العدد 2509 - الأحد 19 يوليو 2009م الموافق 26 رجب 1430هـ

التحديات والفرص في انسحاب الولايات المتحدة من العراق

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

خرجت الدبابات والآليات العراقية في 30 من يونيو/ حزيران للمشاركة في احتفال وطني بانسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية. وكانت المادة 24 من الاتفاقية الأمنية قد حددت ذلك التاريخ كموعد لانسحاب القوات المقاتلة الأميركية من جميع المدن والقرى والنواحي العراقية. كذلك تنادي الاتفاقية بسحب جميع القوات الأميركية بحلول 31 ديسمبر/ كانون الأول2011. نتيجة لذلك كانت القوات العسكرية الأميركية تسحب قواتها القتالية من المراكز السكانية في العراق خلال الشهور الماضية، وقد أنهت انسحابها قبل يومين من الموعد المحدد.

عندما أنهى العراقيون والأميركيون مفاوضاتهم حول الاتفاقية الأمنية في ديسمبر الماضي، تساءل العديد من المراقبين حول ما يمكن أن تكون نتيجة انسحاب مبكر في تاريخ محدد على استقرار العراق. وقد أصّر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وهذا أمر يحتسب في صالحه، على أن الانسحاب سوف يوفر قوة اندفاع كبيرة للعملية السياسية وسوف تغلب حسناته على المخاطر التي قد تنجم عن الانسحاب.

ما هي إذن التحديات والفرص التي يأتي بها الانسحاب؟

التحدي الأول هو الأمن: قدرة قوات الأمن العراقية على تسلم المسئولية بنجاح في كل محافظة. وقعت في الأيام العشرة التي سبقت الانسحاب سلسلة من الهجمات استهدفت المدنيين وأدت إلى مقتل ما يزيد على 200 عراقي. وكان المالكي قد حذر من احتمالات ازدياد عدد الهجمات حول تاريخ الانسحاب بشكل يهدف إلى إضعاف الثقة بالحكومة العراقية وقوات الأمن، إلا أنه كان واثقا من أن قوات الأمن سوف تكون قادرة على توفير الأمن للمدن العراقية بعد انسحاب القوات الأميركية. وقد أكد كبار الضباط الأميركيين ذلك، وأكدوا على أن قواتهم سوف تعمل بشكل مكثف في النطاق الريفي الخارجي لمنع تسلسل الإرهابيين إلى داخل المدن.

تحرز قوات الأمن العراقية تقدما حقيقيا وتعمل على بناء الثقة في قدرة العراقيين على التعامل مع التحديات الأمنية، بما فيها القاعدة وغيرهم من المتمردين المسلّحين، كما تستمر قدرات القوات الاستخبارية العراقية في النضوج. وقد أثبتت سلسلة من العمليات الهجومية الواسعة التي أجرتها القوات العراقية في ربيع وصيف عام 2008 قدرتها على الانتشار بسرعة بأعداد كبيرة. ونجحت قوات الأمن المحلية في سامراء (على بعد 100 كيلومتر شمال بغداد) في حماية أكثر من 200.000 حاج زاروا المواقع المقدسة يوم 26 يونيو. كانت سامراء قبل سنتين منطقة خطرة للزائرين وللسكان المحليين على حد سواء.

تشكل التسوية السياسية الضرورية لرأب الصدوع العراقية السياسية والعرقية والطائفية أكبر تحدٍ يواجه الحكومة العراقية. وتعتبر التوترات بين العرب والأكراد حول المناطق والحدود المتنازع عليها وتوزيع ثروة النفط وعائداته وتوزيع السلطة في الشمال بين الحكومات الإقليمية والفيدرالية حاسمة لمستقبل العراق.

وقد يزيد دستور إقليم كردستان الذي أصدره البرلمان الكردي مؤخرا من حدة هذه التوترات. كانت القوات الأميركية تلعب دورا في التخفيف من هذه التوترات من خلال تشجيع الحوار لمحاولة جسر الخلافات. ويجب الآن نقل هذا الدور إلى السفارة الأميركية مع الموارد الضرورية لتحقيقه.

كذلك يشكل تنفيذ الاتفاقية الأمنية وانسحاب القوات الأميركية فرصا جديدة للحكومة الأميركية.

يرى الرأي العام العراقي عادة الولايات المتحدة على أنها قوة احتلال ويريدها وغيرها من قوات التحالف أن تغادر في أسرع وقت ممكن. وقد استغلت مجموعات متشددة كثيرة شعار «مقاومة المحتلين» في كفاحها للوصول إلى السلطة.

والآن ومع انسحاب القوات الأميركية، سوف يكون من الصعب أن يتمكن المتشددون من إقناع الشعب بأنهم يحاربون من أجل التحرير والحرية. وما لم يلقوا أسلحتهم ويدخلون في التسوية فسوف يفقدون الكثير من أنصارهم. وقد أصدر رجل الدين العراقي مقتدى الصدر، الذي تشكل قواته المسلّحة تهديدا كبيرا، أصدر بيانا يحث فيه المواطنين العراقيين على دعم قوات الأمن العراقية وأشار على أتباعه بالمشاركة في عهد جديد من «المقاومة السياسية» في العراق ورفض النشاطات العنفية.

وقد قام حتى عزت الدوري، وهو شخصية بارزة في حركة التمرد (النائب السابق للرئيس صدام حسين في مجلس القيادة الثوري العراقي) بنشر خطاب على شبكة الإنترنت يطلب فيه من جماعته عدم مهاجمة قوات الأمن العراقية، رغم أنه حث العراقيين على مواصلة قتال الأميركيين «حيثما كانوا في العراق».

تشكل إعادة انتشار القوات الأميركية كذلك فرصة للعراق فيما يتعلق بعلاقاتها الخارجية، فبعض الدول المجاورة تتخذ مواقف سلبية تجاه العراق لأنها شعرت بأن وجود القوات الأميركية هناك شكّل تهديدا مباشرا لها. وقد كانت ردة فعلها التدخل لزعزعة أمن العراق. سوف يعزز انسحاب القوات الأميركية فرصته بناء علاقات صحية مع هذه الدول.

إضافة إلى ذلك، ترددت العديد من الدول في بناء علاقات اقتصادية ودبلوماسية طبيعية مع العراق بسبب شكوكها فيما يتعلق بقدرة الحكومة العراقية على السيطرة على الوضع. وقد وصف المالكي وبصدق هذا التحول على أنه «مرحلة جديدة سوف تعطي دفعة لسيادة العراق وترسل رسالة إلى العالم أننا الآن قادرون على حماية أمننا وإدارة شئوننا الداخلية».

*عضو سابق في المجلس الحاكم المحلول ويعمل حاليا في مجلس الأمن الوطني، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2509 - الأحد 19 يوليو 2009م الموافق 26 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً