كما أوكلت مهمة مساعدة ألمانيا بعيد الحرب العالمية الثانية في إقامة ديمقراطية ناجحة فيها بعد زوال حكم الدكتاتور أدولف هتلر، إلى مركز ولتون بارك الذي تأسس في العام 1946، يبدو أن السيناريو والمهمة سيتكرران - وإن بأشكال مختلفة - ولكن هذه المرة في منطقة الخليج العربي.
يعتبر مركز ولتون بارك، أحد العقول التي تفكر من خلالها وزارة الخارجية البريطانية والذي يوصف باللغة الإنجليزية المدققة بأنه: «مركز متميز للنقاش الأكاديمي المستقل لوزارة الخارجية والكمنولث».
فقد أعلنت المديرة المساعدة للمركز إيزابيل جاك، نتائج مؤتمر مصغر عقد في بداية الشهر الماضي في غرب ساسكس في بريطانيا تحت عنوان «الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العالم العربي» وحضرته مجموعة مختارة من الباحثين ـ ومن بينهم عرب ـ للبحث في أمر بات هاجس الغرب، الذي أخذ ـ كما يبدو ـ يعيد قراءة المنطقة من النواحي كافة، بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وكذلك بعد الحرب على العراق.
يعنى الملخص ـ الواقع في اثنتي عشرة صفحة ـ بمسائل الإصلاح السياسي والاقتصادي، وإنصاف المرأة، وإقامة المجتمع المدني، والتغير السكاني، ومجتمع المعرفة والإعلام، ونتائج الحرب على العراق، وانتهى إلى بحث كيفية دعم الغرب للتوجه الإصلاحي.
ولحظ الملخص أنه، مع أن المشاركة السياسية ينظر إليها على أنها «من الإسلام»، فإن التطور الذي حققته هذه المشاركة في المنطقة العربية يقل عن مثيله في بلاد إسلامية أخرى. وإذ يشير التقرير إلى خطوات التطوير في دول مجلس التعاون فإنه يبين ان ذلك ربما تم فقط لتأثيرات حرب الخليج الثانية، ولتزايد الحضور الاقتصادي للعولمة وما تتطلبه من شفافية.
وإذ يثار الجدل في شأن انفتاح دول مجلس التعاون على الإصلاحات، يسأل البعض عما إذا كان ما تم حتى الآن ـ وإلى حد كبير ـ عبارة عن أعمال خادعة أو مجرد مظاهر خارجية.
وأضاف التقرير أنه على رغم أن بعض دول مجلس التعاون غنية ـ نسبيا ـ فإنها لم تعد تتمتع بالدخل الذي كانت تحصل عليه أيام الازدهار النفطي في السبعينات، وباتت تعاني من نقص في الموازنة، وأصبح بعضها يفكر في جعل مواطنيهم «يدفعون» لقاء الخدمات التي تمتعوا بها بالمجان زمنا طويلا، بل ان بعض الدول أخذت تفكر في فرض ضريبة الدخل. وما أن تطالب حكومات الخليج مواطنيها بدفع الضرائب لتحمل تكاليف سير أعمال الحكومة، حتى تبدأ الجماهير في المطالبة بممارسة المراقبة وتعزيز الديمقراطية.
البارز في الأمر، أن اللهجة البريطانية ـ الحذرة التي تختلف عن مثيلتها الأميركية الأكثر هجومية وجذرية في معالجتها للأمر ـ عادت لتؤكد حين صدور ملخص المؤتمر، أن التلخيص «يعبر عن انطباعات محررة لأعمال المؤتمر ولا يعبر في ذلك لا عن وجهة نظر المركز ولا حتى عن وجهة نظرها الشخصية».
تظل طبيعة التقرير تشير إلى رؤية أقرب إلى طبيعة السياسة البريطانية التي نرقبها تعمل، ولربما تساعد في فهم العقلية التي تسير الأعمال في البصرة ونواحيها، كما تشير إلى المواقف من الإصلاحات الأخيرة في الخليج
العدد 257 - الثلثاء 20 مايو 2003م الموافق 18 ربيع الاول 1424هـ