للمرة الثانية خلال عشر سنوات يتابع العرب نتائج التنافس على مركز مدير عام منظمة اليونسكو، ويمنون بالخسارة. المرة الأولى كانت، عندما خسرها المرشح السعودي وزير العمل غازي القصيبي. واليوم يحبط العرب بفوز البلغارية إيرينا بوكوفا بفوزها على المرشح المصري فاروق حسني، بعد خمس دورات من الانتخابات انتهت بفوز بوكوفا بأغلبية 31 صوتا مقابل 27 صوتا نالها وزير الثقافة المصري فاروق حسني. بهذا الفوز تصبح البلغارية بوكوفا أول امرأة تتولى منصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، منذ تأسيس الأمم المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
ما أن أعلنت النتيجة، حتى انهالت التصريحات العربية، وعلى وجه الخصوص المصرية منها، التي تصنف ما جرى على أنه مؤامرة تقف وراءها «إسرائيل» ومعها «دول عظمى». تلك كانت فحوى تصريحات رئيس اتحاد الكتاب المصريين ورئيس اتحاد الكتاب العرب محمد سلماوي، حيث اعتبر أن ذلك راجع إلى «المعركة التي خاضها اللوبي اليهودي في الغرب». من جانب آخر، اعتبر مدير المركز القومي للترجمة جابر عصفور أن هذه النتيجة «أمر طبيعي لأن (إسرائيل) لن تسمح بذلك وهي على أبواب العمل الجاد لتهويد القدس العربية». في السياق ذاته صرح الناطق باسم حملة الوزير المصري حسام نصار لصحيفة «الحياة» اللندنية قائلا إن «النتيجة كانت ثمرة اتفاق اللحظات الأخيرة بين الدول العظمى على عدم تمكين فاروق حسني من الفوز بالمنصب». حتى حسني ذاته، لم يستطع أن يقاوم اللجوء إلى نظرية المؤامرة فوجدناه يقول، إن «بعض المؤسسات اليهودية وليست كلها ضد ترشيحه للمنصب نتيجة الخلط بين المواقف السياسية من ناحية والأخلاقية والإنسانية من ناحية أخرى».
لكن مَن تابع سير دورات التنافس، يلمس ببساطة شديدة أن ما جرى كان بمثابة صراع تنافسي، حشدت كل دولة ما تستطيع حشده من أصوات لصالح مرشحها، الأمر الذي أدى إلى اصطفاف - من الطبيعي أن يكون سياسيا نابعا من مصالح كل دولة على حدة - من أجل حسم التنافس لصالح المرشح الذي أو بالأحرى التي، نجحت دولته في إقناع، أو كسب الأصوات لصالحه. فأن تجرى خمس دورات من أجل الوصول إلى نهاية المطاف، يدفع باحتمال المؤامرة إلى الخلف، ويرشح بدلا عنه جهود تكتيل الصفوف ومساعي كسب الأصوات.
لن نستبعد استماتة تل أبيب من أجل الحؤول دون وصول أي عربي إلى هذا المنصب. فهي تدرك أكثر من سواها انعكاسات ذلك على الموقف العالمي في ميادين المعرفة المختلفة، والتي هي من اختصاص اليونيسكو، وفي مقدمتها القضايا الحضارية والثقافية، وفي القلب منها قضايا مثل تزوير التاريخ، كالذي تقوم به «إسرائيل» حيال العديد من الآثار الإسلامية، وعلى وجه الخصوص المسجد الأقصى. لكن هذه الفرضية تضع أمام الدول العربية، التي وحدت كلمتها من أجل وصول حسني إلى هذا المنصب أمام علامة استفهام كبيرة تقول لماذا فشل العرب، وهم الذين يفترض أن تكون بحوزتهم الكثير من الأوراق الرابحة، ونجحت «إسرائيل»، وهي التي تصعب الإشارة إلى أية ورقة رابحة واضحة بين يديها في هذا التنافس؟
فبالنسبة إلى العرب، وعلى المستوى السياسي، هناك مصر بثقلها الإفريقي وحجمها الدولي التي يمكن، لو أحسنت التخطيط وأجادت التكتيك، أن تكسب إلى صفها معظم، ولن نقول جميع الأصوات الإفريقية الموجودة في اليونيسكو، وإلى جانب مصر تقف السعودية بثقلها الآسيوي، ونفوذها الاقتصادي الإسلامي من خلال صناديق الاستثمار الإسلامية المنتشرة في العديد من البلدان الآسيوية والإفريقية الإسلامية، وفوق هذا وذاك هناك علاقاتها الإسلامية، إما بفضل مكانتها في المنظمات الإسلامية مثل رابطة العالم الإسلامي، ومنظمة الدول الإسلامية، أو جراء احتضانها لقبلة المسلمين، يضاف إلى ذلك حجمها المالي والاقتصادي بوصف كونها دولة نفطية عضوة في منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك).
حقيقة الأمر، أن هناك أسبابا عديدة تكمن وراء فوز بوكوفا وخسارة حسني، الأول منها شخصي والأخرى ذات طابع سياسي. إذ إنه على المستوى الشخصي تتفوق بوكوفا كثيرا على حسني، فسيرة الأولى كما نشرها موقع هيئة الإذاعة البريطانية، تقول إنها كانت من الطلبة البلغار المتفوقين الذين استحقوا الالتحاق بمعهد موسكو للعلاقات الدولية، ثم أهلتها درجاتها في ذلك المعهد كي تحصل على «منحة للدراسة في جامعة ميريلاند في الولايات المتحدة، التحقت بعدها بكلية جون ف. كينيدي في جامعة هارفارد». هذا على المستوى الأكاديمي، أما على المستوى المهني، فقد كانت إيرينا «أول نائبة لوزير الخارجية والمنسقة الرئيسية لعلاقات بلغاريا مع الاتحاد الأوروبي بين 1995 و1997 قبل أن تصبح لفترة وجيزة وزيرة للخارجية البلغارية من نوفمبر/ تشرين الثاني 1996 إلى فبراير/ شباط 1997». ومنذ العام 2007 تتمتع بوكوفا بعضوية المجلس التنفيذي لليونيسكو حيث تشغل منصب نائب رئيسة المجموعة الفرنكفونية للسفراء لدى هذه المؤسسة التابعة للأمم المتحدة. تتقن بوكوفا بطلاقة الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، هذا بالطبع إلى جانب البلغارية والروسية.
مقابل ذلك نجد سيرة فاروق حسني تقول إنه، أكاديميا، خريج كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية، دون أن يكون القصد هنا الإساءة إلى الكلية أو حتى الجامعة. أما على المستوى المهني، فقد بدأ حسني حياته المهنية بمنصب مدير قصر الثقافة بالإسكندرية، وفى العام 1971 تم اختياره ملحقا ثقافيا بالسفارة المصرية بباريس ومديرا للمركز الثقافي المصري هناك. وفي العام 1979 أصبح مديرا للأكاديمية المصرية للفنون في روما. توج ذلك بالعودة إلى مصر كي يتولى في العام 1987 منصب وزير الثقافة في مصر.
أما على المستوى السياسي، فقد آن الأوان للدول العربية أن تعيد حساباتها السياسية، وتحالفاتها الدولية إن هي أرادت خوض معارك من مستوى منصب مدير عام اليونيسكو. ومن منطلق سياسي، لا يمكن لعاقل سياسي إلا أن يقول «مبروك إيرينا و(هارد لك) فاروق».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2575 - الخميس 24 سبتمبر 2009م الموافق 05 شوال 1430هـ
مصر =اسرائيل
ماذا كان يعمل فاروق للمسلمين وبالاخص لفلسطنيين ؟؟؟هل نسي العالم وقوفهم ضد مساعدات الغزه !!!!!الله عرف الخونه لا نصره لهم!!!
مصر =اسرائيل
ماذا كان يعمل فاروق للمسلمين وبالاخص لفلسطنيين ؟؟؟هل نسي العالم وقوفهم ضد مساعدات الغزه !!!!!الله عرف الخونه لا نصره لهم!!!