العدد 2583 - الخميس 01 أكتوبر 2009م الموافق 12 شوال 1430هـ

«موجة غوغل» والاقتصاد المبتكر

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

دشن محرك البحث (غوغل) قبل يومين خدمته الجديدة التي أطلق عليها اسم موجة غوغل (Google Wave)، وهو ما اعتبره البعض ثورة جديدة في الخدمات المتوافرة على الإنترنت، بما فيها تلك التي توفرها غوغل ذاتها، مثل غوغل إيرث (Google Earth). تحتضن «موجة غوغل» مجموعة من الخدمات المتميزة القادرة على دمج الرسائل الالكترونية والدردشة الفورية وما يسمى «أسلوب تحرير الويكي» أو التحرير على الانترنت.

وكجزء من الحرب التنافسية الدائرة رحاها بين شركتي «ميكروسوفت» و»غوغل»، حاولت هذه الأخيرة أن تسمح لمعظم برمجيات التصفح استخدام «ويف»، باستثناء برنامج ميكروسوفت انترنت إكسبلورر! ويصف لارس راسموسن الذي صمم من قبل برنامج «خرائط غوغل»، (Google Earth) سوية مع شقيقته جينس «موجة غوغل»، بأنها «أداة مرنة تمتلك خواص وظيفية مدهشة».

وكما جاء على موقع غوغل، وفي هذه المرحلة المبكرة من إطلاق هذا البرنامج، سيوضع البرنامج بتصرف 100 ألف مستخدم له من أجل التأكد من خلوه من أية ثغرات أو أخطاء، أو حتى فيروسات. ومنذ إطلاقه، آثار «موجة غوغل» حركة جدل، حيث وجد، أحد مستخدميه، وهو بين بار أنه «يعاني القليل من البطء، عند التصفح»، في حين يبدي آخرين من احتمال كونه غير مريح في الاستعمال من قبل المستخدم العادي للإنترنت. وكما يدل الاسم، تبدأ «موجة غوغل»، صغيرة مثل الموجة، لكنها تبدأ في النمو والتضخم من خلال قدرتها على سحب المكونات الإلكترونية من نصوص وصور وسمعيات- بصريات ودمجها ومن ثم إظهارها بشكل مشترك على سطح مكاتب حواسيب الأشخاص المنتمين لنفس المجموعة. وبهذا الشكل تنمي الموجة نفسها من خلال المحتويات وفي الوقت بزيادة عدد الأفراد المشتركين في المجموعة، وإشراكهم جميعا في معالجة ملفات ذلك السطح ذي المحتويات القابلة للنمو أيضا.

من يتابع خطوات غوغل على امتداد السنوات الخمس الأخيرة يلمس حرصها على الاستمرار في إطلاق منتجات وتوفير خدمات يغلب عليها الابتكار والإبداع. فقبل فترة قصيرة طورت غوغل محركا جديدا للبحث أطلقت عليه اسم «كافيين». وقد حرصت غوغل، أن تتوافر في محرك البحث بعض الخدمات المتطورة التي تجاوزت تلك القائمة في محركها التقليدي. وقبل «كافيين» كان هناك «غوغل ايرث»، الذي كان أحد أبرز سماته الإبداعية، المرتبطة بفائدة خدماتية ملموسة، تحويل غوغل للمنتج، كما يقول عنه أحد مواقع الإنترنت، إلى «لعبة مسلية تتميز بالتجديد والحداثة، فمع (غوغل إيرث) لا يمكنك فقط مشاهدة ومعاينة حديقة منزلك أو أي موقع تحبه، بإضافة البعد الثالث وبأعلى قدر من الوضوح، بل يمكنك أيضا المشاركة في المحتوى المعلوماتي للخرائط المعروضة، سواء بإضافة رابط أو صورة أو معلومة إلى حيز منطقة ما، أو سواء باستنباط قياسات وبيانات جغرافية محددة عن تلك المنطقة». وتأتي «الموجة» قبل أن يستوعب مستخدمي الإنترنت جيدا الخدمات المتوافرة في منتج «غوغل» المعروف باسم «التقليب السريع»، (Fast Flip) الهادف إلى توفير قراءة سريعة لمحتويات المواقع الالكترونية لكبرى وسائل الاعلام بما فيها محطة «بي بي سي» البريطانية.

هذا يعني أن غوغل تستمد عنصر القوة في وجه منافسيها من عنصرين أساسيين: الأول غزارة في إنتاج برمجيات وخدمات متطورة، الثاني تمتع تلك الخدمات والمنتجات بمواصفات إبداعية تعطيها قصب السبق في الأسواق التي تتم المنافسة فيها. وكما يبدو فإن «الإبتكار» و»الإبداع» على حد سواء، باتا سوية من ركائز معالم اقتصاد جديد أصبح يعرف بالاقتصاد الإبداعي. هذا الاقتصاد الذي لم يعد مادة نظرية يتلقاها الطلاب في مقاعد الدراسة، بقدر ما أصبحت إجراءات يلتزم بها وقيما يسلكها المنخرطون في بناء اقتصادات الأمم المتقدمة بما فيها اقتصادات دول صغيرة مثل النمسا، ودول كبرى مثل روسيا.

وفي النمسا، وهي إحدى الدول الصغيرة، نجد، كما يقول عنها الاقتصادي والمفكر ريتشارد فلوريدا إن «الطبقة المبدعة لديها السلطة والموهبة والقدرة على القيام بدور في تغيير هذا العالم، حيث تعدّ واحدة من كل عشر شركات، تابعة لقطاع الاقتصاد الإبداعي». هذا الاقتصاد الذي يعتبر شكلا رائدا يشجع الشركات الديناميكية في النمسا على تنظيم نفسها «في شبكات حتى تدعم بعضها البعض في استخدام التقنيات المتطورة وبحيث يكون إنتاج منتجات إبداعية في مركز اهتماماتها سواء كان الأمر يتعلق بالتصاميم أو بالفن المعماري أو بفنون الحاسوب».

أما في روسيا، وهي دولة من دول الاقتصادات الناشئة (Emerging Economy)، فنجدها تعالج أزمتها الاقتصادية من خلال اللجوء إلى الاقتصاد الإبداعي. فهي اليوم، وكما يقول عنها كبير الاقتصاديين في بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس، جيم أونيل، «تعتمد بشكل مفرط على صناعة الطاقة وانها تحتاج الى إصلاح جذري لتحسين مستقبلها الاقتصادي». ولم ينف الاقتصادي الروسي ليف فرينكمان، ذلك عن الاقتصاد الروسي الحالي المتخبط في أزمته، حيث أكد في مقابلة مع وكالة الأنباء الصينية «شينخوا» مشيرا إلى تخلف الاقتصاد الروسي بالقول «إن الأزمة المالية العالمية ستدفع الحكومة الى مضاعفة جهودها الرامية الى تحسين هيكلها الاقتصادي». لكن تحديد الحل الذي بوسعه المساهمة في انتشال الاقتصاد الروسي من أزمته جاء على لسان رئيس وزراء روسيا فلاديمير بوتين في يونيو/ حزيران 2009 حين أكد أنه رغم خفض الموازنة الفيدرالية لعام 2009، لكن «ستبقى النفقات للقطاعات العالية التكنولوجيا مثل الصناعات الفضائية والنووية كما هي».

وحسب التوقعات فسوف تنفق روسيا 9.66 مليارات دولار لتطوير هذه الصناعات. وكان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قد شكل لجنة متخصصة للتحديث والتطور التكنولوجي في مايو/ أيار 2009 بهدف «الإسهام في تحويل الاقتصاد القائم على السلع الى اقتصاد مبتكر».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2583 - الخميس 01 أكتوبر 2009م الموافق 12 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً