مازالت فتنة «تقاعد النواب» تلاحق نواب «الوفاق» أينما حلّوا، ويتجرعون مرارتها كل يوم، بينما يهنأ بالكعكة زملاؤهم في الكتل الأخرى من دون أي تنغيص ولا مطاردة.
وصل الأمر إلى أن تعلّق ملصقات على بيوت ومكاتب النواب دونت فيها مقاطع من خطبة الشيخ عيسى قاسم بشأن «تقاعد النواب» (في 2004 حينما لم تكن «الوفاق» قررت المشاركة بعد، وفي 2007 حينما رفضته «الوفاق» في بادئ الأمر)، والملصقات ليست استنطاقا لمرجعية معلّقيها بالضرورة، بقدر ما هي نكاية من تيار بتيار، غير أن «الفتنة» بلا شك تغلغلت حتى النخاع في أوساط الكتلة، وباتت كابوسا يخيم على الوفاقيين.
كان البعض يراهن على أنها «سحابة صيف» وستمحى من ذاكرة الجمهور الوفاقي كغيرها من المنعطفات الصعبة، إلا أنها بقيت حتى الساعة، شماعة يعلق عليها المؤيدون والمناوئون إخفاقات الوفاق النيابية.
واقع الحال أن المتشبثين بالتيار الوفاقي مازالوا ساخطين على نوابهم، ويأملون منهم التكفير عن «خطيئتهم» حتى لا تتحول إلى عائق كبير يؤثر على سير الحراك الانتخابي في المرحلة القريبة المقبلة. وهو أمر صعب للغاية، لكن لابد من التفكير بالمقابل في مخرج منه. فصمت رموز الوفاق واكتفاؤهم بالتلويح لم يحل المشكلة بعد، وإن شدد قاسم على حقوق «الأخوّة الإيمانية» وامتص لقاؤه مع «أمل» جزءا من الاحتقان، غير أن المشكلة الأكبر تكمن بين «الوفاق» وجمهورها الساخط.
لا أطرح هذا التوصيف نبشا للماضي كما سيظن البعض، ولكن القريب من الشارع الوفاقي يشعر جيدا أثر هذه «الفتنة» على نفسيات الكثيرين، ما غيّر الصورة الجميلة إلى حد ما عن نواب الكتلة في عيون المحسوبين عليها (على الأقل). وهذا ما يحتم بالضرورة على الرموز الوفاقية أن تفكر في الخروج من الفتنة بأقل الخسائر، بعد أن جربت الصمت (من أجل النسيان) ولم تنجح.
مازالت كلمات قاسم تنتشر في المنتديات والطرقات ويراها الكثيرون فيتذكرون المفارقة الصعبة «كان طبيعيا أن ترفض الوفاق المشروع الرشوة، وكان غريبا عليها وكبيرا على الجمهور المؤمن لو أعطت موافقة على ذلك، وهو ما يبعد عن وعي المخلصين فيها ورساليتهم»!
نبوءات قاسم بدأت تتحقق، وإن لم يكن يرغب في أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه، حين قال: إن «المشروع فيه: تكريس للطبقية الفاحشة ومقايضة خسيسة ومسايرته منافية للتوجه الرسالي الواعي والحس الإسلامي الحي، ومسقطة لسمعة الدين، وهذا ظلم فاحش، ومضعفة للواقع الديني على الأرض حاضرا ومستقبلا». ولم يدر في خلده حينها أن الأمور ستنقلب، وستوافق «الوفاق» على المشروع بمبررات وجدها أو لم يجدها مقنعة.
لا يستبعد القريبون من التيار أن الكتلة أحرجت قاسم بموقفها، وجعلته في موقف صعب، والدليل أنه لم يخرج للعلن مدافعا بصراحة عن موقف نواب الوفاق في موافقتهم على «التقاعد» وإن زعم المتحدث الرسمي باسم الكتلة أنهم أخذوا الرخصة منه بتسلم الراتب، وبذلك بقت الصورة قاتمة جدا حتى هذه اللحظة، وما استقواء بعض النواب بفتوى السيد السيستاني مؤخرا إلا دليل الوضع المعقّد الذي وصلت إليه الأمور.
الجديد في الأمر، حجم التبعات التي ستتركها هذه «الفتنة» على واجهة الكتلة، وما ستضيفه من أعباء مع جبل التحديات الانتخابية الذي تعد له «الوفاق» العدة. فحتى لا تكون رواتب التقاعد الشعرة التي تقصم ظهر «الوفاق»، على رموز الجمعية (عموما) أن يعيدوا النظر في طريقة التعامل مع مخلّفات «الفتنة» وما أوجدته من غبن في نفوس مريدي التيار الوفاقي، وخصوصا أن سوادهم الأعظم من الفقراء والطبقات الكادحة ومحدودة الدخل، وبالتالي فكما قال قاسم إنه «تقلب في مال المحرومين والمستضعفين والمرهقين».
هل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟!، ليس بالضرورة، ولكن بإمكانه أن يرقّع إذا ما تطلب الأمر، ولا يعدم على من تخطى منعطفات أصعب من هذه أن يفكر في حل يسترضي به قلوب مريديه، قبل اصطكاك الأسنة.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 2510 - الإثنين 20 يوليو 2009م الموافق 27 رجب 1430هـ
لا أعتقد ذلك
حقيقة يشكر كاتب المقال على مقاله هذا، والقضية أكبر بكثير من ذلك، وتداعياتها لن تقف عند هذا الحد، والرجوع عن الخطأ فضيلة لا يعرفها إلا الشجعان والمؤمنون، وأعتقد أن لقاء أمل مع الشيخ عيسى لم يمتص جزءا من الاحتقان - كما ذكر الكاتب - بل ألقى بالمسؤلية كاملة أمام الشيخ عيسى بصفته من أعطى الضؤ الأخضر للوفاق كما صرح خليل مرزوق، وهذه ضربة معلم ستكتشف وإن لا حقاً.
أفضل شي
بصراحه افضل شي صار أنه تم نشر منشور فيه خطب الشيخ عيسى أحمد قاسم ولصقه في أماكن عديده وأهمها مكاتب النواب وبيوتهم في سترة وهذه حركة يشكر عليها من قام بها علشان إذا دخلوا أو طلعوا من بيوتهم او مكاتبهم يشوفون إلي سووه ويشوفون مخالفتهم الصريحه لمرجعيتهم الكبيره
مايستحقون الترشيح نواب الوفاق
لانهم رموا الفتات للشعب كما اقروو قانون الاستقطاع علينا وهم خذوا الكيكه الكبيره لهم واجازوها ليهم بالفتاوي المعلبه لم يحققوا شي يذكر بل بالعكس ذل وتراجع منذ دخولهم البرطمان الفاشل والمعارضه صارت مصالحه وصاروو نواب حجي بس نواب استنكار فقط يعني بي قول بلا فعل
صاروا يبون يحارببون الفساد وينسون روحهم هالتقاعد الابدي احنا الشعب اللي بندفعه من دمنا وشغلنا
ayshay2@hotmail.com
بعبع تقاعد النواب لن يثنيني انا واهلي عن ترشيح الوفاق وماقامت به يستحق الشكر والثناء عليه واطالبها بالمزيد وحديثك اخي الكريم عن الفتنه سوى زوبعات في المنتديات خلف الشاشة ابطالها الكتاب والصحفيين بالتحديد وهم الاكثر اطلاعا على المواقع المحظورة وما التحرك الجديد الا وقام بالطعن في ( حق ) وليس الوفاق كما تتصور ........
واحد من الجفير
مجرد شكر
السلام عليكم
اشكر الكاتب الأخ عبدالله الميرزا (ابو سجاد) على كتابه الجميل ..
في الحقيقة ليس لدي ما اضيفه فالاستاذ عبد الله تطرق للكثير ولكن احببت فقط ان ابدي اعجابي بكتابات هذا الكاتب صاحب الفكر الراقي