أمر جميل جدا أن تعيد المؤسسة العامة للشباب والرياضة اهتماماتها ببرامج وأنشطة الشباب الحقة، وليست الرياضة. بعد أن قامت بمحوها سنوات طويلة من على خريطة الأندية والمراكز الشبابية، وأن تجعل دورها يقتصر على محاضرات توعوية تقام في أرض المعارض أو أحد فنادق الخمس نجوم يشارك فيها النخبة من الشباب سواء كانوا في الجامعات أو الجمعيات غير الشبابية، وذلك بعد أن أدارت - المؤسسة - ظهرها لشباب أندية المدن والقرى وهم الشباب الحقيقيون الذين يجب أن ترعاهم وتدعم برامجهم الشبابية الحقيقية وهي ليست البرامج المقامة حاليا أو التي يحلو للمؤسسة العامة التطبيل لها وهذا هو صلب موضوعي.
قبل شهور نشرت إحدى الصحف المحلية في صدر صفحتها الأولى تصريحا «خطيرا» لرئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة. اذ صرح أن المؤسسة ستنظم هذا العام 300 برنامج شبابي، وقد استوقفني الخبر لأنني بدأت أقسم أيام السنة على عدد البرامج فوجدت أن المعدل إقامة برنامج كل يومين «فهل هذا معقول!» كما شدتني تصريحات «قوية» أخرى نشرت في الملاحق الرياضية عدا «الوسط الرياضي» لأننا نؤمن بعملنا المتخصص في تغطية الأنشطة الرياضية. وقد كان أول التصريحات الملتهبة ما جاء على لسان مدير الهيئات الشبابية، وهو الخبر الذي عنون بـ «10 آلاف شاب وشابة يستفيدون من البرامج الصيفية» وقد بدأ الخبر بالديباجة المعروفة «بتوجيهات كريمة وسديدة من...»، واستكمل بكلمات إنشائية جوفاء مثل «تعزيز روح المواطنة لدى الشباب» و«تعزيز قيم الولاء والانتماء للوطن والوفاء له، والتنافس نحو تحقيق الأفضل... مشيرا إلى أن هذه الأهداف تسهم في تنمية الفرد على الإبداع والابتكار وصقل مهارات القيادة لديه»، في حين لم يشر الخبر نفسه إلى اسم أي برنامج أو نوعه. ولكن ما يهم هو التصريح الإنشائي القوي والفبركة الإعلامية الناجحة! كما نشر خبر آخر في اليوم نفسه على لسان مدير إدارة الشباب عن بداية حملة توعية تحت شعار «كن صحيا تكن سعيدا» سيتم فيه إقامة معرض يقام لمدة 3 أيام في سيتي سنتر البحرين... فهل تتصور أن نقيم برنامجا توعويا لشباب المدن والقرى يقام في سيتي سنتر، ولماذا لم يقم في صالة أحد الأندية؟!
المؤسسة العامة للشباب والرياضة أخذت على عاتقها بصورة حقيقية تنظيم برامج للشباب منذ إنشائها في النصف الثاني من السبعينات واستمر هذا الاهتمام حتى النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي. كانت هناك أقسام في المؤسسة تشرف على المعسكرات والجوالة والأنشطة الثقافية التي تقام باستمرار وتختتم بمسابقات سنوية بين الأندية يتم فيها اختيار الفائزين لتمثيل البحرين في مثل هذه المسابقات، والأمر نفسه كان يقام لمسارح الأندية، إضافة إلى إقامة المعارض السنوية التي يعرض فيها إنتاج ونشاط أعضاء الأندية. وكانت هذه البرامج تقام بصورة مستمرة، كما كان الإقبال عليها كبيرا جدا من شباب المدن والقرى، كما كانت الأندية تقيم وبشكل يومي مستمر، برامج داخلية تماشيا مع الاهتمام العام بالشباب. فالسؤال أين ذهبت تلك الأقسام وبرامجها؟ وأين ذهب نشاط مركز سلمان الثقافي؟ وأين ذهب مركز العلوم الذي كان بمثابة منارة علمية للأطفال والشباب؟ ولماذا أصبحنا نخلط بين أنشطة الشباب والبرامج الرياضية. مثل برنامج اكتشاف المواهب الرياضية يحسب طوال العام على إدارة الرياضة وفي الصيف يحل ضيفا عزيزا على إدارة الشباب؟
أقول أخيرا، حتى لا نظلم القائمين على هذه البرامج لأنهم في الأخير موظفون ينفذون السياسة العليا للمؤسسة التي ورد فيها اسم الشباب قبل الرياضة، أقول «آن الزمان للفصل بين الجهات المسئولة عن الشباب والرياضة، كما آن الوقت لتفعيل دور اللجنة الأولمبية البحرينية لتشرف على الرياضة بصورة حقيقية، لكي نعطي برامج الشباب حقها من الموازنة والاهتمام والرعاية»
إقرأ أيضا لـ "عباس العالي"العدد 2529 - السبت 08 أغسطس 2009م الموافق 16 شعبان 1430هـ