العدد 2512 - الأربعاء 22 يوليو 2009م الموافق 29 رجب 1430هـ

النازحون الباكستانيون يرفعون أصواتهم

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تتواجد الباكستان اليوم في وسط أكبر عملية لها ضد الطالبان في إقليم سوات المضطرب والمناطق المجاورة.

وعلى رغم أن موجة أولية صغيرة من اللاجئين قد بدأت العودة كجزء من جهود حكومية، إلا أنه يُعتقد أن مليونين ونصف المليون من الناس هربوا من سلسلة الجبال التي كانت في يوم من الأيام هادئة وذات مناظر خلابة. تحدثت في مخيم في ريزالبور على بعد 50 ميلا جنوب مناطق دارت فيها أعنف المعارك، مع بعض النازحين.

«سافرنا على الأقدام من منغورا إلى كوكاري، ثم ذهبنا إلى سانجار... على بعد نحو تسعة أميال (قبل أن نركب الحافلة إلى ريزالبور)»، يقول محمد يحيى، رئيس البلدية السابق لقرية قرب منغورا.

قطعت مجموعات بأكملها تضم النساء والأطفال والشيوخ الرحلة عبر سلسلة مرتفعة من الجبال. اضطر الجميع تقريبا إلى التنقل على الأقدام لأن وسائل النقل العامة كانت إما خطرة أو مكلفة.

تعيش المجتمعات النازحة في العادة حياة أساسية، حيث يقيم أفرادها في مساكن مكتظة أو خيام دون مياه جارية أو كهرباء، وهم سكان جبال طوال حياتهم، غير معتادين على حرّ الصيف الشديد في المناطق الأقل ارتفاعا مثل ماردان وريزالبور، أو في بيشاور على بعد 55 ميلا إلى الجنوب، حيث لجأت الغالبية. إما الإسهال والأمراض التي تنقلها المياه، يفاقمها الحر الشديد فهي شائعة جدا، وخصوصا بين الأطفال الأصغر عمرا.

«في إحدى الليالي كانت هناك سلسلة من الانفجارات على أطراف القرية» تقول مانو، الطفلة البالغة من العمر 11 سنة، والتي قابلتها في مناطق السكن الجرداء في منطقة ريزالبور الصناعية، تبرع بها أصحاب الأعمال للنازحين. قرر جميع سكان قرية مانو البالغ عددهم 13 أسرة أو نحو 200 شخص النزوح هربا من بيوتهم في الصباح الذي تلا الانفجارات.

إلا أن التشرد ليس سوى واحد من آثار هذه الحرب. يشتهر وادي سوات بمجال واسع من الفواكه وغيرها من المحاصيل التي تدرّ دخلا نقديا على أصحابها. ونظرا إلى أن النزاع بدأ في وسط فترة الحصاد في مايو/ أيار الماضي، فقد السكان الذين يعتمد معظمهم على الزراعة، الجزء الأكبر من دخولهم لهذه السنة.

تحولت منغورا، وهي أكبر مدينة في سوات وواحدة من مراكز الاشتباكات بين الطالبان والجيش إلى قلعة من قبل المتمردين. لم يتمكن الجيش من استعادتها إلا بعد قصف عسكري مدمِّر أدى، بحسب روايات السكان المحليين ومصادر عسكرية غير رسمية، إلى قتل أعداد من المدنيين تفوق بكثير أعداد المتمردين المسلّحين.

إلا أنه عند طُرِح السؤال عمن يتحمل مسئولية هذه الأزمات ظهر بوضوح أن النازحين يحملون كراهية عميقة تجاه الطالبان لدورهم في فناء أحيائهم التي كانت مسالمة في يوم من الأيام.

«يقول هؤلاء الطالبان أنهم يحاربون من أجل حكم الإسلام» يقول بورماناري. «يقولون إنه لا يوجد إسلام في سوات. ولكن ما هذا؟ هل نحن غير مسلمين؟».

يقول الطالبان إنهم يريدون الشريعة الإسلامية، ولكن أي نوع من الشريعة هذه؟ إنها مجرد لعبة عندهم». تقول مانو.

تجرأت مانو على السعي للحصول على تعليم في منطقة سوات حيث يمنع الطالبان بشكل علني النساء من التعلُّم. «لست خائفة من الذهاب إلى المدرسة»، تقول بتحدٍّ عند سؤالها عن دراستها. استمرت مانو في الذهاب إلى واحدة من المدارس القليلة الباقية بعد أن دمّر الطالبان أكثر من مائتي مدرسة، في مخاطرة يمكن أن تعرّضها إلى أذى جسدي، قبل أن تهرب في نهاية المطاف مع أسرتها.

«لسنا خائفين لأننا نقوم بما هو صحيح»، يقول ضياء الدين يوسف زاي، أستاذ المدرسة. «هؤلاء الذين يمنعون طالباتنا من الحصول على التعليم هم الذين يجب أن يخافوا. يعلّمنا الإسلام أن الحصول على العلم إلزامي على الجميع. تلك هي تعاليم النبي محمد (ص). الإسلام ملكي كما هو ملك الطالبان. لماذا يجب فرض ذلك عليّ من قبل الطالبان؟ بدلا من ذلك يحفّزني الإسلام على توفير التعليم لأطفالي لأن العلم هو النور والجهل هو الظلام».

يبدو أن الظلام قد غمر سوات. إلا أن النازحين يستخدمون الشعر، مثل كلمات مانو تلك، لتنوير محنتهم:

«منطقة سوات التي أعيش فيها اشتعلت، ليس فقط من ناحية واحدة بل من جميع النواحي. غطت النيران كل شيء: شعبنا وعاداتنا ومدارسنا وأسواقنا وسوات الجميلة، بأوديتها وقممها، وبأزهارها العطرة، جميعها فقدت سحرها وبريقها. هناك حروب في كل اتجاه، صَمَت الناس الذين ضحكوا وغنوا. جف نهر سوات، الذي كان في يوم من الأيام عظيما مسالما. أصلي لك يا ربي أن تعيد لنا الجنة وسوات المسالمة التي أذكرها».

* مراسل مجلة The Diplomat وNewMatilda.com للشرق الأوسط وجنوب آسيا، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2512 - الأربعاء 22 يوليو 2009م الموافق 29 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً