في المقال السابق جرى الحديث عن اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، والذي يحتفل به العالم في السادس والعشرين من يونيو/ حزيران، وما إذا كان احتفال البحرين هذا العام يخبئ مفاجأة سارّة لمن شربوا من كأس التعذيب، وبالأخص من رزحوا تحت سياط أمن الدولة في تسعينيات القرن الماضي، وهل ستخطو البحرين خطوة إلى الأمام في إنصاف هؤلاء الضحايا أم لا؟
ودفعا لعجلة تحقق هذا المطلب، يجب أن لا تقف أمام مثل هذه الخطوات عقبة «العزة بالإثم» والنظر إلى مثل هذه الخطوة بأنها «تنازل» أو «هزيمة» كما يحاول البعض أن يصورها مع طباعة كل بيان، وإطلالة كل تصريح، ولا بد من إدراك أن أولئك النفر يجدون أنفسهم عاطلين عن الهرج والمرج إذا سكنت جراح الوطن، فهم لا يجيدون إلا العزف على ألحان الألم والوجع والأنين.
الحاجة إلى فتح هذا الملف بإيجابية حاجة ماسة يجب أن لا تركن على الرف، والقائلون بأن تسكين أوجاع الوطن هزيمة هم لا يعون معنى الهزيمة والنصر، لأنهم لا يتذوقون طعم الوطن، ولا يتلذذون بسلامه ورخائه وراحة باله.
عندما خاضت المغرب هذه التجربة، وعوضت ضحايا التعذيب لم ينظر إليها العالم بأنها مهزومة، أو متنازلة أو أي شيء من ذلك، بل نظر إليها بأنها قوية تستطيع أن تتغلب على جراحها، ونظر إليها بأنها منتصرة تستطيع أن تنتصر على أوجاعها، وصارت خطوتها هذه مضرب المثل على صفحات تقارير المنظمات الحقوقية، التي أشادت بها ومازالت تشيد، بينما بقي غيرها مضرب المثل على التراجع والتقهقر.
لأننا نحب هذا البلد الطيب، لا نريد أن نسمع عنه إلا كل ما هو طيب، وأما من لا يعبأ بما يُقال عن بلدنا من سوء، فجذوره في هذا البلد لا تمتد إلى أبعد من شبر هذا إذا كانت لديه جذور فيه، لذلك نحن ندفع باتجاه حلحلة كل القضايا وعلى رأسها إنصاف ضحايا التعذيب، الضحايا الذين مازالوا يعانون من عاهات بعضها مستديمة، وهم أبناء هذا الوطن الذي لا يقوى على سماع أنينهم، لذلك فإن إنصافهم سيرسم بسمة عريضة على صفحة ترابه الطاهر.
لم يبقَ على الاحتفال بهذه الذكرى غير أيام معدودات، ولو خطت البحرين خطوة إلى الأمام في اتجاه إنصاف ضحايا التعذيب، فإن شمسها ستسطع في سماء المحافل الدولية، فالإنصاف نصر مبين لكل الوطن، ومن لا ينظر الإنصاف نصرا فلا عين له، أو به حول عضال!
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 2481 - الإثنين 22 يونيو 2009م الموافق 28 جمادى الآخرة 1430هـ