يورد دعاة هذه الفكرة عدة تعاريف تفح عن محتواها وتحدد معالمها، فيكتب أبوالقاسم حاج حمد في تعريفها: «أسلمة المعرفة تعني فك الارتباط بين الإنجاز العلمي الحضاري البشري والإحالات الفلسفية الوضعية بأشكالها المختلفة، وإعادة توظيف هذه العلوم ضمن نظام منهجي ديني غير وضعي، وهي تعني فيما تعنيه أسلمة العلم التطبيقي والقواعد العلمية أيضا، وذلك بفهم التماثل بين قوانين العلوم الطبيعية وقوانين الوجود التي ركبت على أساسها القيم الدينية نفسها، ولذلك تتم أسلمة الإحالات الفلسفية للنظريات العلمية بحيث تنفي عنها البعد الوضعي وتعيد صوغها ضمن بعدها الكوني الذي يتضمن الغاية الإلهية في الوجود والحركة». وينبه حاج حمد الى أن «إسلامية المعرفة لا تعني بحال مجرد إضافة عبارات دينية الى مباحث العلوم الاجتماعية والإنسانية باستمداد آيات قرآنية ملائمة لموضوعات العلم المقصود أسلمته، بل هي إعادة صوغ منهجية ومعرفية للعلوم وقوانينها، كما لا تعني مجرد سحب الانتماء الذاتي للدين على جميع الموضوعات لإضفاء الشرعية الدينية على الإنجاز الحضاري البشري واستلابه دينيا بمنطلق الاحتواء اللاهوتي واللفظي».
أما عند عمادالدين خليل فتعني «ممارسة النشاط المعرفي كشفا وتجميعا وتركيبا وتوصيلا ونشرا من زاوية التصور الإسلامي للكون والحياة والإنسان... ولا تنسحب فقط على ما يسمى بالعلوم الصرفة (المحضة) والتطبيقية في التعامل مع الوجود، وإنما تمتد بالضرورة الى ما يعرف بدائرة العلوم الإنسانية، بل إنها في هذه أشد ضرورة، لأنها المعنية بترتيب وضع الإنسان في العالم وتنظيم حياته بما يجعله قادرا على تحقيق مهمته في العالم. إن إسلامية المعرفة ها هنا لا تعني فقط الدعوة إلى تحقيق الوفاق بين معطيات العلوم الإنسانية والمطالب الدينية على مستوى التطبيق، وإنما تعني، قبل هذا وبعده، احتواء الأنشطة المعرفية على المستويين النظري والتطبيقي معا، من أجل جعلها تتحقق في دائرة القناعات الإيمانية وتتشكل وفق مطالبها وتصوراتها الشاملة أسوة بالعلوم الأخرى».
ويعتبر محمد عمارة فكرة إسلامية المعرفة في مصاف المذهب حينما يصفها بأنها: «المذهب القائل بوجود علاقة بين الإسلام والمعارف الإنسانية، والرافض لجعل الواقع والوجود وحده المصدر الوحيد للعلم الإنساني والمعرفة الإنسانية. هي المذهب الذي يقيم المعرفة على ساقين اثنتين: الوحي وعلومه، والكون وعلومه، وليس على ساق واحدة هي الوجود».
بينما يفهم عرفان عبدالحميد فتاح الأسلمة بأنها: «عنوان لمنهج فكري في التثاقف الحضاري، ذي بعدين أو معنيين متضايفين: الأول منهما: ويراد به جهد الفكر الإسلامي المعاصر، وسعيه الحثيث من أجل هضم جميع ما انجزه الفكر الغربي وتمثله في بعديه: الحضاري المادي، والثقافي المعنوي. أما الثاني: ففيه التنبيه على تحرير تلك المنجزات التي نشأت ضمن مفاهيم فلسفية لا دينية، ومادية وإلحادية، ذلك بإعادة تفسيرها وربطها بإطار قيمي إسلامي موصول ومتصل بالهدي الإلهي، الذي بلغ كماله وختامه بالإسلام».
ويفضل الدكتور طه جابر العلواني عدم حصر إسلامية المعرفة في إطار مغلق في حد جامع مانع، مثلما يرى البعض «لأنها قبل ذلك وبعده: بناء لنظرية المعرفة التوحيدية التي تؤمن بأن للكون خالقا واحدا أحدا... استخلف الإنسان وعلمه ما لم يكن يعلم، وجعل الوحي مصدرا إنشائيا أساسيا لمعرفته والوجود مصدرا موازيا، بقراءتهما في إطار التوحيد الخالص تتكون المعرفة السليمة الرشيدة الهادفة، معرفة التوحيد والاستخلاف والأمانة والعمران والشهود الحضاري».
والذي يتلخص من الرؤى السابقة أنها حاولت رسم أبعاد فكرة إسلامية المعرفة، من خلال بيان مصادر المعرفة الإسلامية وفضائلها وقيمتها، والكشف عن أن هذه المعرفة تستقي من قراءتين، وتتحقق بالجمع بينهما وهما قراءة الكتاب وقراءة الكون، مضافا الى اهتمامها بدمج شيء من عناصر فاعلة حية من التراث الإسلامي مع العلوم الإنسانية الغربية، بعد غربلة هذه العلوم وتفكيكها وإعادة تركيبها في نسق جديد يحررها من بعدها الأحادي الوضعي المادي، ويوصلها بمنظومة معرفية ممتدة، يتوحد في إطارها عالما الغيب والشهادة، باتساق يحكي التناغم والإيقاع الموحد لهذين العالمين في الوجود.
يستعيد دعاة إسلامية المعرفة بعض مصطلحات التراث الإسلامي، لكن مع إغناء وتطوير لمدلولاتها. ففي التراث تكرر مصطلحا الكتاب التدويني والكتاب التكويني. وأضاف المتوصفية والعرفاء كتابا ثالثا هو كتاب النفس، وشرح العلماء المسلمون التناغم والتطابق بين تلك الكتب، فالكتاب التدويني «القرآن الكريم» يتجلى فيه الكتاب التكويني «العالم» بدقة، مثلما يتجلى الكتاب التدويني في التكويني، بل هما وجهان لحقيقة واحدة، وأن القبض على هذه الحقيقة واكتشاف آفاقها، لا يتحقق من دون التعرف على تجلياتها ووجوهها المتنوعة. بل ان معرفة أي منهما معرفة حقة لا تكتمل إلا بالاستعانة بالكتاب الآخر، بمعنى أن متشابهات كل من الكتابين كما يمكن تفسيرها بالاستعانة بمحكمات الكتاب نفسه، كذلك يمكن تفسيرها بالاستناد الى محكمات الكتاب الآخر. فمتشابهات الكتاب التدويني تتضح عبر قراءة محكمات الكتاب التكويني، وبالعكس.
لقد تبلور ذلك المنهج المعرفي التراثي في مشروع إسلامية المعرفة، بوضوح يكاد يحكي رؤية ذلك المنهج وأدواته، لكن مع صوغ حديث، يرسم إطارا نظريا محددا ويفصح عن المرتكزات الأساسية لهذا المنهج، وما يترقب أن يضطلع به من تحرير الإنسانية من أنساقها المسدودة ونهاياتها التي ما برحت تلوح في الأفق، وأن يبعث الحياة من جديد في دوائر مهمة من التراث، ظلت مهملة ومجهولة مدة طويلة.
إن مشروع إسلامية المعرفة يشدد على ضرورة تجاوز القراءات الأحادية للحقيقة، تلك القراءات اجتزأت الواقع، وانتهت الى تشوه الرؤية وشقاء الوعي. ويخلص أصحاب هذا المشروع الى أن حل الأزمة الفكرية في عالمنا الإسلامي بل في العالم أجمع، يتوقف على تبني منهج إسلامية المعرفة. ولا سبيل لتحقيق هذا المنهج إلا بالتوكؤ على قراءة كتابين، هما: الوحي المقروء، والكون المتحرك، فإنه عبر الجمع بين هاتين القراءتين تتكامل المعرفة، وتتخلص العلوم الإنسانية من منزلقاتها ونزعتها المادية، وما نجم عنها من ركام مادي مفرغ من أي مضمون روحي، ومنظور قيمي أخلاقي؛ لأن العلوم الحديثة انغلقت في مدار قراءة أحادية، هي قراءة الكون فحسب، بينما الكون يمثل مساحة محدودة من الوجود، وتجاهلت مساحة شاسعة ما وراء هذا الكون، وما يحفل به من غيب، ولم تدرك كنه الوشيجة العضوية بين المساحتين.
ان الجمع بين القراءتين هو السبيل الأفضل لتحرير العلوم من أزماتها، لأن قراءة كتاب الكون من دون كتاب الوحي تفضي بالتدريج الى الفكر الوضعي الذي يسجن الوعي البشري في ظلمات المادة، ويقطع صلته بخالقه، أما قراءة كتاب الوحي «القرآن» وإهمال قراءة الكون، فيقود بالتدريج الى نفي النواميس والسنن التاريخية والاجتماعية والنفسية، وبروز عقلية قدرية تلغي عوامل الزمان والمكان والمحيط الخاص ولا تدرك الصيرورة التاريخية والتحولات المتجددة في الواقع، وما تحفل به الحياة من تبدل وتغيير. فيغدو الفكر فكرا تكراريا سكونيا، يرى الحاضر بمرآة الماضي، فيغيب عن الحاضر في عوالم الماضي، وينقطع عن عصره، وإن كان يبدو موجودا فيه، لكنه غائب عنه، لأن الحضور يعني إدراك العصر ومشاغله واستفهاماته ومكاسبه.
وإن دمج القراءتين يتيح لمعرفتنا التوغل في آفاق العالم، والنفاذ الى مديات قصية تظل مجهولة لدى من يستعين بقراءة أحادية. فقراءة الكتاب ترشدنا الى قراءة الكون وفهم سننه، وقراءة الكون تهدينا الى فهم آيات الكتاب ومتشابهاته، وغاية قراءة القرآن هي التنزل من الكلي الى الجزئي والربط بين المطلق والنسبي بقدر ما تتيحه قدرات البشر العقلية النسبية في فهم تنزلات الكلي وربطه بالواقع المتغير الجزئي. وقراءة الكون تمثل عروجا من الجزئي النسبي باتجاه الكلي المطلق، وفق القدرات النسبية الجزئية أيضا على فهم الظواهر. وبذلك ينعدم الفصام المزعوم بين الوحي والمعرفة الموضوعية للكون والوجود، وهذا ما يشي به قوله تعالى: «اقرأ باسم ربك الذي خلق...» (العلق 1-5).
ينبغي التنويه بجهود رائدة في مضمار أسلمة المعرفة، فإنها وإن لم تتخذ من هذه التسمية شعارا لها، غير أنها صاغت رؤى نظرية مبتكرة في تأصيل أسس نظرية للعلوم، وأنجزت دراسات مهمة تستند الى تلك الأسس. فمنذ كتاب «تجديد التفكير الديني في الإسلام» لمحمد إقبال، مرورا بآثار الشيخ محمد عبدالله درّاز، وخصوصا كتابه «دستور الأخلاق في القرآن»، وإسهامات مالك بن نبي في «مشكلات الحضارة»، ظهرت عدة أعمال اتسمت بإبداعات متميزة تخطى فيها التفكير الإسلامي زمن الشروح والحواشي، وفتح عهدا جديدا في التأصيل والتنظير. وهذا ما يحكيه بجلاء «أصول الفلسفة والمذهب الواقعي» للسيد محمد حسين الطباطبائي، والتعليق عليه لتلميذه الشيخ مرتضى المطهري، ويمكن القول إن إنجاز الطباطبائى في «أصول الفلسفة» التي أسفرت عنه حلقة قم الفلسفية، يظل إنجازا متميزا، لم يتوافر أثر فلسفي مما تلاه على تمام الخصائص التي توافر عليها مجتمعة، ليس لأنه حاكم الفلسفة المادية واخترق هيكلها ونقض مرتكزاتها، ولا لأنه أضحى مرجعا أفادت منه أعمال الإسلاميين من هذا الموضوع، بل لأنها المرة الأولى التي صاغ فيها فيلسوف مسلم بعد صدرالدين الشيرازي نظاما فلسفيا متينا، يستوعب أمهات المسائل الفلسفية في إطار حديث، بالتوكؤ على المقولات والمفاهيم الحية التي أبدعتها الفلسفة الإسلامية وتوظيف المعطيات الحقة في الفلسفة الغربية.
وكان للشيخ مرتضى المطهري إسهام متميز في صوغ أسس «الرؤية التوحيدية» في سلسلة دراسات تناولت قضايا تتصل بنظرية المعرفة، وموقع الإنسان في الوجود، والمجتمع والتاريخ، وما يرتبط بالرؤية التوحيدية للعالم من مسائل.
وفي السياق ذاته لابد من التنويه بدور السيد محمد باقر الصدر في صوغ الموقف النظري للإسلام حيال جملة من القضايا المهمة، فقد تناولت مؤلفاته موضوعات انبسطت على قضايا المنهج، ونظرية المعرفة، والعقيدة، والقرآن الكريم، والشريعة، واهتمت بتأصيل النظرية فيها، وقُدِّر لها ان تنتقل بالفكر الإسلامي نحو آفاق جديدة، تجاوز معها هذا الفكر الهموم التقليدية، وهبط أرضا لم يحرثها قبل ذلك.
فمثلا استطاع الصدر ان ينتقل بمسألة منهج القياس الأرسطي الى منهج الاستقراء القائم على حساب الاحتمالات، بعد اكتشافه لمذهب جديد في تفسير كيفية المعرفة البشرية وتوالدها، غير ما كان معروفا في المذهبين التجريبي والعقلي، أسماه «المذهب الذاتي للمعرفة». كذلك انتقل بتفسير القرآن من التفسير التجزيئي إلى التفسير الموضوعي التوحيدي، الذي يوحّد بين التجربة البشرية والقرآن، ويصوغ المركب النظري القرآني ازاء مقتضيات الحياة المتنوعة. كما عمل على إقحام الفقه في حقل بكر، فانتقل به من الفرد إلى فقه المجتمع والدولة وإدرجه في سياق تجربة مغايرة في الاستدلال، حدد ادواتها وعناصرها الاساسية، وباشر تطبيقها عبر تأصيل النظرية الفقهية في غير واحد من حقول فقه المجتمع والدولة المهمة، كما يتبدى ذلك في محاولته لاكتشاف المذهب الاقتصادي في «اقتصادنا». بل تجاوز ذلك إلى اعتماد بعض الادوات الجديدة في استنطاق النصوص، والبحث عن أطر بديلة، ترفد المجتمع بمواقف الشريعة المرنة تبعا لتحولات الزمان ومتطلبات المحيط والبيئة، وهو ما اصطلح عليه بـ «منطقة الفراغ في التشريع الاسلامي». وبهذا تطورت تجربة الاستنباط الفقهي على يديه، وتحررت من الفهم الحرفي للنصوص نحو تقنين المنحى المقاصدي واستلهام روح الشريعة وأهدافها الكلية.
ومن الجهود الاخرى في مساء اسلمة المعرفة المحاولة التي بدأها مجتمع البحوث الاسلامية في مشهد، وعهد بتنفيذها لمحمود البستاني قبل سنوات، فقدم البستاني عدة مؤلفات، تهدف إلى اسلمة العلوم الانسانية، تناول فيها علم النفس في كتاب «الاسلام وعلم النفس»، والفن في كتاب «الاسلام والفن»، والاجتماع في «الاسلام وعلم الاجتماع»، والبلاغة في «القواعد البلاغية في ضوء المنهج الاسلامي».
على رغم وفرة الانتاج الفكري في الاسس المنهجية لأسلمة المعرفة وتطبيقاتها في مختلف العلوم، لكنا لا نجد عددا كافيا من البحوث التي تراجع النظرية وتحاكم اداء مفهوماتها وطرائقها الاجرائية من الداخل، ربما لأن الباحثين المهتمين في تأصيل تلك الاسس واختيار طرائقها، لم يفرغوا بعد من مهماتهم النظرية والاجرائية، لأن اسلامية المعرفة لم تزل في طور التشكل والتبلور، ولم تتجاوز مؤسساتها وأنشطتها العلمية والعملية طور الاختبار والتجريب. غير ان شيوع افكار اسلامية المعرفة وغزارة كتابات دعاتها والمؤمنين بها، أثار عاصفة من الاشكالات والاستفهامات لدى المهتمين بالفكر الاسلامي ومستجداته.
وقد ظهرت بعض الاستفهامات للمرة الاولى في بحث قدمه الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي إلى المؤتمر العالمي الرابع عن «المنهجية والعلوم السلوكية والتربوية» المنعقد في الخرطوم سنة 1407 هـ - 1987م، تحت عنوان «أزمة المعرفة وعلاجها في حياتنا الفكرية المعاصرة». وتناول فيه قضية المعرفة والمنهج، وذهب إلى نهج حقيقة ثابتة وليس عملا ابداعيا، وهو ليس أكثر من ميزان يلجأ إليه الانسان في تقويم افكاره، ابتغاء التأكد من صحة قراراته وسلامتها من الشوائب والاخطاء، والميزان حقيقة ذات وجود خارجي ثابت، يخضع للاكتشاف، مثلما هي الموجودات المادية.
وهذا يعني ان العقل لا يمكن ان يستغني عن المنهجية، وانه ليس بوسع العقل التدخل لتقويم المنهجية العلمية وتعديلها، لأنه سيتوكأ من جديد على منهجية ثانية من اجل تقويم المنهجية الاولى، والثانية إلى ثالثة، وهكذا حتى يتسلسل.
ولذلك يؤكد البوطي ان وظيفة العقل تقتصر على اكتشاف المنهجية الصحيحة، ولا سبيل له لتطويرها وترشيدها. ثم يردف ذلك بقوله ان المنهجية اكتشفت في العصر الاسلامي الذهبي، ولا حاجة بنا اليوم إلى اضاعة الوقت في أمر فرغ منه السلف.
إن كلام الشيخ المرباطي ينطوي على خلط واضح بين المبادئ الأولية «الضروريات» كاستحالة اجتماع النقيضين وارتفاعهما، ومبدأ الهوية، وبين المنهج الذي يتكون من مبادئ وأدوات نركن إليها في البحث العلمي، كيما يجري البحث بنحو سليم، ونصل إلى نتائج صحيحة. فالضروريات العقلية ذات صفة ثابتة إطلاقية، لكن المنهج الذي نستخدمه في البحث يتمخض بالتدريج في فضاء البحث العلمي، والمحاولة والخطأ، وتتوالد عناصره، وتتجلى ادواته مع ظهور مشكلات جديدة في الدراسة، ولذلك يخضع للتعديل والتطوير، ولا يمكن ان نظفر به جاهزا كاملا دفعة واحدة. ثم إن السلف صاغوا مناهج في إطار متطلبات البحث، في عصرهم، وأسفرت مناهجهم عن التراث الاسلامي الذي تشكل عبر قرون، فهل نظل نكرر التراث ونستعيد ادوات السلف في انتاجه، على رغم ان شيئا من هذا التراث استنفذ اغراضه الزمنية، ولا يمكن تمديده إلى لحظة اخرى خارج محيطه الخاص.
وفي سنة 1988م نشر البرفيسور فضل الرحمن - قبل وفاته - دراسة بالانجليزية بعنوان «رد على اسلامية المعرفة» في العدد الأول من المجلد الخامس من «المجلة الاميركية للعلوم الاجتماعية الاسلامية»، وركز في رده على ضرورة تطوير العقل المسلم وعدم استنزاف الجهود والاموال في كيفية تطوير المعرفة الاسلامية. غير ان فضل الرحمن شدد على استحالة صوغ منهجية اسلامية للمعرفة، تهدي التفكير البشري، لأن «الفكر الانسي يعمل وفق نمط خاص به، وبالتالي فمازلنا نجهل حتى اليوم طبيعة عملية التفكير البشري»
إقرأ أيضا لـ "عبدالجبار الرفاعي"العدد 252 - الخميس 15 مايو 2003م الموافق 13 ربيع الاول 1424هـ