يُحكى أن أحد الساكنين على ضفاف نهر المسيسيبي أخبرته زوجته بأن مياه النهر تطفو وأن الفيضان قادم، ولا بد من مغادرة المنزل فورا والهروب بعيدا قبل الغرق.
بحسب ما يُروى أن الزوج رفض طلب زوجته بالمغادرة واكتفى بالقول «الله هو الذي سينجيني من هذا الفيضان»، وغادرت الزوجة المكان وبقي الرجل وحده في المنزل! وإذا بالمياه تدخل إليه من النوافذ، فصعد إلى سطح المنزل، ومرَ به أحد قوارب الإنقاذ وطلبوا منه النزول إلى القارب فرفض، وقال» الله سينجيني من هذا الفيضان»، فتركه القارب ومضى، ثم وصلت مياه النهر إلى سطح المنزل، ومرت بالرجل طائرة مروحية وطلب رجال الإنقاذ فيها منه الذهاب معهم إلا أنه رفض هذه المرة أيضا، وقال لهم «الله سينجيني من هذا الفيضان».
مضت المروحية لإنقاذ غيره ممن ينتظرون، وراوح الرجل مكانه ولم يتحرك شبرا واحدا، فلما أن وصلت المياه إلى فمه، أخذ يصرخ قائلا «يا الله هل ستتركني وحدي؟ متى ستنقذني إذا؟» ويُقال (مجازا) إنه سمع صوتا يقول: «لم أتركك وحدك، وإنما أرسلت إليك امرأتك فرفضت المغادرة معها، وأرسلت إليك قارب نجاة مع طاقمه فرضت الذهاب معه، وأرسلت لك طائرة مروحية فرضت التحليق معها أيضا، كل هذا وتقول بأنني تركتك وحدك؟»
هذا الرجل لا يختلف كثيرا عن أولئك الذين لا يكترثون بالنصائح الطبية الخاصة بالوقاية من انفلونزا الخنازير، وعندما يشعرون ببعض أعراض المرض لا يفكرون في زيارة أي من المراكز الصحية ويكتفون بالقول «على الله»، كما أنهم لا يختلفون عن ذلك الإعرابي الذي دخل المسجد متوكلا على الله من دون أن يعقل ناقته، ولما خرج لم يجد إلا بعرتها!!
وإن كانت هناك بعض المآخذ من دون أدنى ريب على وزارة الصحة إلا أنها ليست وحدها التي تحتاج بأن تكون مستعدة، بل على المجتمع أن يتحلى بالوعي ويأخذ النصائح الطبية بعين الاعتبار، لأن الأوبئة عادة ما تكون جماعية، ولن ينفع معها غير الحذر الجماعي، ولست أبالغ عندما أقول إن رجل نهر المسيسبي أفضل حالا من أولئك الذين لا يكترثون بالوقاية من هذا المرض، لأن ما قام به هو أغرقه لوحده، بينما ما يقوم به غير المبالين لا يضرهم لوحدهم بل يضر من هم من حولهم أيضا، وقد يكونون أقرب وأحب الناس إليهم!
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 2586 - الأحد 04 أكتوبر 2009م الموافق 15 شوال 1430هـ
وسطي الهوى
سلمت يداك على هذا هذا القلم الرائع، فأنا من عاشقي قلمك خصوصا في الربط بين الأمور فقراءة أعمدتك ليست مدعاة للملل بل هي شيقة لما تحويه من طرح بسيط في مفرداته عميق في طرحه لمن يفهمه
شكرا أخ عقيل ونشد على يدك في كتابة كل ما هو في مصلحة هذا الشعب