بوصف كونه مالكا لسجل تجاري حضر اجتماع الجمعية العمومية غير العادي الذي خصص لمناقشة «مسودة مشروع قانون الغرفة».
لم تسمح له الظروف بالبقاء حتى نهاية الاجتماع، لذا فما ينقل هنا من ملاحظات تغطي الفترة الأولى منه، ومن ثم فلم يقف صاحبنا عند تفاصيل النقاشات التي دارت، بقدر ما أن يمدني ببعض الإشارت المضيئة التي تعين على تقويم المحصلة العامة النهائية لما انتهى إليه ذلك الاجتماع.
لكن قبل الانطلاق نحو ذلك، لابد لمن يريد أن يكون منصفا من تسجيل الملاحظات التالية:
1. الاعتراف بصحة وسلامة الخطوة التي أقدم عليها مجلس الإدارة الحالي، حينما انبرى، وبادر أيضا إلى صياغة هذه المسودة وطرحها في اجتماع جمعية عمومية غير اعتيادي، فبهذه الخطوة الجريئة، إنما هو، يؤكد استجابته لضرورتين، الأولى يقينه بتهالك الأنظمة الحالية التي تسير أعمال غرفة تجارة وصناعة البحرين وأن الأوان قد آن لتطويرها، حتى وإن احتاج الأمر لنسفها من الجذور، كي ترتقي إلى مستوى قانون يحظى بموافقة الجهات التشريعية والتنفيذية ذات العلاقة، والثانية أهمية أن يتم ذلك بعد مشاركة الجمعية العمومية المباشرة في اتخاذ القرارات الصحيحة بشأنها، وفوق هذه وتلك ينبغي تثمين هذه الخطوة التي تعبر عن جرأة ومسئولية في آن.
2. خطأ توقيت مناقشة الموضوع في هذه المرحلة بالذات، إذ إن الغرفة على أبواب انتخابات قبل نهاية هذا العام، ومن ثم فقد كان حريا بالمجلس الحالي إما أن يقدم هذه خطوة وهي متعلقة بالتغيير الاستراتيجي إلى مرحلة أخرى مبكرة وتحديدا المرحلة التي تلت نجاحه في استلام مهامه، أو أن يتركها إلى حين الانتخابات المقبلة، وتكون من مهمة المجلس القادم.
هذا التوقيت، بغض النظر عن النتائج التي سيؤول لها الاجتماع ستربك المجلس الحالي، وستثقل كاهل ذلك القادم.
3. قصور الترويج وممارسة الضغط (Lobbying)، ونحن نفترض هنا اقتناع المجلس (الغالبية، وليس ضرورة أن يشمل ذلك جميع الأعضاء).
إن مشروع تغيير استراتيجي بهذا المستوى، يتطلب نجاحه، حتى في حال عدم وجود معارضة حادة له كالتي يتحدث عنها كل من حضر الاجتماع، اهتماما أكبر بكثير من ذلك الذي أولاه إياه المجلس الحالي، نظرا لانعكاساته العميقة المتولدة عن إقراره على آلية عمل الغرفة وأنشطة لجانها. أكثر من ذلك، وعلى المستوى الخارجي، من الطبيعي أن يكون للقانون انعكاسات عميقة ترسم معالم وأطر علاقات الغرفة مع كل مؤسسات المجتمع الأخرى، بما فيها السلطتين: التنفيذية والتشريعية.
بعدها ننتقل إلى جوهر النقاش، مع التأكيد على أننا نغطي فترة معينة منه فقط. سؤال يثور أمام من تابع المداخلات التي تمت بشأن آلية البدء في مناقشة المشروع، على ماذا اختلف تجار البحرين في ذلك الاجتماع الذي تسربت سخونة نقاشاته كي تشمل كل صالات اجتماعات مركز المعارض؟
ونبدأ هنا بالمناقشات التي دارت بشأن آلية مناقشة المشروع، ففيما اقترح رئيس المجلس الإداري الحالي عصام فخرو البدء بمناقشة المادة 15، انطلاقا من كونها - حسب رأيه - المادة الأهم والأكثر إثارة لتباين وجهات النظر، مع إصراره وتكراره وبهدوء، على أن ذلك لا يعني إطلاقا، حجب مناقشة المواد الأخرى، انبرى من بين الأعضاء الكرام من أصر على مناقشة المشروع بشكل متسلسل من أول مواده حتى آخر واحدة فيه. إذا كانت نقطة الخلاف الأولى غير المبررة هي كيفية البدء في النقاش، عوضا عن ماذا يجب أن يناقش؟ لذلك، وبدلا من أن ينصب اهتمام الحاضرين على ماذا يناقشون، أهدروا وقتهم وركزوا جهدهم على كيف يناقشون. والفرق بين المدخلين فرق الأرض عن السماء.
المسألة الثانية التي أثارت الكثير من الجدل الذي كاد أن يصل إلى مستوى التلاسن، هو موقف، أو بالأحرى انعكاس، مسودة القانون على الثقل الذي يمكن أن تحظى به المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومن ثم الحيز الذي يمكن أن تحتله في مساحة صنع قرارات الغرفة وتوجيه دفة سفينتها.
طرفا الحوار كانا يقفان، وبشكل مطلق إلى جانب تعزيز هذا الثقل، وتوسيع تلك المساحة. يمكن تلمس ذلك لدى المجلس الحالي من خلال الجدول الذي عرضه رئيس المجلس، والذي أشارت أرقامه إلى أن نسبة تلك المؤسسات لن تقل عن 72 في المئة في أسوأ الأحوال. وبعيدا عن مدى موافتنا على دقة تلك الإحصاءات، الأهم من ذلك أن الجدول ومداخلات أعضاء مجلس الإدارة كانت تصب جميعها في إناء تعزيز ذلك الدور.
بالمقابل، كانت المداخلات القادمة من صفوف أعضاء الجمعية العمومية هي الأخرى تصب في الاتجاه ذاته. وكان من الصعب على أي مراقب أن يفسر السر في اختلاف تجار البحرين على قضية أجمعوا، دون أي استثناء، على اتخاذ موقف إيجابي منها.
كان حريا بجميع من حضروا ونفترض أنهم يمثلوا تجار البحرين، ونفترض أيضا حسن نواياهم، أنهم وهم في قمة اندفاعهم نحو تعزيز دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهو اتجاه صحيح ويسير مع حركة اتجاه الاقتصاد العالمي، أن يبحثوا بشكل هادئ بعيدا عن أي انفعال أو تشنج، كيف في وسع أي قانون جديد، أن يعزز من دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأن لا يجحف حقها في صنع قرارات الغرفة؟ وأن يكون ذلك هو العامل الذي يقود تفكيرهم ويثير النقاشات فيما بينهم، ولا شيء سواه؟
المحزن في كل ما دار في ذلك الاجتماع، أن من سيطر عليهم حماس النقاشات وسخونتها، نسوا في غمرة ذلك قضية هامة وأساسية، وغابت عن أذهانهم ذيولها، ولا نستبعد أن تكون قد غيبت، أن هناك جهة، ربما لم تكن حاضرة بشكل مباشر في ذلك الاجتماع، لكن ظلالها كانت واضحة، لها مصلحة مباشرة في أن يكون هناك شرخ، وأن يكون هذا الشرخ عميقا، في صفوف المجتمع التجاري البحريني.
وإلى أن يعي تجارنا ذلك، ويدركوا أن أي شق في صفوفهم لن يخدم أي شريحة منهم، وإن تم ذلك، ففي نطاق محدود وفترة زمنية قصيرة نردد مع الشاعر قوله:
علام الخلف بينكم علاما وهذه الضجة الكبرى إلاما؟
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2550 - السبت 29 أغسطس 2009م الموافق 08 رمضان 1430هـ
العمالة الهاربة
بسم الله الرحمن الرحيم
(وإذا تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله والرسول و أولي الأمر منكم)
صدق الله العظيم
يجب على الغرفة من جانبها أن تقوم في الإجراءات التي تعتزم الإدارة اتخاذها تجاه الشركات المخالفة والعمالة الهاربة ...ضمانة حقيقية للحفاظ علي اسم وسمعة مملكة البحرين ناصعاً ومشرقاً في المحافل الدولية، مثل منظمة العمل الدولية وغيرها.