة إلى انه يبعث برسائل خاطئة إلى سورية والشرق الأوسط والعالم بأسره أي انه يدل على ان الولايات المتحدة ليست مهتمة بالتوصل إلى حل بل انها ستواظب على اتباع سياسة التهديدات والإنذارات. وشرح ان سورية اليوم متفهمة للاهتمام الأميركي بالمنطقة وهي تتخذ خطوات من شأنها بناء علاقات سليمة مع الولايات المتحدة، كما ان تعاونها في مكافحة الإرهاب أمر لا يحتمل الشك. إضافة إلى ذلك فإن سورية اقترحت مشروع قرارٍ دولي ينص على التخلص من أسلحة الدمار الشامل في كل منطقة الشرق الأوسط. أما في ما يتعلق بـ «قانون محاسبة سورية»، فهو بحد ذاته ينص على فرض عقوبات اقتصادية من قبل الولايات المتحدة على سورية غير انه أكد ان هذه العقوبات الثنائية لم تعد تجدي نفعا في الوضع الراهن لأنها ستضر بالمصالح الأميركية قبل المصالح السورية. أما العقوبات الدبلوماسية فمن شأنها أن تسيء إلى المحادثات الثنائية بين البلدين وتضع حواجز أكبر أمام محاولة الإدارة الأميركية تخفيف التوتر مع سورية. وتابع المعهد ان القانون يسيء إلى عملية السلام لأن سورية طرف فيها فأي تهديد من قبل الأميركيين قد يجعل التوصل إلى تسوية في الشرق الأوسط أمرا صعبا.

ولاحظ مايكل ماتزا في موقع فيلادلفيا إنكوايرر، ان الولايات المتحدة، وضعت «حزب الله» في صلب مشروعها الرامي إلى تغيير في خريطة الشرق الأوسط، وهي تحاول الضغط على سورية، من أجل القضاء على «حزب الله» في المنطقة. وتابع ان سورية، تعترف بدعمها لـ «حزب الله» إلا انها تنفي تزويده بالأسلحة كما ان لبنان يعتبر عمله دفاعا مشروعا عن لبنان. ولفت إلى ان زيارة الرئيس الإيراني محمد خاتمي، إلى بيروت، كانت تهدف إلى تسليط الضوء على المكانة المهمة التي يحتلها «حزب الله» في لبنان، وعلى دعم اللبنانيين الكبير له. وأضاف ان لحزب الله 8 أعضاء في مجلس النواب اللبناني وهو يملك شبكات من المدارس والمستشفيات والمؤسسات الخيرية وحتى قناة تلفزيونية يشاهدها أكثر من 10 ملايين شخص في الشرق الأوسط. غير انه اختتم نقلا عن مواطنين لبنانيين قولهم ان الخوف من إسرائيل، هو ما يدفعهم إلى دعم «حزب الله»، ونقل عن آخرين استغرابهم من أن يرسل بلدٌ مثل لبنان، إلى حدوده ميليشيا مسلحة بدلا من جيشه.

ولاحظ أوكسفورد بيزنس غروب (البريطاني) من على موقعه على الإنترنت، انه فيما تتزايد الضغوط على سورية، منذ انتهاء الحرب في العراق، بهدف حثها على إجراء إصلاحات كبرى، شهد هذا الأسبوع تصريحات مهمة في دمشق. فقد أكد الرئيس السوري بشار الأسد، في حديث إلى مجلة نيوزويك (الأميركية)، انه سيتم تحديد نشاطات المجموعات الفلسطينية واللبنانية، فيما اعترف بشراء سورية، النفط من العراق، قبل الحرب. كما ان وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري غسان الرفاعي، قد أعلن في اجتماع وزراء المال والتجارة العرب في أبو ظبي، ان سورية، قد أحرزت تقدما ملموسا لا بل قويا في مجال التنمية والتحديث وبرامج الإصلاح الاجتماعي. كما أوضح ان الصادرات السورية، أكثر من الواردات. وان دمشق، تسعى فعلا إلى تحسين نوع بضائعها وجودة منتجاتها لتنافس غيرها من البضائع.

كل هذه الملاحظات تشير إلى هدوء واضح على الجبهة السورية - الأميركية، لكن الدس الصهيوني، حاول إثارة الشكوك في خطوات كانت سورية قد مهدت لها بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي كولن باول إلى دمشق... مثل إعلان المنظمات الفلسطينية انها أوقفت نشاطاتها الإعلامية في العاصمة السورية. فيما حاول البعض الآخر «دس السم في العسل» فالأسد «يسعى» لا بل «يستميت» للقاء شارون ومن «وراء ظهر واشنطن»... ولفت دانييل سوبلمان في هآرتس، إلى مغادرة عدد من قادة «حماس» والجهاد الإسلامي، دمشق، في الأيام الماضية، نقل عن مصادر إسرائيلية قولها ان هذه التطورات في سورية هي تطورات «تجميلية»، زاعمين ان النشاط الفلسطيني الأصولي ما زال مستمرا على الأراضي السورية ولم يتوقف أبدا. ولفت إلى ان خبراء إسرائيليين يرون ان السلطات السورية ما زالت مقتنعة بأنه لا بد من أن تناور في المطالب الأميركية الداعية إلى وقف الدعم السوري للمجموعات «الإرهابية».

لكن الخيال الإسرائيلي لا حدود له، فقد كتب إيهود يعاري في موقع معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، انه سواء تم تصديق هذا الأمر أم لا، فإن الرئيس السوري بشار الأسد، يستميت - بحسب زعمه - لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون. مضيفا ان الرئيس السوري الشاب، يقترح فتح مفاوضات من دون الأميركيين، لا بل من وراء ظهورهم. كما ان الأسد، لم يعد يضع شرط التسوية الإسرائيلية مع الفلسطينيين شرطا للتوصل إلى اتفاق سوري إسرائيلي. وأوضح يعاري، ان الأسد، يسعى وراء حدوث مفاوضات مرحلية يكون لبنان وسورية فيها طرفا وإسرائيل طرف آخر. لكنه لفت إلى ان لدى الذين التقوا الأسد أخيرا، انطباعا بأن لبنان، سيبدأ المفاوضات قبل سورية. وقال ان انهيار النظام العراقي، يدفع حزب البعث السوري إلى إجراء تغييرات، من دون إعطاء أي تفسير عن السبب الذي يجعلهم يرون ان ما كان يطبق البارحة لم يعد يصلح لليوم. وتمنى في ختام مقاله، أن يلبي جزءا كبيرا مما وعد به وزير الخارجية كولن باول. وأن يبتعد عن «حزب الله»، وحركة «حماس». ودعا الأسد، إلى إرسال مبعوثيه للجلوس مقابل شارون وحينها ليتكلموا عن لبنان أولا.

وإذ لفت نيكولاس بلانفورد في «كريستيان ساينس مونيتور»، إلى إدراج الولايات المتحدة حزب الله اللبناني على لائحة المنظمات «الإرهابية»، لاحظ ان ثمة محللين ودبلوماسيين أميركيين مقتنعون بأن واشنطن، تخطئ في تعاطيها مع هذا الحزب كما انها مخطئة في مطالبتها بتفكيكه. وسخر قائلا ان «حزبا إرهابيا» يلقى تقديرا بسبب أعماله الاجتماعية. موضحا ان هؤلاء الخبراء والدبلوماسيين، يرون ان المطالبة الأميركية بهذه الأمور تقوم بتجاهل حقيقة لبنان، إذ يعتبر حزب الله، مجموعة مقاومة ويتم تقديره على ان له دورا اجتماعيا مهما في مجال الاهتمام بصحة وتربية الفقراء في مناطق لبنانية فقيرة. لكن بلانفورد، رأى ان من ينتقدون الولايات المتحدة، في شأن حزب الله، لا يتنبهون إلى ان هدف الحزب مما يقوم به على المستوى الاجتماعي هو كسب دعم الشيعة لنشاطاته ضد إسرائيل. وأوضح ان حزب الله، يكدس أسلحة وذخائر كثيرة يهدد باستعماله ضد إسرائيل. كما انه قدم دعما ماديا ومعنويا لمجاهدين فلسطينيين. الجديد أيضا، هو محاولة إسرائيلية لتحميل سورية مسئولية العمليات الاستشهادية الأخيرة في فلسطين، فقد لفت جيمس بينيت في «نيويورك تايمز»، إلى العملية الاستشهادية الخامسة (عملية العفولة) واعتبر ان هذه العملية كانت جزءا من «موجة الإرهاب» التي دفعت إلى تدخل دولي كبير لإنهاء النزاع القائم منذ 31 شهرا. ونقل بينيت، عن مسئول إسرائيلي رفيع المستوى، ان العملية الجديدة كانت تستهدف كلا من إسرائيل، ورئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (أبومازن)، الذي وعد بنزع سلاح المجموعات العسكرية الفلسطينية. وأضاف المسئول ان سورية وإيران، مسئولتان عن هذا العنف الفلسطيني أيضا بما انهما تدعمان «الإرهاب» بين الفلسطينيين، على رغم انهما تسعيان إلى الظهور بمظهر المتعاون مع الولايات المتحدة، بعد الحرب على العراق

العدد 265 - الأربعاء 28 مايو 2003م الموافق 26 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً