في المقالين السابقين جرى الحديث عن اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب، والذي يحتفل به العالم يوم غد (الجمعة) الموافق 26 يونيو/ حزيران.
كان الكلام السالف يتركز حول إنصاف ضحايا التعذيب في البحرين، وما إذا كان احتفال الغد سيزف إلى هؤلاء الضحايا بشرى سارة تخفف من الوجع الذي يسكن بين ضلوعهم التي تكسرت بعضها تحت وطأة السياط، أو تحت سلاسل «الفلقة» التي يتدلى من تحتها الضحية كالكبش على معلقة القصاب.
غدا تستطيع السلطة أن تحتفل بهذا اليوم احتفالا حقيقيا إذا ما اعتبرت الإنصاف نصرا مؤزرا وليس هزيمة نكراء، وإذا ما أبصرت العدالة الانتقالية عزا وليس ذلا، لأنه لا يمكن للبسمة التي ترتسم على وجه الوطن إلا أن تكون نصرا، وعزا، وأنفة، وحمية، وشموخا، ورفعة، وسؤددا، ورخاء وازدهارا لكل أبناء هذا الوطن، ومن يُزيِّن للسلطة غير ذلك فهو يستخسر في الوطن واحدة من تلك الشموخات.
البحرين وقعت في السنوات الأخيرة على عدد من الاتفاقيات الحقوقية الدولية، وهي خطوة لا يمكن وصفها إلا بالإيجابية، ولكننا بحاجة إلى أن يتجلى العمل بها على أرض الواقع حتى يمكننا التصدي لمن يصفها بـ «الحبر على الورق» فمن دون تطبيق هذه الاتفاقيات لن نجد حجة بالغة للدفاع عن البحرين في هذا الصدد.
كان من بين ما التزمت به البحرين مؤخرا التوقيع على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في العام 2006، والتي تنص الفقرة الخامسة من مادته الثامنة على أنه «لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني حق في الحصول على تعويض» وعلى الرغم من أن البحرين تحفظت على هذا البند، وهو تحفظ لا يخدم البحرين، بل يبعث على الريبة والشك لدى مراقبي حقوق الإنسان، إلا أنه يتوجب عليها أن تنظر إلى هذا البند بعين الاعتبار، لأن معنى أن التحفظ على تعويض ضحايا التعذيب، أن هؤلاء الضحايا موجودون، وهو استنتاج لا يغيب عن ذهن عوام المراقبين فضلا عن المتخصصين في التنقيب عن مخالفات حقوق الإنسان.
لا تزال أصداء أنين المعذَّبين تدوي في فضاء الوطن، وليس العيب الإصغاء إلى هذه الأصداء، بل العيب هو عدم الاكتراث لها، لذلك يحيي العالم يوم مناهضة التعذيب حتى لا تغيب معاناتهم في غياهب التاريخ، فالإنسانية تريد أن تسمع لهم وتنصت إلى معاناتهم، فهل ستفتح البحرين أذنها لهم غدا؟!
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 2484 - الخميس 25 يونيو 2009م الموافق 02 رجب 1430هـ