العدد 2606 - السبت 24 أكتوبر 2009م الموافق 06 ذي القعدة 1430هـ

في مواجهة «مراسلون بلاحدود»!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ليست منظمة «مراسلون بلا حدود» تابعة للمعارضة، وليست جناحا إعلاميا لجمعية «الوفاق» أو «وعد» أو «أمل»!

المنظمة جهةٌ أمميةٌ مستقلةٌ تتعامل مع الأرقام وتحلّل البيانات وترصد الممارسات والمؤشرات العامة، لتخرج للعالم بتقاريرها السنوية التي تغضب الكثير من البلدان.

في تقريرها الأخير، تراجع ترتيب البحرين بمعدل 23 درجة عن العام الماضي، فبعد أن كانت تحتل المرتبة الـ 96، عادت لتحتل المرتبة الـ 119. والأسوأ أنها جاءت الخامسة خليجيا بعد الكويت والإمارات وقطر وعُمان.

من الممكن أن يبدأ الحكم بمراجعة مواقع الخلل ومحاولة إصلاحها، وهو الطريق المنطقي الأسلم والصحيح. لكن التجارب السابقة، لا ترجّح هذا الاحتمال، فالسيناريو المتوقع أن تبدأ حملةٌ مضادةٌ للتقرير، للتشكيك في صدقية المنظمة أولا، والتشكيك في صدقية تقاريرها، للقول إن حرية التعبير عندنا أفضل من حرية التعبير حتى في بريطانيا وأميركا والنرويج والدنمارك!

الخطوة التالية، تبدأ الصحف «شبه الحكومية» بنشر المقالات التي تفنّد ما جاء في التقرير، وتصوير الأمر على أنه مؤامرةٌ خارجيةٌ للنيل من سمعة البحرين وتشويه صورتها. وربما نقرأ بعض الافتتاحيات الغاضبة على «مراسلون بلا حدود» تلعن أجداد أجدادها!

لاحقا، ستكتب إحداهن عدة مقالات تلوم فيها الحكومة لتقصيرها في نشر الحقائق الساطعة والأدلة الدامغة التي تثبت أن حرية التعبير لدينا هي الأعلى على مستوى العالم ومنطقة الشرق الأوسط ودول شمال أوروبا. وستقترح تشكيل منظمة جديدة، ولتكن تحت اسم «مراسلون بحدود»، تجمع كل الدول المتضررة من التقرير، تكون مهمتها تقديم تقارير مضادة، تفنّد ما جاء في تقرير المنظمة الأولى. فقوة المنظمات الدولية المستقلة لا تنبع من صدقيتها ومهنيتها واستقلاليتها، وإنّما من ضعف الحكومات في الدفاع عن مواقفها وتخاذل أنصارها! وتقترح الاستعانة بكتيبةٍ من صحافيي العملة المتنقلين، الذين يكتبون لك ما تشاء من مقالاتٍ بالجملة أو وزنا بالطن!

نتائج التقرير لم تأتِ نتيجة تخمينٍ أو فبركةٍ، أو مشاكسة من مجموعة من المعارضين، وإنما لأمورٍ واقعيةٍ مازال يشكو منها الواقع الصحافي، في مقدمتها استمرار ملاحقة الصحافيين قضائيا، واحتكار الدولة لمساحةٍ واسعةٍ من الساحة الصحفية، وتطلعها إلى التهام المزيد. أضف إلى ذلك شلل المنظمة الصحافية التي يسيطر عليها اللون الرسمي، حسب أعراف تم إرساؤها منذ انطلاقة جمعية الصحفيين في العام 2000، ومازالت كل المحاولات المبذولة لإصلاحها من الداخل تصطدم بجدار عنيد. ولو أعاد الحكم تفكيره فسيكتشف أن استمرار هذه المعادلة القديمة وفرض أشخاص غير مرغوبين من الوسط الصحافي لتمثيله والنطق باسمه، أصبح أحد أسباب تراجع مؤشر البحرين، فضلا عن إضراره بتحسّن صورة البحرين الإعلامية أو تحسين الوضع الصحافي على وجه العموم.

المؤشرات واضحة، لكن بعض كتاب «الموالاة» سيركبون رأسهم أكثر، وسيُنتِجون حلقاتٍ تلفزيونية جديدة وفريدة، يستضيفون فيها من يقوم بالرد على التقرير، وستحمل المذيعة بعض اللوحات والرسوم البيانية والصور والاسكتشات التي تدلّ على ارتفاع مستوى حرية التعبير، خصوصا في العامين الأخيرين!

هذه الأيام سيكون الطلب كبيرا على الذين لم يؤمنوا قط بشيء اسمه حرية التعبير، ولا يتصوّرون أن البلد يمكن أن يتسع لرأي و»رأي آخر». وسيكون الرواج للذين كانوا يسخرون من مطالبة الشعب بعودة الحياة البرلمانية في التسعينيات، حين كانوا يسمون البرلمان «برطمان»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2606 - السبت 24 أكتوبر 2009م الموافق 06 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 8:54 ص

      صحافة متقهقرة .. تابع - ام محمود

      من المعوقات و العراقيل التي توضع أمام الصحفيين غير الأعذار الواهية مثل الانشغال باجتماع هام أو عدم الرد على الهاتف هناك طرق مسدودة ومتاهات ومتاريس للوصول للبعض ممن هم في أعلى المناصب من أجل الحصول على الخبر أو الاستفسار عن حادثة معينة. وكاريكاتير الأمس للرسام حسين الشاخوري يعبر عن الحال الذي وصلنا له بتراجعنا 52 مرتبة عن عام 2002 فالبحرين تغرد خارج سرب الطيور وتحلق بالعكس وهناك علامة استفهام كبيرة فوق رؤوس رموز الدول لبنان-الكويت -الامارات علامات التعجب نضعها على تقرير منظمة مراسلون بلا حدود

    • زائر 8 | 7:07 ص

      هذي الحقيقه من لم يعجبه يشرب من ماء البحر

      هذ تقرير جهه محايده مثل ماتفطلت المشكله لن الكلام مو عاجبنهم صير الشوشره لاكن لو التقرير مع الحكومه لخرج المتسلاقون والمنافقون والمتملقون واعدو البرامج وحملو التقرير طول البرنامج والواقع واطح مثل وطوح الشمس .

    • زائر 7 | 6:03 ص

      صحافة متقهقرة وصحفيون غير متحدون

      لا أدري ان كان من سوء الحظ أو حسن الحظ والطالع تراجعنا إلى الوراء مع ان البحرين تمتلك من الكفاءات الصحفية والمقومات والكوادر البشرية والميزانية فالسيولة المادية متوافرة اذن ما هي أسباب تردي الحرية الصحفية وتراجعنا بمعدل 23 درجة عن العام الماضي؟ نرجو من الكاتب توضيح العوامل الي أدت الى هذه النتيجة الغير مشرفة عالمياً وهل للرقابة على الصحف دورا في ذلك نحن ننتظر التبريرات المنطقية والتلميعية لمعرفة الحقائق المخفية وهل للطائفية والتهميش وعدم اعطاء الصحفي الفضاء الواسع لممارسة مهنته بحرية ودقة.

    • زائر 6 | 2:45 ص

      و يستمر التراجع الى ان نصل للهاوية

      تقدمت البحرين منذ بداية الاصلاح و الكل تفائل بالمستقبل الذي لم و اعتقد((لن)) نشم رائحته و ها هي اليوم تتراجع للخلف بعد ان تقدمت بالامس!! كل التقارير نتيجتها واحدة و هي التراجع و هذا لم يفاجئ الشعب لان الشعب اول من احس بالتراجع في شتى المجالات و على رأسها الدستور و التمييز و التجنيس و الصحة و التعليم و الاسكان و العمل و الامن الاجتماعي المفقود جراء عبث المجنسين.....الخ كل يوم نموت ألف مرة و هكذا تستمر حكاية الشعب

    • زائر 5 | 2:40 ص

      ما جعل الحق لي من صديق

      لا فض فوك يا سيد ،، يبدو ان الحق لن يجعل لك من صديق وستكون هدف للأقلام المأجورة

    • زائر 4 | 1:47 ص

      الاخير في كل شي

      احنى يا سيد الاخير في كل خير
      بس اول في الدعارة و الفساد و التجنيس

    • زائر 3 | 12:48 ص

      بهبهبهبه يالسيد ....

      قلم نظيف لرجل نظيف ، هي لي اقدر اقوله اختصرت الأنواع كلها في مقال واحد ... بليغ ياسيد موفق ومسدد من رب العالمين

    • زائر 1 | 10:35 م

      باختصار

      في كل المجالات : صحة , تربية , اعلام , ...الخ اذا تقدم الترتيب فالجهة التي اصدرت التقرير جهة محايدة و تعمل بمهنية و لها مصداقية كبيرة , اما اذا تاخر الترتيب فان هذه الجهة - مصدرة التقرير - ليس لها مصداقية و لها اجندات غير معلنة و ...الخ

اقرأ ايضاً