العدد 2500 - الجمعة 10 يوليو 2009م الموافق 17 رجب 1430هـ

مستقبل مظلم ينتظر مجموعة الثماني

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وسط إجراءات أمنية مشددة، وفي ظروف اقتصادية غير مشجعة التقى يوم الأربعاء الماضي (8 يوليو/ تموز 2009) المشاركون في قمة مجموعة الثماني (G8)، في مدينة لاكويلا الإيطالية، تحدوهم بعض الآمال في قدرتهم على التوصل إلى قرارات «من شأنها المساعدة في الخروج بالاقتصاد العالمي من أزمته الحالية».

حفلت اللقاءات الثنائية والجماعية بالعديد من القضايا من نمط «الملفات النووية الإيرانية الكورية، التحكم في التغييرات المتوقعة للمناخ»، لكن الملف الأكثر حضورا كان الملف الاقتصادي بفضل العوامل التالية:

1. التمردات المتوقعة على هيكلية بناء الاقتصاد العالمي الذي لا يزال، حتى اليوم تحت رحمة اقتصاد ينازع سكرات الموت والذي هو الاقتصاد الأميركي. تدلل على ذلك الدعوات المتكررة التي أطلقتها دول مثل روسيا الداعية إلى البحث عن نظام اقتصادي ومالي عالمي بديل، والخطوات العملية المباشرة التي سارعت إلى الإقدام عليها دولة مثل الصين، التي بدأت تضع عملتها «اليوان» كبديل للدولار أو حتى اليورو في معاملات التجارة الخارجية بين دول آسيوية مختارة. ولا يمكننا هنا إغفال دعوات، حتى وإن كانت باهتة بعض الشيء، للتحرر من الدولار كعملة دولية، من بعض البلدان الصديقة للولايات المتحدة، كتلك التي باتت ترددها غرف لقاءات قمم دول مجلس التعاون.

2. استمرار تردي الأوضاع المالية والاقتصادية العالمية، وباعتراف خبراء ومؤسسات دولية، إذ يتوقع تقرير صدر عن صندوق النقد الدولي، على أبواب انعقاد قمة مجموعة الثمانية، تحسن في «النمو العالمي في العام 2010 بمعدل 0.6 نقطة ليصل إلى 2.5 في المئة، إلا أن الانتعاش الاقتصادي لن يكون سريعا». كما جاء في تقرير آخر لصندوق النقد الدولي يحذر من احتمال «زيادة حالة التوتر على الاقتصاد الدولي، مبينا بروز مزيد من الضغوط على الموازنات العمومية في البنوك، وانخفاض في قيم الأصول التي تملكها البنوك، مما يهدد كفاية رأس المال ويثبط من القدرة على الإقراض».

أما رئيس البنك الدولي روبرت زليك، فقد أكد مؤخرا لمجموعة من الصحافيين في تشيلي من أن «الاقتصاد العالمي مازال في وضع غير مستقر برغم بوادر التحسن التي يمكن ملاحظتها. كما أن القيود المتنامية المفروضة على التجارة تهدد النمو المستقبلي».

3. فشل النظام المالي العالمي في تلبية احتياجات التطورات المالية الصناعية والمالية التي شهدتها الأسواق العالمية، وهو أمر أشار إليه عميد كلية الاقتصاد والأعمال بجامعة نيويورك، توماس كولي، و33 من زملائه، ووضعوا نتائجهم عبر 18 دراسة وبحث «تناولت الجوانب المختلفة لظاهرة الأزمة الاقتصادية العالمية». وأكد كولي في مقابلة له مع محطة «سي إن إن» قال فيها، إن أحد أسباب الأزمة «يكمن في تعقيد العديد من الأساليب والآليات المصرفية الحديثة والافتقار إلى الرؤية المناسبة لكيفية عملها. كما أن الابتكارات التي دخلت القطاع المالي المعاصر يمكن أن تكون معقدة بصورة غير معقولة، وأن المخاطر الناشئة في النظم المصرفية الحديثة عصية على الفهم والقياس، فكثير من كبار المديرين في المصارف لم يفهموا بالكامل المخاطر المنطوية عن ذلك». ولا يخفي كولي مخاوفه من المستقبل حيث نجده يؤكد بأن هناك لا يزال «العديد من المخاطر في النظام، وعلينا أن نكون حذرين فيما نقيّمه لأن الكثير من المشاكل لم تحل».

4. أعباء الدول النامية المالية وأزماتها الاقتصادية، والتي تدهورت أوضاعها من جراء تداعيات الأزمة المالية على اقتصادياتها، فحتى قمة العشرين التي انعقدت قبل فترة، والتي تضم في عضويتها أعضاء قمة الثمانية، لم تقدم، في سياق ادعاءاتها بالمساهمة في مساعدة الدول النامية للخروج من عثراتها، وجدناه ترمي بما لم يتجاوز «50 مليار دولار في صورة مساعدات مباشرة للدول الأكثر فقرا»، وهو مبلغ لا يستحق ذكره عندما نعرف أن تقارير الأمم المتحدة تقدر حاجات التمويل لدى مجموع الدول النامية، وليس فقط دول مجموعة الخمس بـما يربو على 150 مليار دولار سنويا.

ويذهب بعض التقارير إلى أبعد من ذلك حيث ترى تلك التقارير أن «الأسواق الصاعدة تحتاج إلى إعادة تمويل قروض كبيرة تقدر بنحو 1.8 تريليون دولار في العام 2009». كما أن مجموعة العشرين ذاتها، وافقت على «ضخ تريليون دولار، منها 500 مليار دولار سيتم تقديمها إلى صندوق النقد الدولي، تخصيص 250 مليار دولار للمؤسسات المصرفية، بهدف تعزيز سياسات الإقراض وموازنات البنوك، وهي جزء من نحو خمسة ترليونات دولار، بنهاية العام 2010 المقبل».

هذه الحالة ترسم صورة سوداوية لما ينتظر دول مجموعة الثمانية من مستقبل، وهو أمر يحذر منه أيضا الخبير السياسي الأوروبي مايكل امرسون الذي يذهب بعيدا إلى حد القول بأن «زعماء مجموعة الثماني يدرون أن قمة أكويلا قمتهم الأخيرة وأن دور مجموعة الثماني انتهى لأن إدارة شئون العالم دون الصين أمر مستحيل في الوقت الراهن، في حين لا تريد الصين تقاسم المسئولية الإدارية مع أي كان بدليل أن الرئيس الصيني هو جينتاو يقدم حل مشاكل بلاده على حل الأزمة المالية العالمية».

هناك الكثير من الدول ممن لايزالون يضعون ثقتهم في الدول الغربية، ومن بينها دول مجموعة الثمانية، التي كما يبدو أنها بدأت تئن تحت المشكلات التي ولدتها الأزمة المالية العالمية، الأمر الذي يدفعنا نحو توقع مستقبل مظلم يترصد بها، مالم تستفد من أزمتها وتحاول البحث عن حلول تتجاوز الأطر التقليدية، بما فيها تلك القمم التي كانت تساهم في حل مشكلات تلك الدول.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2500 - الجمعة 10 يوليو 2009م الموافق 17 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً