لم يستحوذ كلام السفيرة الأميركية لدى الكويت دينا جونز على تعليقات الكتَّاب والصحافيين مثلما هو الحال مع «مترو دبي» بعدما أطفأها رئيس مجلس الأمة معتبرا أن التشبيه الذي أطلقته على عضوات وأعضاء مجلس الأمة «بالقطط والكلاب» أسيء تفسيره وفهمه وكان مجرد نكتة أو مزحة عابرة دون أن يحمل أي مضمون سياسي...
الحدث التاريخي بقي هو سيد الساحة على المستوى الخليجي بعد أن تسابقت وسائل الإعلام على نقله وبثه وبالصور الحية والطلعة البهية والشكل الجميل الذي أعطى لدبي صورة زاهية زادت من تألقها وتميزها.
ظاهرة دبي لم تزل تثير الرأي العام الخليجي وإن أصابها الوهن منذ الأسبوع الأول من بداية الأزمة المالية العالمية في أكتوبر/ تشرين الأول 2008. الحاصل أن هذه الإمارة قدمت نموذجا متفردا سبقت به الآخرين وحققت نجاحات برزت في الجوانب الاقتصادية والإدارة والنمو السريع الذي جارت به مدن «كوزموبولييته» مثل سنغافورة وكوالالمبور.
انطلاق «مترو دبي» جاء لينفض الغبار عن الكبوة التي أصابتها من جراء تداعيات الأزمة المالية وجعلتها «هدفا» يتم التصويب عليه في إطار مراجعة الحساب بعد الصعود «غير الطبيعي» الذي سجلته وبزَّت فيه جيرانها على مدى العشر سنوات الأخيرة.
الحدث التاريخي لم يمر دون وقفة، كان بمثالة المرآة التي نظر فيها المجتمع الخليجي إلى نفسه، ليحاكي معاناته ومشاكله، رأى من خلاله كم هي الإدارة فاشلة في الدولة التي ينتمي إليها، شاهد المترو وهو يعبر شوارع وأبراج دبي ليرى مآسيه ويندب حظه العاثر.
في الكويت كانت أزمة توقف محطة الصرف الصحي في منطقة مشرف لا تزال ماثلة للعيان وهي من المحطات التي بنيت حديثا وفي منطقة سكن نموذجية والكل يرمي بالمسئولية على الآخر، نواب يتهمون الحكومة بالتقصير والفشل، هيئات مجتمع مدني تنعى الإدارة الحكومية المترهلة والعاجزة عن إدارة محطة للمجاري وصحافة تفضح وتنشر المستور من سوء عمل المقاولين.
في هكذا أجواء من الإحباط واليأس من الإصلاح يأتي تدشين مترو دبي وبتوقيت ملائم للشكوى والغيرة والتنفيس عن المعاناة... فالنائب وليد الطبطبائي رأى في المشروع ألم وحسرة للحال الذي وصلت إليه الكويت «إذا صار أقصى طموحنا إنقاذنا من طفوح المجاري». وافتتاحية جريدة «الجريدة» أثنت على حاكم دبي هذا الإنجاز فقبل أربع سنوات قالت إن المترو سيفتتح يوم 9/9/2009 وبقيت على التزامها رغم الأزمة المالية وتأثرها بها ولهذا تمنت أن تمتد تلك العدوى إلى باقي العواصم الخليجية وأن تكون تلك الإدارة التي أشرفت على تحقيق ذلك الإنجاز مثالا يحتذى به في الكويت. بدلا من إحصاء عدد المواليد الجدد الذي صادف يوم 9/9/2009 وشهدته المستشفيات الخاصة وفي معظم أقسام الولادة إذ سجل هذا اليوم رقما مضاعفا في العلميات القيصرية وحتى الولادة الطبيعية بحسب تقرير كتبته الزميلة منال المكيمي في الصحيفة نفسها لتخلص منه إلى عقد مقارنة بين دبي التي سجلت في هذا اليوم حدثا اقتصاديا فريدا في الشرق الأوسط وبين الكويت التي تحصى فيها عدد المواليد».
أنفاق دبي فتحت النقاش عن الأزمات الحكومية والتساؤل عن الأموال الفائضة إلى أين ذهبت بعدما «أدخلت الحكومة البلد منذ سنوات في نفق الضياع» كما جاء في مقال د.عبدالمحسن المقاطع في صحيفة «القبس» تحت عنوان «أنفاق دبي... وأنفاق الكويت»! وكما ربطت د. أماني بورسلي بين «أزمة الصرف الصحي... ومترو دبي» في تعليق لها «متى ستقف الكويت وقفة جدية لاتخاذ قرارات حازمة لاسترجاع مكانتها القيادية في الستينيات والسبعينيات».
تشغيل «الخط الأحمر» بمشروع المترو وبكلفة وصلت إلى نحو 8 مليارات دولار تموِّل عن طريق إيرادات هيئة الطرق والمواصلات أشعل الإشارات الحمراء في مدن الخليج العربي التي أصابها شيء من الحسد لافتقارها هذا النوع من وسائل المواصلات الحديثة داعية إلى «تقليد» دبي، عندها ستكون الشوارع أحلى ولاسيما أن معظمها تمتلك مخططات وضعت بالأدراج منذ نهاية السبعينيات لكنها لم ترَ طريقها للتنفيذ.
صوت المترو في دبي سمع في صنعاء كما في باقي العواصم الخليجية وأحدث هزَّة من النوع الذي تطالعه في الصحف والمواقع الإلكترونية اليمنية وكيف أن حكام دبي يهدون شعبهم أحدث ما أنجزته التكنولوجيا وهنا يهدون الموت في صعدة في الوقت الذي «مازلنا محرومين فيه من الكهرباء» على حد تعبير الكاتب الصحافي عادل الأحمدي.
ستكتشف كم هي لغة الشارع الخليجي محبطة إزاء ما يراه في هذه الإمارة التي أخذت عينه وعقله، فموقع «لجنة الكويتيين البدون» يزخر بالتعليقات الساخرة والمؤلمة ويتساءل أحدهم «ودي أعرف بشنو تفرق الإمارات عن الكويت». أي يتمنى أن يعرف بماذا تتميز الإمارات عن الكويت وما هو الفرق بينهما...!
صحافة الإمارات شعرت بالزهو ورد الاعتبار للدولة والإمارة بعدما تعرضت «لحملة إعلامية مغرضة تستهدف النيل من تجربة دبي» ونظرت للمشروع بكونه يدشن لثقافة جديدة تقوم على الانتقال بوسائل المواصلات العامة وبكونه «الأول» من نوعه في المنطقة استكمالا لمقولة، الأفخم والأطول والأكبر وكل أدوات التعظيم والتفخيم التي تحرص عليها وتتبناها، ولتضيف المترو إلى قائمة المعالم السياحية في البلاد.
الإبهار الذي أحدثه المترو الجديد أضاف عنصر قوة لهذه الإمارة التي انعكست آثاره على الشارع السعودي من خلال مجموعة من كتاب الرأي ومن بينهم الكاتب «ياسر سعيد حارب» في صحيفة «الوطن» والذي طالب بإرسال شباب سنغافورة للتعلم من تجربة دبي! التي لم تكن لتشهد هذا المترو «لو كانت تعوم على بحر من النفظ» في إشارة إلى باقي دول المنطقة وكنوع من المحاكاة للواقع الذي يعيشون فيه ومن بوابة الدين والسياسة التي أبعدت دبي نفسها عنهما ولم تستخدمها لغرض حجر غير صحي على العقول والأفكار النيرة، «فعربات المترو ستفتح أبوابها كل يوم مع إشراقة الشمس، لتستقبل كل من يؤمن بأن الدين والسياسة وجدا لمصلحة الإنسان»... أما د.سالم أحمد سحَّاب من صيحفة «المدينة» بعد أن استعرض الحدث وبارك بالمولود الجديد طرح السؤال: «متى نرى في الرياض وجدة مشروعا مماثلا؟ ولماذا نحن دوما متأخرون عن الآخرين؟ لينهي مقاله «كل ما نحتاجه إرادة حازمة ثم شفافية بالغة وتطبيق لمبدأ الفرص المساوية».
تفاوتت الردود من دولة إلى أخرى وإن أجمعت على حالة التردي والجمود والحسرة على ما آلت إليه الأوضاع، لكنها كانت فرصة للتعويض والتنفيس عن ما أصابهم، فأحمد العبيدلي كتب في صحيفة «الوقت» بالبحرين يستنكر ما قيل بحق دبي إذ إن الكثير مما ذكر عن تأثيرات الأزمة لم يكن صحيحا وإن «تقنية» عدم وجود سائق للمترو، وفَّرت ما يقرب من 50 إلى 100 سائق أجنبي في الخليج وتلك صدفة ليست سيئة!
ثقافة المترو مصطلح جديد أدخله الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى المنطقة جعل أبناءها يتوجهون بالدعاء في هذا الشهر الفضيل «بالله يا رحمن نسألك أن ترزقنا المترو كما رزقت دبي».
سعادة أهل الإمارات وقياداتها السياسية بالضيف الجديد تشبه تماما سعادتهم بأول طائرة أقلعت لشركة طيران الإمارات وأول حاوية تم إنزالها في مرفأ راشد كما وصفها حاكم دبي ورئيس وزراء دولة الإمارات العربية الذي أعاد الإمارة إلى عين العاصفة بعد أن هدأت قليلا وتستأنف ماكينتها الإعلامية دورانها من جديد في سباق مفتوح إلى الحد الذي لم تعد فيه قصة السلحفاة والأرنب ذات شأن ودلالة.
وبانتظار «مترو أبوظبي» الذي يعتبر أضخم وأهم مشروع مستقبلي للنقل في العالم الذي راجت أخباره بعد أسبوع من بدء مترو دبي.
العدد 2573 - الثلثاء 22 سبتمبر 2009م الموافق 03 شوال 1430هـ
دبي اولاً
حسب معلوماتي ان بيجي بعد دبي ( الرياض وجدة و الدوحة ) ثم الكويت ثم المنامة وبعدها ابو ظبي
لحد يفهم غلط ماقصد اساءة لكن بعد تصفحي عرفت ان
:
الرياض و جدة و الدوحة تتجهز وقريباً بتشتغل قطاراتها وبتكون حديثة جداً
الكويت : لا تعليق
المنامة : بعد 10 سنوات تقريباً
أبو ظبي : عشان المشروع كبير بيتأخر شوي
وتستاهل دبي .
ماشاء الله
وعلى نياتكم ترزقون.....حكام دبي صفوا نياتهم مع شعوبهم ....الله رزقهم من غير حساب ماشاءالله الله يزيد خيرهم
مترو فى السعودية
معقولة يا شيخ تتصور مترو فى السعودية؟
طيب ممكن تشرح كيف؟
أول شيء تحتاج كباين للنساء وكباين للعوائل وكباين للعزاب وكبائن للمقيمين وكبائن للآسيويين؟
يعني هالشالفة تبغي ليها قرن حتى نعرف كيف راح تكون.
وبعدين كيف راح يضبطون الوقت ؟ يعني هل راح يكون المترو ماشي على الساعة أم على البركة وحركة الرياح.
الأمل أن تخطو قطر والبحرين لتحذو حذو دبي وبتمويل قطري لعمل مترو لائق ينقلنا من عاصة الى أخرى ويمكن أن يمر على الأراضي السعودية ولكن لا أن تكون ادارته أو تشغيله من السعودية ؟!!