لا نذهب متمترسين بمبالغة في القول: إن أمين صالح، هو ضمير الثقافة الإبداعية في البحرين، بثقافته واشتغالاته الشاملة والمتنوعة، وهو شمول وتنوع فيه من العمق والقيمة ما يبهر ويصدم. اللقاء المنشور اليوم، يكشف عن «حرقة» لم يصرح بها صالح طوال عقود من اشتغاله بالكتابة تنوعا، تتعلق بالنقد الغائب، وارتباط ذلك بطبيعة ثقافة مكرسة مزمنة في بنيتها ونيتها وتوجهها.
اللغة الحادة والشفافة في الوقت نفسه، التي يكتب بها أمين صالح، تنبئ عن مثقف استثنائي، ليس في الدائرة القطرية الخليجية فحسب، اذ له حضوره الفاعل والمؤثر والاستثنائي في الدائرة العربية المفتوحة.
ويمكن القول، إن عزلة انتخبها صالح، أنتجت أضعافا مضاعفة من الفعل الابداعي الذي نأت عن تمثله وحمله العصبة أولو القوة!
بالنسبة إلي، منذ إصدارات أمين صالح المبكرة حتى اليوم، أتعامل معه كصوت بدأ قويا ومختلفا ومغايرا في لغته ورؤيته ونظره إلى العالم. لغة إصداراته الأولى مفعمة بالتأسيس المختلف عما عهدناه في أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات من محاولات هي في الصميم من التأسيس لرؤية اللغة، ولغة الرؤية/ الرؤيا وما يستتبع تلك الرؤيا. كان إشكاليا ومربكا بما طرحه من أعمال. كان مختلفا لا يشبه سواه.
نكهة خالصة في حفره الخلاق. في إمساكه الملفت بتفاصيل نكاد لا نراها. حتى في أعماله المترجمة، تجد صالح حاضرا وبقوة في لغته، يعمد إلى تقويم النص الذي يترجم عنه بلغة قادرة على الاستفزاز في الجانب المحفز والمحرض من ذلك الاستفزاز. فقط ارجعوا إلى ترجمته لـ «فلليني» ستكتشفون الكم الشعري الذي تمت إضافته إلى شعرية فلليني نفسه.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 2554 - الأربعاء 02 سبتمبر 2009م الموافق 12 رمضان 1430هـ