العدد 26 - الثلثاء 01 أكتوبر 2002م الموافق 24 رجب 1423هـ

الأطفال العرب بين الاحتفال والإهمال... مَن المسئول؟

الأول من أكتوبر انطلاق احتفالات يوم الطفل في البحرين

محمد حسن العرادي comments [at] alwasatnews.com

اعتمد العالم، الاثنين، الأول من أكتوبر/تشرين الاول من كل عام يوما عالميا للطفل. وما لبث هذا أن تحول إلى يوم للطفل العربي بعد أن اعتمدته جامعة الدول العربية رسميا. وتم تمديد الاحتفال بهذا اليوم ليشمل أكتوبر بكامله. وعلى مدى أعوام طويلة كان يحتفل بهذا اليوم في معظم الدول العربية بحسب قوة الجهة التي تتولى رعاية الطفولة سواء كانت وزارة العمل والشئون الاجتماعية أو وزارة التربية والتعليم أو المؤسسة العامة للشباب والرياضة أو أية إدارة من الإدارات الرسمية التابعة إلى هذه الدولة أو تلك. لكن هذه الاحتفالات الموسمية ظلت كذلك دائما، فلا أحد يتذكر الأطفال إلا عندما يحين موعد الاحتفال بيوم الطفل العربي. الطفل الذي ظل في معظم الدول العربية بعيدا عن الحصول على حقوقة التي لخصتها الحركة العالمية من أجل الأطفال في عشر نقاط هي:

1- كل الاطفال من دون استثناء: يجب وضع حد لأشكال التمييز والتهميش كافة ضدهم.

2- الأطفال في الصدارة: تتحمل الحكومات والأفراد والمنظمات غير الحكومية ورجال الدين والقطاع الخاص والاطفال واليافعون أنفسهم المسئولية عن ضمان احترام حقوق الطفل.

3- تقديم الرعاية إلى كل طفل: ضمان أفضل بداية ممكنة في الحياة لكل طفل.

4- محاربة الإيدز: حماية الاطفال واليافعين وأسرهم من مرض الإيدز والفيروس المسبب له.

5- التوقف عن إيذاء الاطفال واستغلالهم: يجب وقف العنف والاساءة إلى الاطفال الآن ووقف الاستغلال الجنسي والاقتصادي.

6- الاستماع إلى الاطفال: احترام حقوق الأطفال واليافعين في التعبير عن انفسهم واشراكهم في اتخاذ القرارات التي لها تأثير عليهم.

7- توفير التعليم لكل طفل: يجب أن تتاح لكل طفل وطفلة فرصة التعليم.

8- حماية الاطفال من الحروب: يجب ألا يتعرض الاطفال لأهوال النزاعات المسلحة.

9- حماية الكرة الأرضية من أجل الأطفال: حماية البيئة على المستويات العالمية والوطنية والمحلية.

10- محاربة الفقر والاستثمار في الاطفال: الاستثمار في خدمات تستهدف أكثر الأطفال فقرا وأسرهم، مثل الرعاية الصحية الاساسية والتعليم الاساسي، وجعل رفاه الاطفال هدفا له أولوية متقدمة في برامج تخفيف الديون والمساعدات الانمائية والانفاق الحكومي.

عشر نقاط اختارتها الحركة العالمية من أجل الاطفال لتكون بمثابة الاعلان العالمي لحقوق الطفل، وحين نمعن النظر فيها نجد أنها تتعرض للانتهاك في معظم الوطن العربي لا سيما في الأرض العربية المحتلة (فلسطين) التي يعاني أطفالها وشعبها من الصهيونية وآلتها العسكرية، وفي العراق الذي لايزال يعاني من ويلات الحروب والدمار والحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة وبريطانيا منذ أكثر من عقد من الزمن.

الطفل الشهيد محمد الدرة

ذات يوم استيقظ العالم فجأة على خبر كالصاعقة جسد مأساة الاطفال العرب عندما قتلت قوات العدو الصهيوني الطفل محمد الدرة في مشهد درامي طويل نقل على كل الشاشات التلفزيونية في العالم. يومها تحركت المؤسسة الرسمية العربية وبالغت في الاحتفال بيوم الطفل العربي وكرست تلك السنة للطفل الشهيد محمد الدرة وأطفال فلسطين لكنها سرعان ما دفنت رأسها في الرمال مرة أخرى وعادت إلى ممارسة الصمت عما يحدث يوميا في فلسطين. وفي العراق المحاصر يسقط العشرات من الاطفال من الجوع والفقر والمرض يوميا.

ويبدو أننا أصبحنا لا نحسن سوى البكاء والندب والعويل. ومع ذلك نحرص على ممارسة هذه العادة الوحيدة المتاحه لنا في طقوس مغرقة في السرية والحيطة والحذر إلا أن معظم الأنظمة العربية تحسن الاحتفال والاحتفاء بالايام المرموقة التي يتم التفتيش عنها لإظهار هذا المسئول أو ذاك خصوصا إذا كثر المسئولون واشتد التنافس فيما بينهم للفوز بالتغطية الاعلامية. ترى هل يعرف المسئولون في أي من البلدان العربية عدد الأطفال الذين لا يملكون قوت يومهم ؟ وهل هناك احصاء بعدد الأطفال الذين تضطرهم ظروف الفقر لترك مقاعد الدراسة والالتحاق بالأعمال الخشنة أو الجلوس على قارعة الطريق للتسول؟

الأطفال مستقبل العالم

شعار اخترناه بعناية عندما قمنا بتنظيم المهرجانات الأول للطفل العربي في أكتوبر1993، إذ كنا ولانزال على قناعة تامة بأن من يريد ان يبني وطنا آمنا مستقرا سيدا حرا ومستقلا عليه ان يعتني بالاطفال اولا واخيرا، ولعل السادة القراء في غير حاجة إلى اخبارهم بأن ذلك المهرجان لم يعقد اي دورة اخرى بعد ذلك على رغم أنه كان مقررا له أن يقام سنويا.

لكن ما اعتقد ان القراء بحاجة إلى التأكد منه ان مؤسسات وجمعيات وجهات كثيرة اخرى قامت بتنظيم مهرجان جديدة خاصة بالاطفال كانت جميعا تدعي ولاتزال بأنها المهرجان الاول للطفل وحتى يومنا هذا لم نسمع بالمهرجان الثاني للطفل ولم يحرص اي من المسئولين الذين شاركونا نجاح المهرجان الاول ليس على الاتصال بنا والاستفسار عن توجهاتنا حيال الاطفال فحسب بل ان احدا منهم لم يقدم إلينا حتى كلمة شكر أو خطاب مجاملة.

طريق الألف ميل يبدأ بخطوة

الكل يتفق على هذا الشعار لكننا في الوطن العربي قاطبة نركز على الخطوة الاولى فقط. وليس هناك من يفكر في الخطوة الثانية. ومن باب اولى أن يكون هناك من يفكر في الخطوة الاخيرة بالطبع... لماذا؟ لأننا لدينا قدرة عجيبة على ابتكار البدايات فقط لكننا لا نحسن ولا نحفل بالنهايات ابدا.

والامر لا يتوقف عند المهرجانات الخاصة بالطفل فحسب، بل انه يشمل حتى الاطفال انفسهم.

هل تعرفون عدد الاطفال المتروكين في دور الايتام ورعاية الطفولة؟ انا لا ادعي معرفة بذلك لكنني متأكد مثل كثير من القراء، أن هؤلاء الاطفال كانوا بدايات لم يحفل احد بنهاياتها. ولو لم يكن الامر كذلك، لما تركهم اهلهم على قارعة الطريق او ألقوا بهم في صناديق القمامة والمخلفات. انها ببساطة انعدام المسئولية تجاه الاطفال. ألم نقرأ عن مأساة الام وطفلها اللذين رماهما من يفترض فيه الحنان والابوة إلى مصير مجهول؟ ألم تتابعوا جميعا قضية الاطفال المختفين والمفقودين وعلى رأسهم قضية الطفلة فاطمة؟ ترى كم فاطمة ستضيع، وكم طفل سيبيت بعيدا عن حضن والديه، حتى يستيقظ المجتمع ويضع حلا لهذه الظواهر؟

مركز سلمان الثقافي للأطفال

تحتفل مملكة البحرين اعتبارا من اول اكتوبر بيوم الطفل العربي بمبادرة خيرة من سمو الشيخة هالة بنت دعيج آل خليفة حرم السمو ولي العهد بمشاركة الكثير من الجهات ذات العلاقة بالطفولة وعلى رأسها مركز سلمان الثقافي للاطفال... ترى هل يحق لنا ان نحلم بنهاية سعيدة لهذا المشهد الدرامي الطويل الذي يعيشه الاطفال في بلادنا؟وهل سيكون احتفال هذا العام بداية النهاية للمآسي كافة التي يتعرض لها بعض أطفالنا؟ دعونا نأمل ذلك، ثم تعالوا نحلم بأن تتكرر تجربة مركز سلمان الثقافي للاطفال التي انطلقت قبل عشرين عاما ولاتزال يتيمة. وفي المناسبة كانت هناك مشاريع لمراكز ثقافية اخرى للاطفال في مناطق مختلفة من البلاد تزامنت مع تأسيس مركز سلمان الثقافي للاطفال لكنها اغلقت من دون اعلان ومن دون شهادة وفاة.

كثير من اطفال البحرين مروا من هنا، من مركز سلمان الثقافي للاطفال. لكن اطفالا كثيرين لم يجدوا فرصا مشابهة. هناك اطفال لا يستطيعون ان يصلوا إلى هذا المركز. وهناك من لا يتسع المركز لهم نظرا إلى محدودية امكاناته وضعف طاقته الاستيعابية، فإذا لم تكن الدولة قادرة على الوفاء بهذه الاحتياجات، ألا يستطيع القطاع الخاص المساهمة ولو بشيء يسير لصالح الاطفال الذين سيستفيد منهم غدا قبل غيره من الجهات الاخرى؟

اسألوا المصارف والشركات الكبيرة كم تصرف على مناسبات التهاني والتعازي والمهرجانات والمسابقات وبرامج الترويج التي لا تنتهي وتفتقر إلى اي اهداف اجتماعية مدروسة؟ اعتقد أننا بحاجة إلى ما لا يقل عن خمسة مراكز ثقافية للاطفال بمعدل مركز واحد في كل محافظة مبدئيا حتى نضع اللبنة الاولى للاهتمام بالطفل؟ ثم اننا بحاجة إلى اخصائيين مدربين ومؤهلين للتعامل مع الطفل بالصورة الصحيحة وليس إلى جليسات اطفال بلباس اكثر اناقة. حرص عظمة الملك على ان يولي كثيرا من قطاعات الشعب اهتمامه الكبير، وسعى دائما للتخفيف عن كاهل المواطنين، ترى اين يقع الاطفال على اجندة عظمته؟ وهل يمكن ان يتم التعامل مع قضيتهم باعتبارها من الامور المستعجلة فتصدر الاوامر بإيلائها ما تستحق من اهتمام فلا يعود الامر مجرد احتفال يمر... ويختفي

إقرأ أيضا لـ "محمد حسن العرادي"

العدد 26 - الثلثاء 01 أكتوبر 2002م الموافق 24 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً