يبدو أن الأزمة الاقتصادية والمالية التي يرزح تحتها العالم وجدت من يوظفها خير توظيف، ويعلق عليها مشكلاته لتصبح سبب كل معضلة أو تسريح للعمال أو رفع للأسعار.
وربما تكون هذه الفرصة المناسبة لأي صاحب عمل أو مؤسسة صغيرة كانت أم كبيرة في «فش خلقه» وعمل ما يحلو له تحت مسمى «تحت تأثير الأزمة»، إما من خلال تسريح الموظفين، أو تقليل الرواتب، وتبرير الخسائر ورفع أسعار المنتجات.
ويشبه ما نمرُّ به اليوم في السوق المحلية على الأقل ما شهدناه في العام 2008 حين سُمِّي بعام أزمة الغذاء، والذي شهد ارتفاعا حقيقيا في الأسعار ليستغله الكثير من ضعاف النفوس في رفع أسعار المواد الغذائية في سوقنا المحلية في البحرين، من دون مبرر حقيقي، تحت ذريعة «كل شي ارتفع سعره»، فحتى سعر الشاورما، ووجبة الغذاء الصغيرة أرتفع.
جميع السلع الاستهلاكية الرئيسية مدعومة من قبل الحكومة، مثل المحروقات اللحوم والدجاج والطحين، وتفاجأ بأن الأسعار ترتفع سنة بعد سنة. لماذا ؟ لأن الأسعار ارتفعت! هكذا ببساطة تامة تُمارس السذاجة على المستهلكين.
نعرف أن هناك ظروفا تغيرت، مثل رسوم العمل، وبعض أسعار الإيجارات، وبعض السلع الغذائية بصورة طفيفة، ولكن هذا لا يبرر رفع الأسعار بصورة كبيرة جدا. فمحل كافيتريا صغير يعمل فيه 3 أو 4 أشخاص سيدفع شهريا 40 دينارا لكل عامل، فهل تستحق هذه الزيادة زيادة الأسعار 20 و 30 في المئة وفي بعض الأوقات أكثر. نحن لا نقول بأن التسريحات التي حدثت في بعض الشركات ومنها المقاولات مفتعلة أو أن هذه المؤسسات لم تتأثر بالأزمة، ولكن هذه الحجة لا يمكن لها أن تستغل من قبل بعض الشركات في تسريح من تشاء، وأن تحصل على مبرر مجاني للتسريح، ربما كورقة للضغط على الحكومة لمراجعة رسوم العمل، أو أية رسوم وضرائب أخرى، فهذا أكثر ما نخشاه.
لغة الحوار بين العمَّال وأصحاب الأعمال وبين المستهلكين ومقدمي الخدمات والمنتجات يجب أن يكون مستمرا، وأن يكون هناك حس من الثقة المتبادلة والحوار وفهم للمصالح المشتركة، ومع الإيمان بالسوق المفتوحة والمنافسة الشريفة لا ينبغي تماما أن يستغل هذا الانفتاح في ممارسة نوع من الضغط في سوق صغيرة لم تصل فيها إلى حد مقبول من الممارسة التجارية المحترفة والوعي، وممارسة الدور الكامل للحقوق من قبل المستهلكين.
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 2511 - الثلثاء 21 يوليو 2009م الموافق 28 رجب 1430هـ