وجه تقرير صادر عن مجلس الشيوخ الأميركي انتقادا شديدا إلى إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن لتهاونها في الوصول إلى زعيم تنظيم القاعدة «أسامة بن لادن»، الذي كان كما يقول ذلك التقرير «في متناول القوات الأميركية في أفغانستان في أواخر عام 2001».
ويوجه التقرير أصابع الاتهام نحو وزير الدفاع الأميركي حينها جيمس رامسفيلد الذي وافق على أن تتوقف ملاحقة «بن لادن بعد أن أصبح في متناول اليد»، ويلقي التقرير، كما تناقلت وسائل الإعلام، المزيد من الأضواء على القرارات الخاطئة التي جعلت الإدارة الأميركية حينها تكتفي بالإطاحة بنظام الحكم في أفغانستان، وإرغام قوات طالبان على اللجوء إلى الجبال، والاختفاء في كهوف جبال منطقة «تورا بورا» الوعرة، والاعتماد أساسا على سلاح الجو وحده، كي يقوم بالقصف الجوي المكثف، وترفض إرسال قوات راجلة للوصول إلى مكان اختفاء بن لادن، الذي كان شبه معروف لديهم، وتصفيته جسديا، الأمر الذي أتاح له فرصة الهرب إلى مناطق في باكستان كي يستأنف نشاطه من هناك، و»يرسي الأساس الذي أمد التمرد في أفغانستان بقدرته على الاستمرار وإذكاء نيران الصراع الداخلي الذي يهدد باكستان في الوقت الراهن، في آن».
ليست الصدفة المحضة وحدها هي التي تجعل مجموعة من الأعضاء الديمقراطيين في لجنة الشئون الخارجية بالكونغرس هي التي تتولى إعداد هذا التقرير، وليست الصدفة وحدها أيضا هي القادرة على أن تفسر كون توقيت نشر هذا التقرير يأتي قبل يومين، فقط، من عزم إدارة الرئيس باراك أوباما على الإفصاح عن خطتها الاستراتيجية إزاء أفغانستان.
القصد من التركيز على هاتين المسألتين: الخارجية والداخلية من التقرير، هو القول بأن الأهداف من وراء نشر هذا التقرير تتلخص في النقاط التالية:
1. تسهيل مهمة تنفيذ خطة الرئيس أوباما، وتمهيد الطريق أمام أية تبريرات قد تحتاجها في حال فشل تلك الخطة في تحقيق أهدافها. حينها سيكون مصدر الفشل أخطاء ارتكبتها الإدارة السابقة.
وبالقدر ذاته ضمان حصد أوباما كل نتائج النجاح، حيث سيكون قد تغلب على مقاومة بن لادن، مضافا إليها تجاوز سلبيات الإدارة السابقة وسوء إدارتها للمعارك ضد «أعداء الولايات المتحدة».
2. الإبقاء على سبب يبرر وضع خطة جديدة تجاه الأوضاع في أفغانستان، ويبيح للولايات المتحدة، تحديد التوقيت المناسب للتنفيذ، واختيار الأساليب الأكثر ملاءمة لها، كي تتحاشى الإدارة الجديدة، كما يوحي التقرير، أخطاء من سبقها من الإدارات التي فشلت في تنفيذ تلك المهمة.
على أن ما ينبغي لفت النظر إليه في ذلك التقرير هو إصرار الإدارات الأميركية، وعلى نحو أوسع الإدارات في الدول العظمى، التي لها كلمتها المسموعة، والمؤثرة في صياغة السياسات الدولية، على اختيار شخصية معينة من بين قيادات دول العالم الثالث، والتركيز عليها من خلال تحويلها إلى «شيطان» همه الأساسي إثارة الإضطرابات، الأمر الذي يبرر لتلك الدول تخصيص الموازنات، وتشكيل الجبهات، من أجل وضع حد لنشاطاته، وإراحة شعوب العالم من القلاقل التي يثيرها. أحيانا تكون تلك الشخصية ممن يمسكون بزمام الحكم في دولة معادية لواحدة من تلك الدول العظمى، وفي أحيان كثيرة أخرى تكون من بين قيادات حركات التحرر الوطني.
لسنا بحاجة إلى الغوص في أعماق التاريخ كي ندلل على صحة ذلك، يمكننا العودة إلى الخمسينيات من القرن الماضي، حينها يمكننا أن نستبدل اسم بن لادن اليوم بـ «جمال عبدالناصر»، الذي لم تكف الدوائر الغربية عن وضع الخطط من أجل الإطاحة به، إن لم يكن تصفيته جسديا. وفي الستينيات، كان هناك الزعيم الفيتنامي هوشي منه، أما حقبة السبعينيات فقد كانت من نصيب الثائر الأميركي الجنوبي المنحدر من أسرة غنية تشي غيفارا، وجاءت الثمانينيات باسم كارلوس المرتبط اسمه بحادثة اجتماع الأوبك الذي كان منعقدا في ليبيا. أما التسعينيات فقد كانت من حصة الرئيس العراقي صدام حسين. وحمل القرن الحالي اسم بن لادن الذي ما يزال العمل مستمرا من أجل وضع حد لأسطورته.
ليس القصد هنا وضع هؤلاء جميعا في سلة واحدة، فلكل واحد منهم قضية مختلفة، وانتماء أيدلوجي قد يصل إلى التناقض، لكن القصد من كل ذلك القول: إن الجامع المشترك بينهم جميعا هو نسج الدوائر الحاكمة في الدول العظمى - سابقا كانت فرنسا وبريطانيا، ثم شاركهما في ذلك الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، واستفردت هذه الأخيرة بالساحة بعد سقوط الأول - قصة معينة تبرر بها كل سياسات التدخل في الشئون الداخلية للدول الصغرى.
يمكننا هنا، للتأكيد على إصرار واشنطن اليوم على أن يكون دائما هناك بن لادن، العودة إلى فترة انسحاب القوات العراقية من الكويت، وتوغل القوات الأميركية داخل الأراضي العراقية وتوفر الظروف الملائمة حينها للإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين. كانت كل الظروف الموضوعية ملائمة. كان صدام طاغية ومستبدا ذاقت منه العراق، قبل الكويت، الويلات. وكان هناك ما يشبه الإجماع الدولي على ضرورة التخلص منه. لكن ذلك لم يكن يخدم مصالح واشنطن حينها. وكان على العالم، ومن بينهم الشعب العراقي، أن ينتظر عقدا من الزمان كي تتوافق مصالحه مع مصالح المؤسسة الأميركية الحاكمة كي تقرر غزو العراق. لم يختلف صدام المطارد حتى آخر جحر اختبأ فيه، عن صدام الذي أرسل قواته لغزو الكويت. لكن الذي تغير حينها الخطط المناسبة لخدمة مصالح الدوائر الحاكمة في الولايات المتحدة.
ليس القصد هنا المساواة بين عبدالناصر، أو غيفارا، أوهوشي منه من جهة، وصدام من جهة ثانية، لكن ما نرمي الوصول إليه هو ضرورة أن تكون هناك «شخصية شريرة معينة» تخلق الدوائر الحاكمة في الدول الكبرى هالة سوء معينة، تساعدها على ذلك وسائل إعلام غنية وخبيرة ومؤثرة، حول تلك الشخصية كي تقوم تلك الدوائر بما تريد القيام به تحت غطاء محاربة تلك الشخصية لحماية مصالح تلك الدوائر.
ومن هنا لابد أن يكون هناك بن لادن، وربما أكثر من بن لادن كي تسمح واشنطن لنفسها باستباحة العالم.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2643 - الإثنين 30 نوفمبر 2009م الموافق 13 ذي الحجة 1430هـ
صناعة الارهاب والارهابيين - ام محمود
حرفة ذكية انتهجتها امريكا والدول الكبرى لايجاد الذريعة واعطاء التبريرات المقنعة لشن هجومها على المدن والقرى الآمنة وقتل وتصفية الأبرياء بحجة البحث عن المجرم والارهابي بن لادن أو الزرقاوي وغيرهم من الأشرار وفي الحقيقة هي من تمدهم بالمال والسلاح لتنفيذ أنشطتهم الاجرامية وهي في المستقبل ستخلق شخصية عدوانية ستطيح بدول الشام والعراق و جزء من الجزيرة العربية وهذا الشخص الغليظ القلب ليس هابط من الفضاء انما صناعة أجنبية بحتة سوف يستبيح العالم الاسلامي كما ذكرت ومذكور في الكتب الدينية .
لابد من وجود(تنضيم القاعده)
امريكا,ايران والقاعده:الاولى تشاطر الثالثه العداء للثانيه والثانيه تشارك الثالثه العداء للاولى,فالاولى والثانيه تسخران الثالثه لمصالحمها,فبقاء الثالثه يمكن الاولى من احكام قبضتها على دول المنطقه من جهه ويخدم الثانيه في افشال مخططات الاولى في المنطقه وذلك بواسطة اعمال الثالثه الارهابيه من جهةٍ اخرى فأستتباب الامن في دول الجوار للثانيه يجعل منها خنادق متقدمة لضربهافي حالة نشوب اي حرب ضدها من قبل غريمتها الاولى,لذلك لابد من وجود الثالثه لحفظ التوازن بين الاولى والثانيه والله اعلم
جعفر عطيه
مسمار جحا!!
بسم الله الرحمن الرحيم
طابت أوقاتك يا أستاذي العزيز وكل عام وأنت بكل خير
بن لادن ما هو سوى "مسمار جحا" تتشدّق الإدارة الأميركية به, مع العلم بأنها تحتكم على العديد من "المسامير" غيره, فإذ لم يكن بن لادن .. كان "مسماراً" آخر.
مع خالص المودة
وانقلب السحر على الساحر
شخصيات من صنع أمريكا،،، علمته الرماية فلما أشتد ساعده رماني،، لسنا بحاجة لمثل بن لادن فالعدل أساس الملك.،،،،،،،،،،،، نبيل حبيب العابد