هل أصبح العرب كعرائس الماريونيت دمية بلهاء رادخة في يد كل من يوجهها؟
ماذا فعلت الكرة الطائشة في الملعب العربي؟
هل الهرم المقلوب في ترتيب الأولويات العربية هو الذي سدد هذا الهدف في مرمى العرب المتصدع فأدى لشرخه؟
لماذا تنفخ دولتان عربيتان في هذا الوقت جذوة النار المشتعلة لتزيدها اشتعالا؟
هل تندرج لعبة كرة القدم وغيرها ضمن الأنماط السلوكية السائدة في المجتمعات العربية؟
هل القومية العربية خيار مطروح لحل أزمة الهوية الثقافية؟
في زمن الهرم المقلوب والمفاهيم المغلوطة تلوح حرب أهلية جديدة تدشنها وسائل الإعلام العربية التي برعت في القيام بهذا الدور منذ حرب أميركا على العراق أو بمعنى أكثر دقة الغزو الأميركي للعراق لأننا في هذا المقال تحديدا سنعول على دقة التعريفات وما سببه اللغط والتشويش المقصود وغير المقصود من انحراف على الصعيد السلوكي وتردٍ على الصعيد الفكري في بلادنا العربية، هنا سؤال يطرح نفسه بقوة هل الخلاف المثار حوله الجدل بين الدولتين يستند لصراع حقيقي جيوسياسي على الأرض أو فكري عقائدي أو حتى عرقي كسائر الحروب الأهلية الدائرة منذ أمد بعيد؟! أم إنه صراع خالٍ من الهدف كقرع الطبول على الخواء؟ هذا الطرح سأترك إجابته لقدح زناد عقولكم.
عندما نقزم الوطنية والهوية الثقافية لدولة ما ونجسدها في كرة طائشة تسير بها حيث شاءت ونجعلها الممثل الأمثل لشعوبها فماذا ننتظر؟
إن كل مواطن عربي ممثل لبلده وفي مقدمتهم يأتي العلماء وأصحاب الفكر ورجال الدين والفنانون الحقيقيون، هؤلاء هم أصحاب الرتبة الأولى من السفراء فماذا إذا تجاهلنهم جميعا وعتمنا على دورهم واتجهنا بكل ثقلنا التاريخي والسياسي لندعم أبطال جدد صنعناهم بجهل متعمد.
شعوبنا العربية قادرة بشكل غير مسبق على التحرك كعرائس الماريونيت أينما وجهت ولديها أيضا قدرة فائقة على التصفيق والتهليل الذي يصنع في عصرنا المعجزات.
التصفيق له حكاية تاريخية قديمة، كان أداة من أدوات النصب السياسي والفكري، يستخدم لشحذ مشاعر الشعوب لتأييد زعيم ما ثم انتقل من المعارك السياسية دون أن يترك مقعده شاغرا بالطبع ليصيب بعدوته الأعمال الفنية والثقافية والرياضية لرفع شأن عمل لا يستحق في مقابل أعمال أخرى، وكان محصورا بالمسارح ودور عرض الفنون وملاعب الرياضة، أما الآن فأصبح الباب مفتوحا على مصراعيه والقنوات الشرعية للتصفيق كثيرة إضافة لما ذكرناه سابقا تأتي الجرائد والقنوات الإعلامية ومنتديات الإنترنت وهي وسائل تكتسب أهميتها كونها أكثر جذبا وأوسع انتشارا، فنرى كيف أدارت أميركا حملتها الدعائية لأوباما بذكاء ومهارة شديدة كان اللاعب الأكبر فيها الإنترنت.
إدراكنا لهذه الحقائق كفيل وحده لتفهم المشكلة بعودتنا لإرهاصاتها الأولية لندرك كنه المشكلة الحقيقي، اللعب على معاني القومية العربية وإحلاله بمفهوم الهوية الثقافية المتفردة لكل دولة وتقزيم هذه الهوية في لعبة تعبر عن نفسها ولا يمكن بحال من الأحوال أن تجسد معنى نفتقده جميعا واستغل هذا الفقد بشكل بارع معنى الوطن.
نحن جيل لا نعرف معنى الانتماء، جاءت لعبة كرة القدم وبعض الفنانين لنجعلهم وطنا ننتمي له ندشن له أغانينا الوطنية التي تحتل مكانا كبيرا في القلب «خلي السلاح صاحي» «يا ويل عدو الدار.. حي على الكفاح» الأولى مصرية والثانية جزائرية رددناهما في معاركنا الكبرى التي تستحق والآن ندشنها لمواقع لا ترقى لهذا الشرف العظيم.
هنا سؤال يطرح نفسه بقوة لماذا لم ندشن أوبريت الوطن العربي إن كان هذا الشحن العاطفي غير مقصود؟
هذا ليس اعترافا ضمنيا بالاتفاق مع هذا السلوك الشاذ الذي أصبح سائدا وإنما دعوة للتأمل الذي هو البوابة الأولى للتغيير؟
تطالعنا صحف عربية كل يوم أن هذه الأزمة آتت أكلها بأن وحدت شعبا الدولتين للالتفاف حول زعمائهما متناسيين كل مشاكلهم الكبرى الداخلية والخارجية وأن هذا انتصار عظيم حققته هذه اللعبة وقدمته هدية لشعوبها جزاء لما قدموه لها من قرابين وهدايا.
سنغض الطرف عن هذه النتيجة المقصودة بالطبع، ونناقش قضية سلوك سائد قديم يتجدد على مر العصور «الغاية تبرر الوسيلة» إن كان فرضا هذه الغاية محمودة فهل الوسيلة مشروعة؟
بنظرة على واقعنا العربي نجد أن هذه الوسيلة تكتسب شرعيتها من نمط سلوكي عربي سائد لم نفكر يوما في محاولة تغييره ولم نقترب حتى من محاولة فهم أسبابه، كجمع التبرعات لهدف نبيل بطريقة غير شرعية، السرقة التي وجدنا لها المبررات مادامت الضرورة تدعو لذلك، وحتى على مستوى المواطن العربي البسيط نسمع جملة أصبحت مألوفة نصف بها أفعالا لا تستحق كأن نقول: جيد أنه فعل كذا غيره لا يعمل، كأن من لا يعمل أصبح هو النموذج والخارج عنه بطل يستحق تصفيق عرائس الماريونيت.
بالمناسبة كلمة قرابين في المحور السابق لم تكتب بشكل عشوائي هي معنى مقصود فالأساطير العربية مازالت حية في وجدان الشعوب العربية ومن يترصد لململة هذه الشظايا الأسطورية سيجد ما نفعله الآن امتدادا طبيعيا لارتباط الوجدان العربي بمحاولة تجسيد المعاني الكبرى في حياتهم في أشياء مادية، كأن يجسدوا الإله في صورة الحاكم أو الانتماء الوطني المفقود في كرة قدم.
على أي حال اتفقنا أو اختلفنا على ما سبق فلن نختلف على أننا الآن أمام قوة لا يستهان بها درست الشخصية العربية بشكل عميق لتعي جيدا أن هذه الشعوب يحركها وجدانها بشكل استباقي لعقلها.
توجهنا هذه المرة بقوة اندفاع مشاعرنا الغاضبة لاتجاهات لا نراها ولم نقف مع أنفسنا وقتا كافيا لنرى أسباب هذا التوجيه وهل هو خارجي مدعوم بمساندة من الداخل؟ أم هو عربي... عربي؟!
هل يمكن انحراف هذا الغضب ليتحول لسلوك فاعل في قضية كبرى، بطرح آخر، هل الجيشان المصري والجزائري على استعداد لتحرير مقدساتنا المسلوبة؟
وإن كان هذا الطرح فيه خلط لأوراق كثيرة لكن غايته نبيلة ووسيلته شريفة أيضا.
هل العرب في طريقهم الآن لمسرح العرائس على استعداد لاستعادة خيوط اللعبة لإعادة توجيهها؟ أم أنهم سيستمرون في لعب دور الماريونيت الذي لا يتناسب لشعوب لها تاريخها وعراقتها وانصهارات مشتركة فكرية علمية فنية سابقة؟
كاتبة وصحافية مصرية، والمقال ينشر بالتعاون مع «مشروع منبر الحرية» www.minbaralhurriyya.org»
إقرأ أيضا لـ "منبر الحرية"العدد 2643 - الإثنين 30 نوفمبر 2009م الموافق 13 ذي الحجة 1430هـ
إذا عرف السبب
أختصر الموضوع في عباره
وهي
إذا عرف السبب بطل العجب
والسبب إننا عرب مع الاسف
فلا عجب!!!!