العدد 2582 - الأربعاء 30 سبتمبر 2009م الموافق 11 شوال 1430هـ

كي لا يُستغل الحراك المدني كمطية انتخابية

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

عند الحديث عن الجمعيات السياسية وحراك المجتمع المدني لا نقصد الخلط بين أدوارهم، ولكن أردنا تسليط الضوء على بعض الكتل السياسية والساسة التي تقوم بتوجيه هذا الحراك بأهواء سياسية لتحقق بعض المكاسب السياسية أو مصالح شخصية ضيقة.

إن المجتمع المدني هو جزء من المجتمع العام، وينطلق على أشكال شتى من التجمعات والروابط التي تقيمها فئات مختلفة من الناس للدفاع عن مصالح أو قيم معينة، بعيدا عن سلطة الدولة وخارج نطاق العلاقات العائلية أو المذهبية أو الحكومية لتحقق أهدافا غير سياسية.

وبما أن هذا المجتمع هو مجموعة المؤسسات والجمعيات والاتحادات، غير الحكومية وغير الرسمية التي ينضم إليها الأفراد بشكل اختياري وتطوعي، لممارسة العمل العام ومحاولة التأثير علي السلطة الحكومية وما تضعه من سياسات، بما يحقق المصلحة المشتركة بين أعضائها ويخدم قضايا عامة معينة. إلا أن من الملاحظ هناك بعض الجمعيات السياسية والتكتلات القبلية والطائفية بالإضافة إلى جهات أخرى تطرح نفسها كحراك مجتمعي أو مدني، لتتعدى صور العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني، لتأخذ شكل التنسيق، أو التنافس والصدام، بسعي من الجمعيات السياسية والساسة لاختراق هذا المجتمع.

إذا ما أردنا أن يتسم هذا المجتمع بالتعدد والتنوع الذي يستهدف تحقيق التوافق والتراضي، على هذا الحراك العمل في ميادين مختلفة باستقلال عن الحراك السياسي أو حكومة الدولة، فعلى المجتمع النأي بنفسه عن التجاذبات السياسية أو الحكومية أو حتى الفردية، لضمان استقلاليته، كما أنه كلما اتجه لزيادة موارده من الجهات الرسمية أو السياسية لطلب العون والمساعدة التي قد يتبعها تدخل تلك الأطراف الداعمة في شئون تلك المنظمات التي تحصل على هذا النوع من الدعم، ومن ثم تفقد بريقها وتضيع الأهداف المنوط بها.

وهذا يحدث لأن الشروط والخصائص المعنوية والأخلاقية، من المفترض أن تفوق الشروط المادية حيث الأهمية، وأقصد هنا، الاستقلال بحيث لا تتدخل الجهات الرسمية أو الجمعيات السياسية أو الساسة إلا بمبررات يقبلها المحكومون، كما يجب احترام النظام والقانون القائم، واعتماد الوسائل السلمية في التغيير، والتنافس، والشعور بالانتماء والمواطنة، وشيوع التسامح، وتبني الديمقراطية داخل المجتمع المدني لاستيعاب الاختلاف والتعدد وقبول الآخر، وتحقيق التكامل، وتجنب الانقسام والصراع والتمزق والتفكك، ولا أن يستخدم هذا الحراك كمطية سياسية في الدور البرلماني القادم.

ولبلوغ الهدف الأسمى على الحراك المجتمعي أن يقوم بدوره كحلقة للتوسط والوصل والاتصال، تربط بين الحكومة والمحكومين كما تربط مختلف الجماعات والأفراد.

إن كل ما تقدم هو من المفترض، ولكن ماذا عن الحراك المجتمعي على أرض الواقع، هل من وظائفه تحقيق النظام والانضباط في المجتمع، أو تحقيق الديمقراطية، أو الإسهام في عملية التنشئة السياسية والاجتماعية من خلال غرس مجموعة من القيم والمبادئ في نفوس الأفراد وعلى رأسها قيم الولاء والانتماء والتعاون والتضامن والاستعداد لتحمل المسئولية وتجاوز الاهتمامات المذهبية أو دعم الجمعيات السياسية أو حتى الاهتمامات الخاصة لمصالح شخصية ضيقة؟

على القائمين وخاصة الساسة منهم أن يعلموا أن الحراك المجتمعي من المفترض أن يلعب دورا في الوفاء بالحاجات وحماية الحقوق، ليكون بمثابة محامٍ يدافع عن المواطنين في مواجهة الدولة وحكومتها من ناحية، وواقع المواطن المعاش من ناحية أخرى، وتوفير قنوات للتعبير والمشاركة الفردية والجماعية ليملأ فراغ الثقة بين المواطن والسلطة التشريعية من جهة والحكومة من جهة أخرى إن وجدت، والمساهمة في جهود التنمية الشاملة الموعودة.

وإذا ما أردنا بلوغ ذلك؛ على المجتمع المدني الدخول في حوار عام ونقاش علني مفتوح بتنظيم الندوات والمحاضرات العامة وإصدار النشرات والمطبوعات الدورية.

وهنا أسأل: هل بعض القائمين على هذا النوع من الكيانات، وخاصة الساسة منهم على استعداد للقيام بذلك؟

أقول: يعد الحراك المدني الحقيقي داخل الدولة ضرورة لازمة؛ لأنه يحقق التوازن بين الفرد من جهة والسلطة التنفيذية والتشريعية من جهة أخرى، كما أنه يرفع مستوى أداء العمل الحكومي ويُحَجِّم من سلطوية المكونات السياسي على شئون الفرد، وخاصة فيما يتعلق بفكره بشكل مباشر.

كما نقول للساسة: إن من أهم مقومات العمل السياسي الناجح هو الصدقية متى ما توافرت بالقائمين عليها انعكست على مواقف وتوجهات التيار أو التكتل السياسي، وحتى تتوافر المصداقية تحتاج إلى وضوح بالرؤية والهدف وبالتالي يتفق مع ما ذكر من يتفق ويختلف مع ما ذكر من يختلف، ولكن يبقى الاتفاق والاختلاف هو المحرك الأساسي للنهوض بمجتمع مدني فاعل بعيد عن التجاذبات السياسية أو الحكومية لأن الهدف الأول هو تدعيم وتقييم من ائتمنوا على هذا المواطن سواء في التشريع أو التنفيذ.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2582 - الأربعاء 30 سبتمبر 2009م الموافق 11 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 7:44 م

      كلام كبير من كاتب كبير

      عندما اقرأ مثل هذا الكلام لا يسعني الا ان ارفع القبعة احتراما لك فقل من يتكلم بهذا الاسلوب وهو يعرف ان السهام سوف تتجه ناحية قلبه , اسئل الله ان يقويك ويسعد قلبك ويحميك

اقرأ ايضاً