رويدا رويدا بدأت المواقع الاجتماعية مثل فيسبوك «Facebok» وتويتر «twitter» تتحول من مجرد أماكن للدردشة وتبادل الرسائل القصيرة إلى قنوات للتواصل يستخدمها المشاهير من أمثال النجم الأميركي أشتون كوتشر، والإعلامية الأميركية الين ديجينيريس والقادة من أمثال الرئيس الأميركي باراك أوباما، بل بعض الشركات الإعلامية من أمثال شبكة «سي إن إن» الإخبارية، التي باتت لها صفحة خاصة بها على «فيسبوك». لكن تنامي هذا الاتجاه البعيد بعض الشيء عن المحور الأساسي الذي انطلقت من فوق منصته تلك المواقع، لا يعني أن هذا الاتجاه هو السائد، إذ تقول الأرقام إن الدردشة والأحاديث الخاصة لاتزال تشكل النسبة الأعلى من محتوياتها. هذا من جانب، ومن جانب آخر تؤكد الكثير من الدراسات أن هذه المواقع لم تحقق بعد عمق الانتشار المتوقع لها مثلما حظت به مواقع أخرى مثل «غوغل» و «ياهو».
ومن بين تلك المواقع جميعا حظي «فيسبوك» بحصة الأسد من الاهتمام العالمي، ولذلك كان الأكثر شهرة، والأسرع وتيرة نمو على الإطلاق، ومن دون أي استثناء. لكن يبدو أن «تويتر» بدأ يقترب من «فيسبوك» في هذه المرحلة من سباق كسب الزوار والأعضاء، وتعدد أشكال الخدمات وتنوعها.
في البدء، لابد من التأكيد مرة أخرى على استمرار استئثار الجوانب الاجتماعية الشخصية وسيطرتها على مكونات «تويتر»، هذا ما تكشفه دراسة حديثة قامت بها المؤسسة البحثية الأميركية «بير أناليتكس» ونشرها موقع «سي إن إن» العربي، حيث تقول «إن 40 في المئة من الرسائل التي تبث على موقع Twitter هي أساسا للتواصل الاجتماعي، وهي عبارة عن ثرثرة خالية من المعنى و38 في المئة من الرسائل، حوارات تتضمن تبادلا للمعلومات بين مستخدمي الموقع و5 في المئة من الرسائل يحتوي على دعايات لشركات وأشخاص، وإن 3 في المئة فقط من الرسائل كانت تنقل أخبارا مهمة، و3 في المئة أخرى من الرسائل كانت تحتوي على فيروسات».
هذا لا ينفي، وهو ما تجدر ملاحظته ومراقبة نموه، أن هناك اتجاها متناميا لاستخدام الموقع منصة فعالة للتواصل الجدي، وعلى وجه الخصوص في بعض المناسبات المهمة، حيث يغتنم مستخدمو الموقع المناسبات كي يحولوها إلى مادة غنية لتبادل الآراء فيما بينهم.
هذا الاتجاه لمسه زوار الموقع خلال انتخابات الرئاسة الإيرانية الأخيرة، إلى درجة أن الموقع شد اهتمام ومشاركة أنصار معظم الكتل الانتخابية هناك، وكذلك كان الأمر مع اقتراب شهر رمضان الكريم، حيث نقل مراسل موقع «إسلام أون لاين»، أحمد إمام، مجموعة من المداخلات التي زخر بها الموقع مثل تلك الحملة التي أطلقها مشارك يدعو نفسه محمد استخدم فيها ملصقات إلكترونية، صممت بشكل ذكي، أخذت تدعو إلى «إلى الحرص على الصلاة والصدقة وصلة الأرحام والدعوة إلى الخير والحرص على قراءة القرآن الكريم»، والأخرى التي بثها الداعية الأميركي المقيم بولاية نيوجيرسي من خلال «400 مشاركة ضمنها مواعيد بث محاضراته على قناة الهدى التي تبث باللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى بعض الأدعية والنصائح الدينية».
لكن مثل هذا الاهتمام والتشعب، لا يعني إطلاقا أن الموقع بات شعبيا ومتغلغلا عميقا في صفوف مستخدمي الإنترنت على النحو الذي تروج له المؤسسات الإعلامية. ولربما تصدمنا بعض الحقائق هنا:
تقول دراسة قامت بها كلية الاقتصاد في جامعة هارفرد الأميركية عن المجتمع الكندي، وهو من المجتمعات، التي توضع في خانة متقدمة، عندما يتعلق الأمر بالنسبة التي يشكلها مستخدمو الحاسوب إلى عدد السكان الإجمالي، أو نسبة مستخدمي الإنترنت لهم، سنجد أن «74 في المئة من الكنديين لم يسمعوا بخدمة تويتر، ونسبة 1.45 في المئة فقط هي التي تستخدم هذه الخدمة، معظمهم من الشباب والمهنيين أو في الجامعات، وان 10 في المئة فقط من مستخدمي تويتر هم من ينتجون 90 في المئة من مضمون هذه الخدمة».
الصورة ذاتها تتكرر على المستوى العربي، حيث بدأ الموقع، في الآونة الأخيرة، يحظى باهتمام متزايد في صفوف مستخدمي الإنترنت العرب، فعلى رغم أن الدراسة التي أجرتها شركة الاستشارات والعلاقات العامة «سبوت أون» (Spot on Public Relations)، والتي تتخذ من دبي مقرا لها، ونقل ملخصا لها موقع «أي إم إي إنفو»، تسودها نزعة تفاؤلية، إذ تقول إن «انتشار الموقع الاجتماعي الشهير تويتر تضاعف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 3 أضعاف، إذ قفز خلال العام 2009 من 100 في المئة إلى ما يقارب الـ 300 في المئة»، فإننا بالمقابل، وعلى المستوى العربي أيضا نجد أن أرقام عدد الزوار لاتزال متواضعة بالنسبة إلى عدد السكان أو حتى بالنسبة إلى مستخدمي الإنترنت، إذ تتوقع الدراسة ذاتها، أن «يرتفع عدد أعضائه من الآلاف إلى عشرات الآلاف، وأن ثمة 12266 مستخدما لـ (تويتر) مسجلين في العالم العربي، وتضم دول مجلس التعاون الخليجي حاليا 8212 مستخدما مسجلا في الموقع».
من كل ذلك نخلص إلى حقيقتين أساسيتين، أولاهما أن هناك مشوارا طويلا في انتظار تلك المواقع الاجتماعية، و «تويتر» نموذج حي لها، كي تتحول من مجرد مواقع للدردشة، إلى أخرى أكثر غنى من حيث المواد والتطور على صعيد الخدمات، والثانية، أنه على رغم كل الضجيج الإعلامي الذي يحيط بها، لاتزال بعيدة عن الوصول إلى مستوى الكتلة الحرجة التي تؤهلها للدخول في منافسة جادة من بوابات عريقة من أمثال «غوغل» و «ياهو».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2553 - الثلثاء 01 سبتمبر 2009م الموافق 11 رمضان 1430هـ