العدد 2519 - الخميس 30 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ

فتنة مروجي الطائفية

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

يرى الباحث أحمد صدقي الدجاني في كتابة «التطرف في الإسلام» أن من أهم أسباب تغذية التطرف الديني في البلاد العربية، يعود إلى التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت في عقدين من السنين، وقد شملت هذه التغيرات الثروات النفطية التي تعرضت لموجات متتالية من المد والجزر، والسياسات الاقتصادية التي انتقلت من سيطرة الدول إلى سيطرة السوق، وسياسات أخرى تعليمية وإعلامية.

لكن الباحث يركز على أن هناك سببا رئيسيا مهما يفعل فعله في تغذية التطرف في البلاد العربية والإسلامية، ويمثل فعلا مؤثرا داخليا...وهو ماتعانيه غالبية أنظمة الحكم في البلاد العربية والإسلامية من افتقار للشورى والديمقراطية على رغم مضي عدة عقود من السنين على إقامة نموذج الدولة الحديثة فيها؛ وتتفاعل في تكوين هذا السبب عوامل داخلية وخارجية، وهو يؤدي إلى إصابة الحكومات والشعوب على السواء بمرض «الحرمان»الذي تحدث عنه محمد كامل حسين في كتابه «الوادي المقدس»، كما يؤدي إلى إصابة الدول التي تعاني منه بمرض «نقص المناعة الأمنية»، فيظهر فيها «العنف المؤسسي»مقترنا بعجز مطبق عن الحوار مع جيل الشباب وعن إفساح المجال له كي يعبر عن نفسه ويخدم بلاده.

وهكذا يقع كثير من الشباب ضحية هذا العنف المؤسسي، فتنمو في أوساطهم ظاهرة التطرف الديني، ومن الملاحظ أن هذا العنف المؤسسي يشتد مع تعثر هذه الأنظمة في تحقيق أهدافها المعلنة في التنمية الاقتصادية والتعددية السياسية، تماما كما يقوى مع وقوعها في أسر التبعية والديون بفعل سياسات دول الهيمنة العالمية.

هناك بضع صور لانتشار ظاهرة التطرف بين الشباب، وخصوصا في منطقة الخليج العربي والدول الإسلامية، مع تنامي ظاهرة تأجيج العداء بين «السنة والشيعة» سببها زمرة من مشايخ «الفتنة»من الطائفتين، وعلى رغم قلتهم، لكنهم يصرون بقوة على تدمير المجتمع تحت شعار الدفاع عن الدين الإسلامي وحمايته، وهم إنما يدركون في قرارة أنفسهم أنهم يلحقون الضرر بالمجتمع الإسلامي أكثر من تحقيق مصلحته، وقد أشرت في أحد الأعمدة الى أن الكاتب الجزائري باهي صالح، حصر الأسباب في تنامي الظاهرة في (فتنة) مروجي الطائفية من بعض من يطلق عليهم (علماء)، وغياب الدور الحقيقي للعلماء العاملين، فباهي صالح يشدد على أن مشايخ الحمق و الهبل يدقّون طبول حرب وشيكة بين الشّيعة و السّنة، يصبّون الزّيت و البنزين على النّار بتصريحاتهم العامّة و من ورائهم يتحرّكون بالرّموت كنترول، مندفعون بلا وعي و لا عقل، إرادتهم توجّهها العاطفة الدّينيّة الجيّاشة، لا همّة لهم إلاّ في القتل و الإفساد و الأذى، عقولهم صادرها علماء دينهم فلم يعد لهم عليها سلطان، وبعزيمة تشحذها وتقوّيها الرّغبة في إحياء فريضة الجهاد و نيل إحدى الحسنيين...إمّا النّصر أو الاستشهاد...يتواجه الفريقان على ساحات الوغى في بلدانهم و أوطانهم.

والآن، لو نظرنا على مدى عقد من الزمان، إلى مبادرات أو إطروحات صدرت من علماء دين ومثقفين عرب ومسلمين للتصدي لظاهرة العنف والتطرف، لن نجدها قادرة على مواجهة سيل كبير من المبادرات المضادة التي تشجع التطرف والتعصب الأعمى، ولعلنا في هذا السياق، نعبر أن أمنيات في أن يتولى العلماء من الطائفتين الكريمتين والخطباء في بلادنا، مسئولية نشر ثقافة الاعتدال والوسطية، وأن تحيي وزارة العدل والشئون الإسلامية أفكارها التي طرحتها في هذا المسار لتصبح ملموسة على أرض الواقع.. فحتى الآن، لا نرى لها ضوءا...ولا ندري ما هو السبب في ذلك؟

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 2519 - الخميس 30 يوليو 2009م الموافق 08 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:41 م

      سبب الطائفية

      الاصطفاف الطائفي الموجود في البحرين ليس صعبا للمستوى الذي لا يمكن ان نتخلص منه او لاتستطيع الحكومة ان تتخلص منه. المواطنين السنة والشيعة لا يمكنهم ان يتجاوزو القانون اذا وقف القانون ضد الطائفة وحاربها ..

    • زائر 3 | 4:08 ص

      الحل الوحيد

      الحل الوحيد للطائفية هو الفصل بين الدين و الدولة.

    • زائر 2 | 2:55 ص

      العام 1979

      لم تكن هناك طائفيه في العالم العربي و الإسلامي قبل العم 1979 هذا واقع يجب علينا أن نعترف به جميعاً ثم بعد ذلك علينا أن نرى كيف نحارب الطائفيه. إذا لم نعترف بسبب الطائفيه فلن نستطيع أن نعالجها أبداً. أخ سعيد ألم تكن المعارضه في البحرين خلال الخمسينات و الستينات و السبعينات مختلطه بين سنه و شيعه و كانت وطنيه بإمتياز؟؟؟ لماذا بعد العام 1979 أصبحنا طائفين؟؟؟ لماذا فقط بعد ذاك العام بدأنا نرى منظمات طائفيه في العالم العربي؟ لماذا فقط بعد ذاك العام أصبحنا لا نثق في بعض ؟ لماذا فقط بعد ذاك العام؟؟؟؟؟

    • زائر 1 | 2:37 ص

      الاختلاف

      الاختلاف بأنواعه ثقافه سيما الفكري وهو الاخطر , فمشيئته اقتضت ان يخلق البشر جلت قدرته مختلفين تكوينياً , اجتماعياً وفكرياً حتى تكون هناك معايير للجمال والقبح , للغنى والفقر والعلم والجهل وحتى لا تصبح الدنيا رتيبه وممله , والاختلاف مكمن التحدي فلا نجعل منه بجهلنا خلافاً وتطرفاً يذمرنا بل وقوداً به عجلة التقدم تدور .
      عن النبي (ص) انه قال : ان في اختلاف امتي لرحمه . انتهى , فلا نجعل منه نقمه . شكراً للوسط .

اقرأ ايضاً