العدد 2540 - الأربعاء 19 أغسطس 2009م الموافق 27 شعبان 1430هـ

«شعبية» الثقافة المدوَّنة!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

فيما ينبري الشاعر والفيلسوف الألماني، يوهان غوتفريدفون هردر، للدفاع عن الثقافة الشعبية، بصوغه نقدا لاذعا لـ «أطروحات فلاسفة الأنوار» في حديثه عن «الثقافة النسبية»، باعتبار أن الريفيين البسطاء، هم حملة الثقافة التي تعبِّر أكثر من غيرها عن «عبقرية الشعب»، يتم عربيا إلغاء أو تهميش ثقافة حاضرة وماثلة لمجرد سبَّة «التدوين»، وعلى الباقي من ذلك الذي لم يتم تدوينه أن يدخل في الصميم والأواصر من تلك الثقافة، وفي الاعتراف غير المشروط بتلك العبقرية.

الثقافة الشعبية، وعلى رأسها الشعر، من المفترض أن تظل داخل دائرة الرصد، مع الأخذ بالاعتبار، الظروف التي نشأت فيها تلك الثقافة، من دون تجاهل المحيط الذي أسهم في تذويبها أو تلاشيها.

ذلك أمر، أمر آخر، يظل بعض الثقافة العربية براهنيتها وحقيقتها، متأخرا بسنوات ضوئية عن الثقافة الغربية؛ ما يعني أن بعض تلك الثقافة العربية، في جانبها التدويني، ثقافة متهمة وعاجزة وعرضة للاتهام بالتخلف؛ ما يضعها في خانة «الثقافة الشعبية!» في درجاتها المنحطة، بحسب تعبير ونظر كثيرين إلى الثقافة الشعبية نفسها، مع وجود التدوين للأولى؛ إذ ليس كل تدوين صك تميز وحضور وتأثير، فيما لا تعني الشفهية، النقيض من ذلك.

هذا النظر القاصر والمتعالي على الثقافة الشعبية يعبِّر خير تعبير عن مزاج التحولات والطفرات في البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في بعض المجتمعات العربية، وهي تحولات زائفة في كثير من الأحيان؛ لأنها لم تعمد إلى دفع تلك التحولات في البنية إلى تحقيق أي انتصار أو حضور.

وفي ظل التدوين، وهو ليس الأمر الفاصل في مسألة عمق وتأثير تلك الثقافة، تبرز تساؤلات:

هل كلُّ مُدَوَّنٍ مؤثر؟ هل كل مُدَوَّن له السبق في الحضور؟ هل ما يتم التخلف عن تدوينه يظل في دائرة «الشعبي»؟ هل ما يتم تدوينه يظل في اللب من ثقافة النخبة؟ أسئلة تشير إلى خلل قائم، أليس كذلك؟

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 2540 - الأربعاء 19 أغسطس 2009م الموافق 27 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً