العدد 2530 - الأحد 09 أغسطس 2009م الموافق 17 شعبان 1430هـ

ندوةٌ عن «الحصالات»... في البحرين!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أرسلت وزارة التنمية الاجتماعية ثلاثة من كبار موظفيها للمشاركة في ندوة «الوسط» عن «أزمة الحصالات» التي افتعلتها، والصناديق الخيرية أرسلت أربعة مندوبين لمناقشة القرار.

أهم ما بالندوة أن الوزارة سمعت كلاما صريحا بشأن طريقة تعاطيها مع المنظمات الأهلية، يتضمّن إدانة واضحة لسلوكها المتسم بالتعالي والفوقية، دون مشاورةٍ أو أخذِ رأي. وهو مسلكٌ يوقعها بين فترةٍ وأخرى في أخطاء قاتلة، تضطر بعدها إلى إصلاح الفتق وتدارك الأخطاء.

نبرة التعالي والاستعلاء كانت واضحة لدى الفريق: «إن من صلب عملنا تثقيف المنظمات الأهلية»، فهناك افتراضٌ مسبق بأن هذه المؤسسات العريقة بكل كوادرها وكفاءاتها، تحتاج إلى تأهيل وتثقيف، ولم يفكّر لحظة بحاجته إلى أن يفهمهم أو يسمعهم قبل فرض القرارات والتعميمات عليهم.

أنا لا ألومهم، فعندما تأتي بموظفين من بيئةٍ مدرسية، وتزرعهم في بيئةٍ إداريةٍ صرفةٍ تتعامل مع مؤسسات مجتمع مدني، من الطبيعي أن يتصرّفوا كمدرّسين، ويعاملوا الناس كتلاميذ ناقصي الوعي والأهلية. ولذلك قد ينجح هذا الفريق مع جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة لوجود أرضيةٍ تربويةٍ مشتركة، ولكن في تعاملهم مع الجمعيات الخيرية، سيخرجون من مأزقٍ ليقعوا في آخر، لعدم وجود أي رابط أو خلفية أو فهم. وهذا رأيٌ تحليليٌ نرجو أن يتسع صدر الوزارة لسماعه، وألا تعتبره تحاملا عليها أو تضليلا جديدا للرأي العام!

هناك حقائق على الأرض، من بينها اعتراف الفريق ضمنيا بتأثير قانون مكافحة الإرهاب في التضييق على الصناديق الخيرية. ومؤسفٌ أن نرسم سياساتنا المحلية وفقا لأجندة أميركية، خصوصا بعد رحيل بوش وسقوط المحافظين الجدد، لنبقى متمسكين بأذيال سياساتهم الفاشلة. والوزارة تعلم يقينا أن الأموال التي تُجمع هنا وهناك، تُوزّع على فقراء البحرين ولا يخرج منها فلسٌ للخارج لدعم المنظمات الإرهابية. وإذا كان لديها معلوماتٌ مؤكدةٌ، عن تورط أي جمعية أو صندوق في أعمال مشبوهة فسنكون معها في ملاحقتها قانونيا.

هناك معلوماتٌ عن تورّط بعض الوافدين في توزيع حصالات «مجهولة» أمام أحد الجوامع الكبرى بالمنامة، فرفع مواطنون شكاواهم للوزارة، وكان المفترض ملاحقة هؤلاء المحتالين بدل التشكيك في عمل الجمعيات ومنع حصالاتها في عقاب جماعي. وما حصل يثبت أن المعوّل على وعي الجمهور، فهو الذي بادر للتحذير من هذه الظاهرة بينما الوزارة آخر من يعلم.

ومن الأمور التي تجهلها الوزارة، وجود ظاهرة تسوّل يقوم بها أفرادٌ من بعض الجاليات، غطّت المدن وبدأت تتسرّب للقرى والأطراف، حيث تمتهن نساءٌ منقّبات هذه المهنة، التي اختفت أو كادت في السنوات الأخيرة بفضل جهود الوزارة والصناديق الخيرية معا. وللعلم، في حال فرض القرار وإضعاف الصناديق سيعود التسوّل إلى شوارعنا مرة أخرى.

هناك أيضا جمعياتٌ معروفةٌ تتلقى الزكاة والأموال بسخاء من الداخل والخارج، موازناتها خارج الرقابة والحساب، بينما تلاحق جمعياتٌ وصناديق أخرى تقدّم الحد الأدنى للفقراء، باعتماد طرق بدائية لجمع الأموال، وتتعرض للملاحقة باسم القانون. وإقحام الخمس في موضوع الحصالات ينم عن جهلٍ بالفقه وأبجديات الواقع المعاش، فهو لا يدخل منه دينارٌ في الدورة الاقتصادية للصناديق.

إن مما يبعث على الشعور بالكآبة والحزن والابتئاس، أن تشارك في ندوةٍ عن «الحصالات» في بلدٍ نفطي، ما يكشف عن هشاشة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي نزداد فيه ارتكاسا وانتكاسا. ولعل ما يخفّف المرارة أن الوزارة بدأت تتفهّم سلبيات قرارها ووعدت بمراجعته.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2530 - الأحد 09 أغسطس 2009م الموافق 17 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:14 م

      لنا الجنة بإذن الله

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      الفقراء هم السابقون السابقون لدخول الجنة

    • كريم جعفر | 4:39 ص

      علاوة المذلة وسكوتكم الاخرس عن حقنا

      لماذا سكتم عن حقنا لعلاوة المذلة من وزيرة تتلاعب بمشاعر الفقراء ورمضان على الباب وليس لنا دخل عاطلين جامعيين وعندنا 9 انفر وكيف نعيش الا يحق لنا ان نسرق لكى نقتات فتات المعيشة فى بلد الذل والهوان وانت تعلم فقراء البلد من هم 100% منهم ينتظرون جدوى فى ظل سكوتكم وعبرتم بالموضوع مرور الكرام وهذا ما تريده الوزيرة تريد صمتكم لكى ينتفعوا من صمتكم والا اين حقى ياجيفارا

    • زائر 3 | 3:29 ص

      حتى في التسول تمييز

      يوم الخميس الماضي كانت مقبرة الحورة تزدحم أبوابها بالمجنسات المنقبات من مختلف الجنسيات وكن يلاحقن النساء والرجال لاعطائهن ما نسميه " البركة " بمناسبة النصف من شعبان، وهذا ما سبب ازعاجا للزائرين هناك، بالإضافة إلى أن بعضهن يجلن القرى متسولات من البيوت والمارة، فأين الوزارة عنهن، حتى في التسول تمييز.

    • زائر 2 | 1:10 ص

      اقترح تحويل الحصالات لوزارة الامن الوطني

      بسبب تخبط هذه الوزارة اقترح ان يقوم جهاز الامن الوطني بالتكفل بموضوعها ووضع بار كود على كل حصاله ويكون لدى جهاز الامن الوطني ماسحه لمعرفه كل حصاله تتبع اي جهة وذلك بشكل فجائي حتى يسيطرون على الوضع وطبعا مع استثناء ربعهم طبعا
      بلد كل يوم في ازمة لكن التجنيس ما يهتمون له بس حصالات الفقارى لازم يراقبوها

    • زائر 1 | 1:04 ص

      صوتك ياقاسم أشد وقعا من حظيرة البرلمان ومرتاديها

      في حين يعلو شخير البرلمان بلاعبيه الضعاف ذوي الكروش الكبيره ، نراك وحدك تصارع القرارات الجنونيه الفاسده التي تتبانها وزارات الدوله رسميا وتدفع الضرر الذي حمله غيرك على عاتقه .واصل مسيرك سيد قاسم فأنت تحفر في جبلا بموعل متواضع لكنه أمضى وأوقع من معول البرلمان الذي أصبح مرتعا لجني الكنوز والثروات متناسيا مايقاسيه المواطنون من جرائم الاباده والحرب العلنيه والتفقير والتهميش الذي تنتهجه وزارت الدولة . تعسا للوزارات وللبرلمان فكلاهما مفسدة في مفسدة.ويبقى قلمك الشريف متربعا على كروشهما.

اقرأ ايضاً