العدد 2606 - السبت 24 أكتوبر 2009م الموافق 06 ذي القعدة 1430هـ

مرئيات بشأن السياسة الزراعية بالبحرين

عبدالله comments [at] alwasatnews.com

شهدت البحرين خلال العقود الثلاثة الماضية تحولات اقتصادية سريعة بما في ذلك التغيرات في النمط الغذائي.

وقد أدى النمو الديموغرافي السريع بالإضافة إلى التغيير في أنماط الاستهلاك وارتفاع دخل الفرد والدعم الحكومي للسلع الأساسية إلى زيادة الطلب على الغذاء، رغم قلة الإنتاج المحلي، ومن ثم كان الاعتماد المتزايد على الاستيراد من الخارج.

ففي العام 1980 بلغت قيمة الواردات الغذائية نحو 84 مليون دينار، ارتفعت إلى 118 مليون دينار في العام 1990 ثم إلى نحو 200 مليون دينار في العام 2007.

وتشكل الواردات الغذائية نحو 90 في المئة من الاحتياجات المحلية للأغذية. ويغطي الإنتاج المحلي في الوقت الحاضر نحو 19 في المئة من احتياجات الخضروات و41 في المئة من الحليب الطازج و43 في المئة من بيض المائدة و21 في المئة من لحوم الدواجن و4 في المئة من اللحوم الحمراء.

لقد شهد القطاع الزراعي في مملكة البحرين خلال عقد الثمانينيات سياسة زراعية تميزت بالتركيز على تنمية القطاع من خلال الدعم المباشر وغير المباشر للإنتاج، وخلال عقد التسعينيات ركزت خطط التنمية الزراعية على تشجيع القطاع الخاص على القيام بدور أكبر في مجال الاستثمار الزراعي. وقد شملت الإصلاحات الاقتصادية المتعلقة بالقطاع الزراعي خلال تلك الفترة رفع أوتخفيض الدعم عن العديد من مدخلات الإنتاج، وتحرير أسعار المنتجات الزراعية ومستلزمات إنتاجها، وتعزيز الاعتماد على آليات السوق، وتقليص دور الدولة في الإنتاج وخدمات ما بعد الإنتاج، وخصخصة المشاريع الإنتاجية الحكومية.

وفي أواخر التسعينيات بدأ القطاع الزراعي تراجعا ملحوظا نتيجة للخطوات التي اتبعت نتيجة لتنفيذ سياسات الإصلاح الاقتصادي، علاوة على ما أصاب الموارد المائية والأرضية من تدهور، مع ضعف مستوى الخدمات الزراعية المساندة... الخ، وقد نتج عن ذلك نقص في المساحات المزروعة وتدهور في الإنتاج والإنتاجية الزراعية.

وتؤكد الخطط الزراعية الحديثة في البحرين على أهمية تشجيع التوسع الزراعي الرأسي من خلال تكثيف زراعة المحاصيل، آخذة في الاعتبار محدودية الموارد الأرضية والمائية، وزيادة مساهمة الإنتاج الزراعي في تلبية الاحتياجات المحلية، والمحافظة على الموارد الزراعية الحالية بل وتطويرها.

وعلى وجه الخصوص تهدف هذه الخطط إلى ما يلي:

- المحافظة على الموارد الأرضية وإعادة تأهيلها للأغراض الزراعية.

- المحافظة على الموارد المائية من خلال تبني طرق الري والصرف الحديثة وزيادة الاعتماد على استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الري وتطبيق التشريعات المتعلقة باستخدام المياه وإدارتها.

- زيادة الإنتاج الزراعي من خلال تكثيف زراعة المحاصيل وتحقيق مساهمة أكبر من بعض السلع الغذائية في الاحتياجات المحلية.

- تشجيع القطاع الخاص لزيادة الاستثمار في القطاع الزراعي عن طريق توفير المناخ اللازم للعمل الزراعي.

الخيارات الاستراتيجية:

أ- المحافظة على الموارد الطبيعية:

إذا أخذنا في الاعتبار الموارد الطبيعية المحدودة في البحرين، فإن التحدي الحقيقي الذي يواجه التنمية الزراعية يتمثل في ضمان تحسين واستدامة هذه الموارد، فهنالك حاجة إلى مزيد من التخطيط والإدارة الفاعلتين للموارد الطبيعية. ففي قطاع المياه يتعين على الدولة الاستمرار في توفير احتياجات المزارعين من مياه الري، وعلى وجه الخصوص العمل على زيادة إمدادات المياه من خلال التوسع في استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، وتشجيع المزارعين على اتباع الأساليب الزراعية التي من شأنها المحافظة على الموارد المائية وذلك بتطوير وتحديث أنظمة الري والصرف وتبني أساليب الزراعة في البيوت المحمية.

وفي مجال الأراضي لابد من مواجهة التطور العقاري الذي تشهده المملكة منذ بداية القرن الحالي والذي أدى إلى زيادة الطلب على الأراضي، مما أدى إلى ارتفاعها ارتفاعا كبيرا.

وقد تأثرت الأراضي الزراعية بهذا الارتفاع نظرا لازدياد الطلب عليها للتوسع العمراني. وقد شجع ذلك ملاك هذه الأراضي على السعي لاستغلالها عمرانيا لتجاوز العائد الاقتصادي منها كثيرا العائد المحدود من استغلالها زراعيا، وللتغلب على هذه المشكلة يمكن الأخذ بواحد أو أكثر من الخيارات الآتية والتي تحتاج مردوداتها السلبية أو الإيجابية في المستقبل لمزيد من الدراسة:

- شراء الأرض الزراعية بواسطة الدولة في حالة رغبة المالك في بيعها.

- تشجيع ملاك الأراضي الزراعية باستثمار نسبة من مساحة الأرض في أغراض السكن والمنشط السياحية مثل المطاعم، والمنتزهات وتربية الحيوانات البرية إلى غير ذلك من وسائل الجذب السياحي. ويتم ذلك من خلال وضع الاشتراطات التي تضمن المحافظة على الرقعة الخضراء مما يحقق الربط بين الزراعة والسياحة والبيئة.

- تعويض أصحاب الأراضي الزراعية الراغبين في الاستثمار غير الزراعي بأرض غير زراعية تعادلها في القيمة السوقية.

-ب- تطوير وتحديث التقنيات الزراعية:

رغم محاولات تطوير القطاع الزراعي الذي تسعي الشئون الزراعية لتحقيقه، إلا أن النظم التقليدية مازالت متجزرة في هذا القطاع. ويبدو ذلك واضحا في طرق استخدام مياه الري والمعاملات الزراعية ومعاملات ما بعد الحصاد.. الخ.

إن استمرار الأوضاع في الزراعة على ما هي عليه باستخدام أساليب إنتاجية تقليدية، يجعل من الصعوبة إمكانية الوصول بالزراعة إلى مستويات متقدمة قادرة على المنافسة، وللتغلب على هذا الوضع يلزم الارتقاء بمعدلات التحديث التقني التي تساهم في رفع الإنتاجية وتقليل تكاليف الإنتاج وتحسين جودة المنتجات وبالتالي تعزيز التنافسية للمنتجات الزراعية أمام مثيلاتها الخارجية.

-ج- تحديد أولويات التنمية القطاعية:

إن زيادة الإنتاج الزراعي هي ضرورة ولكنها ليست كافية، حيث من الضروري أن يتم ذلك بتكلفة منخفضة وبجودة عالية وقدرات تسويقية كفوءة حتى يستطيع منافسة السلع المثيلة المستوردة. فالزراعة في المملكة في تحد كبير يتمثل في ضرورة زيادة قدرتها على المنافسة. وذلك يتطلب التقييم الشامل للأنشطة الزراعية المختلفة ومكونات هذه الأنشطة، وتبني الأنماط الإنتاجية بزراعة المحاصيل مرتفعة العائد من وحدة المياه والأرض والتي تتميز بالعائد الاقتصادي الأفضل والقدرة التنافسية الأعلى «الزراعة العضوية علي سبيل المثال».

-د- تشجيع الاستثمار وتعزيز مشاركة القطاع الخاص:

من الصعب الحديث عن تطوير أو تحديث الزراعة في غياب توفير الاستثمارات الضرورية، فكل تقدم في الزراعة مرهون بمزيد من الاستثمار، بيد أن قطاع الزراعة ليس من القطاعات الجاذبة للاستثمار لأسباب موضوعية تتمثل في انخفاض العائد على رأس المال المستثمر، وطول دورة رأس المال في بعض الأنشطة الزراعية، وتعرض الاستثمار إلى مخاطر عالية. والزراعة في المملكة ليست فقط في حاجة إلى مزيد من الاستثمارات بل هي في حاجة إلى ضخ رأس مال كبير لنقلها من وضعها الحالي إلى وضع يجعلها قادرة على المنافسة، فما زال رأس المال الخاص يحجم عن التوجه نحو المجال الزراعي. إن هذا الوضع يتطلب تحسين المناخ الاستثماري في القطاعات الزراعية المختلفة وجعله أكثر جذبا للاستثمار، وهذا بدوره يتطلب خلق بيئة استثمارية مناسبة، وهذا يمثل تحديا حقيقيا أمام الزراعة في المملكة، وبدون خلق تلك البيئة الزراعية الاستثمارية الملائمة ستكون المهمة شاقة أمام متخذي القرار وواضعي ومنفذي السياسات الزراعية.

وفي الختام لا بد من الإشارة إلى وجود العديد من المحاور المرتبطة بالسياسات الزراعية الكلية، منها السياسات الزراعية القطاعية التي تهدف إلى تحسين البني التحتية وإدارة المزارع والبحوث والإرشاد ورفع قدرات العاملين ووضع الأطر القانونية للزراعة بالإضافة للسياسات السعرية والمالية التي تهدف لحماية المنتجين وسياسة السوق التي تهدف لمساعدة المنتج على التسويق وسياسة الإقراض والتمويل...الخ

العدد 2606 - السبت 24 أكتوبر 2009م الموافق 06 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:11 ص

      الاراضي الزراعيه

      مقال ممتاز، اولا: المواطن لاينظر في أستراتيجيات ولا برامج ولا خطط، بل يطمح ويطمع للربح السريع. الأرض الزراعيه يحولها الى بنايات تدر عليه أموال. ثانيا: أكثر الأراضي الخضراء في المملكه مملوكه لأشخاص كبااار ! وثالثا: هناك أراضي زراعيه تحت تصرف الوقف ومستثمره من قبل المواطنين. ان من واجب الدوله عمل دراسات وأستراتيجيات ومن ثم فرضها على المواطن بما يخدم الجميع. وأيضا عدم تحويل الأراضي الزراعيه الخاصه بالوقف من زراعيه الى أستثماريه سكنيه والدوله نايمه وكأن نحن في حارة كل من ايده اله. وشكرا

اقرأ ايضاً