لا يختلف مُريدٌ أو مناكِفٌ لـ «الوفاق» على أن الكتلة تواجه وضعا صعبا وحرجا في المنافسة الانتخابية لعام 2010 لعدة أسباب واقعية، على رأسها «فتنة» تقاعد النواب التي عصفت بجماهيريتها لدى عدد ليس بالقليل من المحسوبين عليها، وهذا ما يجب أن تدركه الكتلة مبكرا.
إعلان «الوفاق» أمس الأول إعادة تشكيل «مركز الانتخابات» الذي يعنى بالمسارات النيابية والبلدية برئاسة أمينها العام الشيخ علي سلمان يعني أنها بدأت الاستعداد جدّيا لخوض المنافسة المقبلة، غير أن أحدا لا يعرف مدى قدرة هذا الجهاز على جس نبض الشارع بصورة حقيقية عبر ما سيقوم به من دراسات واستطلاعات وقياس للرأي، وهي المهمة الأصعب التي تحتاجها الكتلة في هذه المرحلة بالذات.
ليس منطقيا أن تتعامل «الوفاق» في هذه المرة مع شارعها على أرضية «2006» التي أسعفتها في التغلب على كل المنافسين تقريبا وجعلتها تتعامل مع مقاعدها «المضمونة» بثقة كبيرة، وذلك نظرا إلى عدة عوامل دخلت على خط الجماهيرية «المكتسِحة». ففي الوقت الذي يستبعد فيه مقربون من التيار أن تستخدم قيادة التيار التلويح الضمني مجددا بالكتلة «الإيمانية» لدعم «الوفاق» لأسباب غير معلنة، فإن كفاءة وأداء نواب الكتلة وإنجازاتهم الواقعية تحت قبة البرلمان ستكون الفيصل في حكم الناس وترشيحهم، ولا شيء آخر.
الأمر الأكثر خطرا على مصير مقاعد الوفاق الـ 17 «المضمونة» (التي تفاءل النائب السيد جميل كاظم بأنها سترتفع إلى 20 مقعدا في 2010) هو ما تسرّب عن تحرك خفي لجمعيات صديقة وتحركات أخرى (تعتزم فك المقاطعة) من أجل الإطاحة بمرشحي الكتلة، وتقديم بدائل «قوية ومقبولة اجتماعيا»، وخصوصا في دوائر وفاقية مركزية، بعد أن اتُهم نوابُها بالتقصير الواضح في أدائهم التشريعي فضلا عن الخدمي الذي لم يستغلّوه كما استغله رفقاؤهم في الكُتل الأخرى بفاعلية.
ومؤكد أن رموز «الوفاق»، مع هذا السيل من التحديات، لا تغفل عن عائقين كبيرين عليها أن تواجههما في هذه المرحلة؛ الأول عائق الدوائر الانتخابية ومراكز التصويت التي لم تستطع أن تزحزحهما من مكانهما على رغم ما بذلت من مساع تشريعية وقفت الكتل الأخرى في وجهها، وبالتالي فهي ستبقى محاصرة في دوائرها الضيقة لا غير.
والعائق الثاني والأهم: تكهرب علاقاتها مع حلفاء «2006» بما فيهم «وعد» وجمعية «أمل» الذين يأملون في تقاسم نصيب الكتلة من المقاعد من جهة، ومع «التحرك الجديد» المنشق عن الجمعية الذي يستمر في توجيه اللوم والنقد اللاذع لمواقفها النيابية فضلا عن اعتراضه على مشاركتها، وهو ما سيخلخل بعض قواعد الوفاق، وينقلها إلى جبهة المقاطعة التي يشجعها «التحرك الجديد».
كل ذلك وأكثر يلوح في سماء الانتخابات المقبلة. «الوفاق» دخلت قاعة «الامتحان» وقدمت ما قدمت من إجابات، والناس هم من يحددون نتيجة الامتحانات بأصواتهم، صحيح أن قاعدة الجمعية أثبتت جدواها في كثير من المنعطفات بحضورها الحاشد ودعمها، ولكن ربما سيكون الأمر مختلفا هذه المرة مع حزمة من الملاحظات على أداء 4 سنوات من الشد والجذب. فهل تعي الجمعية خطورة المرحلة وتستبق الصدمة؟
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 2504 - الثلثاء 14 يوليو 2009م الموافق 21 رجب 1430هـ