منذ أن وعيت على العمل في المجال الرياضي، ومارسته سواء كنت في إدارة اتحاد اليد حين إشهار اللعبة، أو من خلال عملي كمشرف على الأندية في قسم رعاية الشباب، وحتى يومنا هذا لم أجد أي فارق طرأ على الاهتمام بأندية القرى، بل العكس، أجد تراجعا كبيرا في الأنشطة والبرامج الرياضية والثقافية والفنية وحتى الاجتماعية. نتيجة عدة أسباب أبرزها تضاؤل مبالغ الدعم المالي المقدم من الجهات الحكومية للأندية، إذ بقيت على حالها أكثر من 30 عاما على الرغم من فارق القيمة الشرائية للدينار البحريني.
وهذا الواقع المر التي تعيشه أندية القرى، مع فارق بسيط يتلخص في وجود قلة من الأندية فرضت اسمها على الساحة الرياضية «باربار على سبيل المثال» أصبحت تحظى ببعض الدعم المالي من المؤسسة العامة للشباب والرياضة، إلا أن هذه المبالغ «لا تودي ولا تجيب» لو قارناها بالمسئوليات الجسام الملقاة على عاتق مجالس إدارات الأندية... والمثل الصارخ على هذا الإهمال الذي لا يغتفر في حق أندية القرى، حرمان أهالي قرية أبوصيبع من ناديهم بعد أن أغلقته الحكومة لمدة تزيد على 35 عاما بسبب قضية سياسية أو جنائية. ولكن مهما كان السبب هذا لا يبرر استمراريته حتى يومنا هذا، لأن المحكوم عليه بالسجن المؤبد يسجن 25 سنة وتخفف عنه العقوبة إلى 20 سنة بسبب حسن السير والسلوك!
أعود إلى صلب الموضوع، وأقول إن المؤسسة العامة للشباب والرياضة لم تقم بدورها على خير وجه اتجاه أندية القرى التي تحتضن القاعدة الكبيرة من قطاع الشباب في المجتمع البحريني. بل تمادت في إهمالها بسبب انصباب اهتمامها على دعم الاتحادات والأندية التي تترجى من ورائها تحقيق إنجازات رياضية وقتية. وخير دليل على صحة ذلك. مقارنتنا بالمبالغ الطائلة التي تصرف على اللاعبين المجنسين في ألعاب القوى، سنجد بأن ما يصرف على لاعب واحد لإعداد مشاركته في أحد البطولات الخارجية، يعادل أضعاف ما يصرف من مبالغ على أحد أندية القرى الصغيرة مثل الشاخورة وعراد والزلاق والنويدرات والقدم وكرانة!
ودفاعي عن أندية القرى أرمي من ورائه حماية شبابنا من خلال توفير البرامج الهادفة والمنشآت الصالحة، لأن المنشآت الموجودة حاليا في هذه الأندية، تدعو إلى الاكتئاب أو زيادة الإحباط، ومن يخالفني الرأي، أدعوه لجولة على هذه الأندية، التي فوضت أمرها إلى الله، وأصبحت - بعد أن يئست من الدعم الحكومي - تعتمد على اجتهادات أعضاء مجالس إداراتها. أما الأكثر غرابة في هذا المر هو ما نقله لي أحد القراء الكرام والذي قال: «تحرص إدارة الشباب بالمؤسسة العامة - بين الفينة والأخرى - على تنظيم محاضرات لأحد رجال الدين تستقدمهم من خارج البحرين، وهم يكلفون خزينة المؤسسة العامة أموال طائلة تصرف على السكن والإعاشة والمواصلات وحجز القاعات وتجهيزها وصرف المكافآت. والعجيب في الأمر أن خلاصة محاضرات هذه الداعية تنصب على المطالبة بحماية الشباب من آفات المجتمع، وخلق البرامج الهادفة التي تحميه»... لذلك نسأل الإدارة المحترمة: لماذا لم تخصصي هذه الأموال لتوفير المنشآت الصالحة والأجواء المناسبة للشباب بدل البهرجة الإعلام؟
يزورنا - دائما - في «الوسط الرياضي» الكثير من الشباب العاملين على تنظيم الدورات الرياضية لشباب أندية القرى، وحينما يتحدثون عن المعوقات التي تواجههم يتساءلون دائما «هل الحكومة حينما أقرّت الموازنة السنوية التي تخصص للمؤسسة العامة والتي تقدر بملايين الدنانير، اشترطت - الحكومة - صرفها على تحقيق الإنجازات الرياضية، أو أن تكون من أولوياتها بناء البنية التحتية للأندية وإعداد البرامج الهادفة في مجال الشباب والرياضة»؟
إقرأ أيضا لـ "عباس العالي"العدد 2512 - الأربعاء 22 يوليو 2009م الموافق 29 رجب 1430هـ