باسم الشعب الأميركي – بمن في ذلك جميع المجتمعات الإسلامية في الولايات الأميركية الخمسين – أود أن أتوجه بأصدق التمنيات للمسلمين في أميركا وحول العالم. رمضان كريم.
إن رمضان هو الشهر الذي يعتقد المسلمون أن القرآن الكريم قد أنزل فيه على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، بدءا بكلمة بسيطة هي «اقرأ». ولهذا فإنه وقت يتأمل فيه المسلمون في الحكمة والإرشاد اللذين يصاحبان الإيمان، والمسئولية التي يتحملها البشر تجاه بعضهم البعض، وتجاه الله تعالى.
وكالعديد من الناس من أتباع الديانات والمعتقدات الأخرى الذين شهدوا رمضان من قبل عبر مجتمعاتنا وأسرنا، أعرف أن هذا الوقت هو وقت للاحتفال – وقت تجتمع فيه الأسر ويتم فيه تشاطر وجبات الإفطار.
ولكنني أعرف أيضا أن رمضان هو وقت للتقوى والتأمل الشديدين – وقت يصوم فيه المسلمون طوال النهار ويؤدون فيه صلاة التراويح في الليل، إذ يقومون بقراءة كامل القرآن الكريم والاستماع إليه على مدى الشهر الفضيل.
إن هذه الطقوس تذكرنا بالمبادىء التي نتشاطرها جميعا وبدور الإسلام في الدفع قدما بقضايا العدالة والتقدم والتسامح وكرامة جميع الكائنات البشرية.
فعلى سبيل المثال، الصوم هو مبدأ تتشاطره الكثير من المعتقدات – بما فيها ديني المسيحي – كطريقة لتقريب الناس من الله، ومن أولئك الذين هم بيننا ممن لا يستطيعون اعتبار وجبة طعامهم التالية أمرا مسلما به. وإن الدعم الذي يقدمه المسلمون للآخرين إنما يستدعي التفكير بمسئوليتنا نحن بالدفع قدما.
بالفرص والرخاء للناس في كل مكان. ذلك لأن علينا جميعا أن نتذكر أن العالم الذي نريد بناءه – والتغييرات التي نريد إحداثها – يجب أن تبدأ في قلوبنا وفي مجتمعاتنا.
هذا الصيف عمل الناس عبر أميركا في مجتمعاتهم – معلمين الأطفال، ومعتنين بالمرضى، ومادين أيديهم إلى أولئك الذين يعانون من أيام عصيبة.
إن المنظمات القائمة على الإيمان، بما فيها الكثير من المنظمات الإسلامية، كانت دائما في مقدمة المشاركين في صيف الخدمة العامة هذا. وفي هذه الأوقات العصيبة، فإن هذه روح المسئولية التي علينا الإبقاء عليها في الأشهر والسنوات المقبلة.
وبما يتعدى حدود أميركا، فإننا ملتزمون أيضا بمواصلة تحمل مسئوليتنا نحو بناء عالم أكثر سلاما وأمنا.
ولهذا نقوم بإنهاء الحرب في العراق بطريقة مسئولة. ولهذا نقوم بعزل المتطرفين العنيفين فيما نقوم بتمكين الناس في أماكن مثل أفغانستان وباكستان. ولهذا فإننا ندعم بقوة ونشاط حل الدولتين الذي يعترف بحقوق الإسرائيليين والفلسطينيين في العيش بسلام وأمن. ولهذا ستقف أميركا دائما مدافعة عن الحقوق العالمية لجميع البشر المتمثلة في حرية الكلام وممارسة دينهم والمساهمة الكاملة في مجتمعاتهم وأن تكون لديهم الثقة في سيادة القانون.
كل هذه الجهود هي جزء من التزام أميركا بالتواصل مع المسلمين والدول ذات الأغلبيات المسلمة على أساس المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل. وفي هذه الفترة المتسمة بالتجديد، أود أن أكرر التأكيد على التزامي ببداية جديدة بين أميركا والمسلمين في جميع أرجاء العالم.
ومثلما قلت في القاهرة، فإن هذه البداية الجديدة ينبغي أن يتم تأكيدها عبر جهود مستديمة من إصغاء الواحد منا إلى الآخر، وتعلُّم كل منا من الآخر، واحترام كل منا للآخر، والسعي للتوصل إلى أرضية مشتركة. وإنني أعتقد أن جزءا مهما من ذلك هو الإصغاء، وخلال الشهرين الماضيين، كانت السفارات الأميركية في جميع أنحاء العالم تتواصل، ليس مع الحكومات فحسب، وإنما مع الشعوب مباشرة في الدول ذات الأغلبية المسلمة. ومن جميع أنحاء العالم تدفقت علينا ردود الفعل حول كيف يمكن لأميركا أن تصبح شريكا مدافعا عن طموحات الشعب.
لقد استمعنا. ومثلنا مثلكم، فإننا ركزنا على القيام بالأفعال الملموسة التي ستُحدث الفارق مع مرور الزمن - بالنسبة للقضايا السياسية والأمنية على حد سواء، تلك التي تحدثت عنها، وفي المجالات التي أخبرتمونا أنها ستُحدث الفارق أكثر من غيرها في حياة الشعوب.
إن هذه المشاورات تساعدنا على تطبيق علاقة الشراكة التي دعوت إليها في القاهرة - لتوسيع نطاق برامج التبادل التعليمي؛ وتعزيز روح المغامرة التجارية وإيجاد فرص العمل؛ وزيادة التعاون في مجالي العلوم والتكنولوجيا، وفي الوقت نفسه دعم برامج محو الأمية والتدريب المهني. وإننا نتحرك قدما في علاقة الشراكة مع منظمة المؤتمر الإسلامي والدول الأعضاء فيها من أجل القضاء على مرض شلل الأطفال، فيما نتعاون تعاونا وثيقا مع المجتمع الدولي لمواجهة التحديات الصحية المشتركة مثل فيروس الانفلونزا إتش وان إن وان - الذي أعلم أنه مثير للقلق لدى العديد من المسلمين الذين يستعدون لموسم الحج.
كل هذه الجهود تستهدف دفع طموحاتنا المشتركة نحو الأمام – من أجل العيش في سلام وأمن؛ من أجل الحصول على التعليم والعمل بكرامة؛ من أجل أن نحب عائلاتنا ومجتمعنا وعقيدتنا. وهذا يستلزم جهدا صبورا ويحتاج إلى وقت. إننا لا نستطيع أن نغير الأمور بين ليلة وضحاها، ولكننا نستطيع أن نقرر بأمانة أن نفعل ما ينبغي فعله، فيما نتجه نحو اتجاه جديد – نحو الوجهة التي ننشدها لأنفسنا ولأبنائنا. هذه هي الرحلة التي ينبغي أن نقوم بها معا.
إنني أتطلع قدما إلى مواصلة هذا الحوار البالغ الأهمية وتحويله إلى أفعال. واليوم أود أن أعرب عن تمنياتي لجميع المسلمين في أميركا وفي جميع أرجاء العالم بشهر مبارك وأنتم تستقبلون بداية شهر رمضان.
والسلام عليكم ورحمة الله
إقرأ أيضا لـ "باراك أوباما"العدد 2543 - السبت 22 أغسطس 2009م الموافق 01 رمضان 1430هـ