العدد 2557 - السبت 05 سبتمبر 2009م الموافق 15 رمضان 1430هـ

الأمن المائي والأمن الغذائي... ما بين الموازنة أو الخيار؟ (7 - 7)

لحل أزمة الأعلاف لابد من البدء في الأعلاف التي تتحمل الظروف الجوية الحارة وملوحة المياه العالية كبدائل تكميلية مثل زراعة أصناف كـ»البلوبانيك»، حيث يزرع طول العام ويتحمل حرارة عالية وملوحة تصل عشرة آلاف جزء في المليون - ونجحت زراعتة بمملكة البحرين تحت نظام الري بالتنقيط، وينتج الدونم منه (أي 1000 متر) كمية تصل إلى 10 أطنان، كما لابد من التوجه للأنواع التي تزرع بماء البحر مباشرة، مثل أعلاف الساليكرونيا، حيث نجحت زراعته بالبحرين، وحسب التجربة تبين أنه يتحمل ملوحة تصل إلى 18 الف جزء في المليون، برغم أنه يتحمل ملوحة أكثر من ذلك، ولكن هذا طبقا لبيانات التجربة، وهو علف جيد للحيوان ولكن يفضل خلطه مع أعلاف أخرى حتى يبدأ الحيوان التعود عليه

وكذلك نبات «الليبتاكل» وهو من النباتات التي تتحمل ملوحة عالية ويبلغ إنتاج الهكتار الواحد 40 طن علف أي الدونم 1000 متر يعطي إنتاجا يقدر بـ 4 أطنان علف، ولذلك نعرض تلك الطرق وتلك الإحصائيات ليكون أمل الموازنة ما بين الأمن المائي والأمن الغذائي مازال ممكنا، ولكن مشروط بأن يقدر الجميع مدى المسئولية التي يجب أن يتحملها كل شخص بدوره، بداية من المدرس داخل المدرسة وكيف يغرس مبدأ الحفاظ على النظم البيئية إلى سلوك وعادة، بالإضافة إلى مسئولية الأسرة لأنها هي التي تغرس السلوك اليومي للأطفال وواجب الإعلام بكل قنواته سواء الحكومي منه أو الخاص، لأنها قضيتنا جميعا فالكل مسئول ومطالب بأن يتولى دوره من خلال العمل القانوني المثالي، حتى لا تتداخل التطبيقات فتعيق العمل وبهذا المبدأ الجماعي قام وزير شئون البلديات والزراعة بدعوة أهل الاختصاص لمناقشة الرؤية الاستراتيجية للزراعة بمملكة البحرين بصرف النظر عمن يعملون تحت مظلة الوزارة أو من خارجها ولذا كان اللقاء مثمرا، حيث ضم الكثير من الباحثين والمتخصصين سواء في المياه أو في الإنتاج الزراعي أو جهات مالية ممولة مثل بنك البحرين للتنمية وكذلك من القطاع الخاص المسئولين على القطاع التسويقي، حيث كان اللقاء ناجحا بالفعل وخرج بخيار التوسع بإنشاء الحاضنات الزراعية المثالية التي تحقق إنتاج عالي وتوفر المياه لتحديد الأساليب الزراعية المتبعة رافقه إعلان بنك البحرين استعداده للتمويل، الأمر الذي من شأنه إحداث نهضة في إطار التنمية المستدامة - ونأمل ألا يطول الأمر لنرى نماذج للحاضنات الزراعية وكذلك حاضنات تربية الحيوان على أن نختار مكانها بعناية فائقة حتى تسمح بنسبة من زراعة أشجار الحماية البيئية التي تنقي الجو المحيط من غاز الميثان الناتج من تربية الأبقار - ولكن لابد من تحديد تقييم فعلي للموارد أيضا لدراسة إنتاج اللحوم وجدواه الاقتصادية وكذلك مشاريع تربية الأسماك.

رافق كل ذلك تقدم مستثمرين ممن لديهم مشاريع رائدة بالعمل الزراعي المتكامل، وعرضوا البدء فورا في إنشاء المشاريع التي من شأنها المساهمة في سد الفجوة الغذائية، والمباشرة بالعمل عبر التمويل الذاتي.

من جهتنا نأمل استثمار الجميع في هذه الفرص حتى يبدأوا ويفتحوا الطريق للآخرين لأن الخوض في العمل بالآليات الحديثة يتطلب تقنيات ذات تكاليف عالية، لن تمكن المزارعين ذوي الدخل المحدود أو المتوسط بالتفكير في المجازفة بأخذ قروض من بنك البحرين للتنمية، إلا إذا وجد وشاهد أمثلة تطبق التقنية وبصورة بسيطة وتحقق عائدا. وبدون هذا لن تخرج الزراعة من كبوتها إلا من خلال مشاريع ريادية يتمتع أصحابها بالحس الوطني والاقتصادي. وهنا أيضا يبرز دور الوزارة في رعاية هؤلاء المستثمرين وتذليل الصعوبات وتسهيل الإجراءات بالتنسيق مع الوزارات الأخرى لتحقيق الهدف المنشود، لأن هذه الطرق الحديثة لابد لها من توافر طاقة مناسبة، خصوصا وإننا نرى الوقت لم يعد يمضي في صالح أي من الدول العربية، حيث تتضاعف فاتورة الغذاء التي تدفع لتوفير الغذاء من سنة الى أخرى حتى وصلت الى 12 مليار دولار سنة 2008 بل وسوف تزداد بزيادة عدد السكان الذي خرج عن الحسابات مشكلا بذلك متواليات كنا قد عرضناها سابقا.

اقتراح مشروع قومي للزراعة المنزلية وزراعة الأسطح

الزراعة المنزلية وما نعنيه هنا هو الزراعة المنزلية المنتجة سواء بالحديقة ممن ليس لديه توجه بالتوسع في زراعة الأسطح، فهناك نماذج تقدر بالأمتار تعد لذلك، ويتم تمويلها من خلال البنوك ولدينا بنك البحرين للتنمية نموذجا رائعا بجانب الكثير من البنوك التي لديها الرغبة في الاستثمار بهذا المجال ولكن يجب أن تسبق هذه الخطوة، هو إنشاء ورشة عمل دائمة مدتها أسبوع وتتكرر لتعليم المواطنين أسس الزراعة الحديثة من واقع إنتاجي حتى لو كانت تلك الورشة في أحد الحدائق التي يرتادها المواطنون بعمل نموذج مثالي لحاضنة منتجة للتدريب بحيث تكون في فترة مناسبة حتى يتمكن أكبر عدد من المهتمين من زيارتها والتدرب عليها كخطوة أولى لنشر فكرة زراعة الأسطح وهي مساحات كبيرة وغير مستغلة برغم توفر جميع احتياجات البنية الأساسية من توافر توصيل المياه والكهرباء، ولا نخشى من استخدام كمية المياه المحلاة نظرا لقلة كميات المياه المستخدمة نسبيا، وبذلك نحقق فوائد كثيرة هو توافر بعض الاحتياجات المنزلية وتعتبر مصدر رزق لأن كمية المنتج يمكن تسويقه من خلال منافذ بيع بديلة ونعلم أطفالنا الترشيد لأننا سوف نجني ما نحتاجه بنفس الوقت، وربما أهم المكاسب هي في تعويد أطفالنا كيف يكونون شركاء في حل المشكلة الغذائية.

نعم، قضية الأمن المائي والأمن الغذائي هما قضايا في غاية الأهمية، ولذا لابد أن تتضافر الإرادة والرؤية نحو الترشيد في استخدامات المياه والطاقة، وهذا دورنا الذي يجب أن نتخذه سلوكا نحافظ به على الإنجازات التي تحققها القيادة السياسية من خلال وعي كامل لبناء المستقبل.

إن لإنشاء مجلس للمياه بمبادرة من ولي العهد صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، بالإضافة إلى الكثير من القرارات التي صدرت ومن شأنها المحافظة على المياه الجوفية مثل تحديد عدد الآبار المقامة وتحديد مواصفات البئر الارتوازية لتقنين عمق المياه والسرعة في إنشاء مشروع معالجة مياه الصرف الصحي، كلها تبرهن على شمولية الرؤية في البحرين لما تستدعيه المرحلة، والحرص على سلامة وجودة المياه لتحقيق الأمن المائي. وكل ما علينا نحن كمستخدمين ومستفيدين للمياه التي هي أهم العناصر لتوفير الغذاء أن نطبق مبدأ الإدارة المائية في منزلنا ومدرستنا ومصانعنا ومزارعنا عن قناعة ورغبة حقيقية حتى لا يأتي يوم على الوطن العربي يفرض عليه سيناريوهات تحمل في طياتها مبدأ «النفط من أجل الماء»

العدد 2557 - السبت 05 سبتمبر 2009م الموافق 15 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً