العدد 2482 - الثلثاء 23 يونيو 2009م الموافق 29 جمادى الآخرة 1430هـ

المنظمات العربية والإسلامية... الدور المفقود!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

أعرف أن في بلادنا العربية والإسلامية منظمات كبرى، فأسمع - مثلا - عن «منظمة المؤتمر الإسلامي» و»رابطة العالم الإسلامي»، كما أسمع عن «جامعة الدول العربية»، ولكني لا أعرف بالتحديد ما هو عمل هذا المنظمات، وما هو تأثيرها على الدول العربية والإسلامية، ومن الذي يحركها -هذا إذا تحرّكت- وما هي حدودها.

ويبدو أن سبب هذا الغموض الذي يحيط بها أنها لا تكاد تعمل شيئا حتى إصدار البيانات التي لا قيمة لها أصبح هو الآخر لا يكاد يظهر، فما هو السبب يا ترى؟!

الصومال -كما أعرف- بلد عربي، ومشاكل الصومال المؤسفة لا تكاد تتوقف، فالموت في كل مكان، والفقر يجتاح جميع السكان، والتهديدات الداخلية والخارجية تلاحق كل الحكومات المتلاحقة كما تلاحق جميع الأحزاب بل والسكان. فماذا فعلت الجامعة العربية إزاء ذلك كله؟

الشيء المؤسف أن كل التحركات تجاه الصومال لم يكن للجامعة العربية أي علاقة بها! والمخجل أن الصومال -البلد العربي- عندما احتل لم تنطق الجامعة العربية وكأن هذا البلد لا علاقة له بها على الاطلاق، بل وظهر واضحا أن هذه الجامعة لا تجيد - حتى النطق- إذا كانت أميركا في الواجهة، فالقول ما قالته أميركا وكفى...

اليوم وكل يوم، تسيل الدماء هناك، وتتدخل هذه الدولة أو تلك إلا جامعتنا العتيدة فهي - ولله الحمد - تلتزم الصمت لأن الصمت في عرفها حكمة وقليل فاعله، وهي مع هذا القليل!

جزر القمر تخلصت جزئيا من الاحتلال، وكان ولايزال بالإمكان أن تتخلص منه كله، وأن تتجه بكليتها إلى العرب، ورئيسها بح صوته وهو ينادي العرب لإنقاذ بلده من الفقر الذي يكتنفه، وقال لهم: إنهم هم الكاسبون إذا استثمروا في «جزر القمر» فكل ما فيها يبشر بالخير، وهي بلدٌ مليئة بالكنوز والخيرات، ومن الأفضل للعرب ولأهل الجزر، أن يكون المسلمون والعرب هم أصحاب القرار هناك حتى لا تفلت الأمور.

تحدّث الرجل كثيرا لكنه لقي تجاهلا أكثر! الصين وحدها هي التي تحركت وهي التي بدأت. أين جامعة الدول العربية... لست أدري! أين منظمة المؤتمر الإسلامي؟ لست أدري كذلك. أين رابطة العالم الإسلامي؟ الكل يغط في نوم عميق!

الرئيس يقول: إن موازنة بلده مثل موازنة نادٍ رياضي متوسط الحال، ومعروف أن بعض أثريائنا ينفق أكثر من هذه الموازنة على ملذاته في هذا البلد أو ذاك. ويعرف أن معظم استثمارات العرب وحكوماتهم في أميركا، ومع كثرة اللطمات الاقتصادية التي ذاقها كل المستثمرين في أميركا إلا أنهم لم يتعظوا بعد، ولو أنهم اتجهوا حيث ينفعون بلادهم وأنفسهم لكان خيرا لهم لكن الله أضلهم وأعمى أبصارهم.

فلسطين هي الأخرى مهددة بالزوال، ونتنياهو قضى على كل شيء كانوا يحلمون به، والاختلافات على أشدها بين الفلسطينيين، وكان الأمل أن تتحرّك كل المنظمات لانقاذها وبكل قوة وشجاعة... لكن الذي حدث العكس، إما صمت رهيب وإما تدخل معيب!

العدو الصهيوني يهدد بطرد أصحاب الأرض، ويأبى حق العودة، فأين يذهب جميع هؤلاء؟ من يستقبلهم؟ من يشارك في صنع مصيرهم الأسود؟ أين المنظمات الإسلامية؟ أين جامعة الدول العربية؟ سيقول البعض: إنهم عملوا... وسأقول معهم: نعم هم كذلك، ولكن عملوا أقل بكثير مما يجب أن يقوموا به. الأعداء يسيرون بسرعة وهم يزحفون ببطء شديد، فأين هذا من ذاك!

هل يصح أن تبقى غزة محاصرة بعد كل ما قاله نتنياهو؟ هل يصح منع وسائل وأدوات إعمارها بعد كل ذلك الدمار الذي أصابها؟ هل يصح التفاخر بإتلاف الأنفاق وهي وحدها شريان الحياة لها؟

يقولون: بيننا اتفاقات دولية! ما أسخف هذا. أين نتنياهو من كل تلك الاتفاقات؟ لماذا ركلها جميعا بقدمه ولم يعبأ بأحد، وقالها بملء فيه العفن: لن أنفذ شيئا، ولن أعطيهم شيئا.

أيكون جوابنا: لكننا ملتزمون بكل شيء يا سيدنا وسنعطيك كل شيء مهما فعلت بنا!

كان الأجدر بالجامعة -على ضعفها- أن تعلن موقفا مشرفا، وأن تطالب دولها بقطع علاقاتها مع الصهاينة، ومساعدة الفلسطينيين بكل شيء، وفك الحصار... لكنها لم تفعل. ومثلها منظمة المؤتمر الإسلامي، فعليها دور تجاه كل الدول الإسلامية، عليها أن تطالبها بالتحرك الجاد والسريع تجاه كل قضايا المسلمين في كل مكان، لكنها - للأسف - لم تفعل.

مشاكل إيران بعد الانتخابات، تحدث الأوروبيون، والصهاينة، والأميركان، كلٌ تحدّث بحسب مصالحه إلا العرب والمسلمون فلزموا الصمت، وكأن إيران ليست دولة مسلمة. لا أقول تدخلوا في نتائج الانتخابات، ولا قفوا مع أحدهم ضد الآخر، ولكن... فليكن لكم موقف واضح من هذه النتائج، وليكن لكم موقفٌ أشد وضوحا من التدخلات الخارجية، لكن المنظمات الإسلامية والجامعة العربية آثروا كعادتهم، أن يكونوا حكماء فلزموا الصمت!

أعرف أن هذه المنظمات ضعيفة، وأعرف أن بعض القائمين عليها قد لا يرضى عن أدائها... ولكني أعرف أيضا أن الشجاعة مطلوبة في بعض الأحيان حتى ولو كلفت الكثير، لأنها ستجعل الضعيف قويا حتى ولو بعد حين!

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2482 - الثلثاء 23 يونيو 2009م الموافق 29 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً