فيما يتساقط ضحايا المساكن العمالية الواحد تلو الآخر، وتستمر مناشدات البلديين والأهالي للمسئولين التحرك من أجل وضع حد للمخاطر الإنسانية والبيئية والاجتماعية الناتجة عن تكديس العمال في بيوت متهالكة، فإنه لا يبدو في الأفق حل جاد وجذري لمعالجة المشكلة، وإن صرح المسئولون بعكس ذلك طويلا.
خطران متلازمان تفرزهما البيوت الخربة التي يقطنها العمال الوافدون، الأول يهدد أرواحهم، والثاني يهدد العوائل التي تجاورها هذه العمالة (قسرا). لكن لا فائدة على ما يبدو من التحذير، فالمسئولون بدأوا يستمرئون موت هؤلاء الغرباء المساكين الذين لا مفر لهم، بينما لا يضيرهم لو هُتك عرض عائلة هنا أو هناك من قبل وافد «ثمِل» أدخلته السكرة إلى غرفة أسرة آمنة بدلا من دخول غرفته في المنزل المجاور.
قبل يومين شهدت البحرين سقوط آخر ضحيتين للمساكن القاتلة التي يتاجر فيها الكثير من أصحاب الأعمال بأرواح عمالهم. عاملان آسيويان بريئان لم يعرف الحريق رحمة للذة نومهما بعد يوم شاق من العمل والكدح للقمة عيالهما البعيدين عنهما، فلقيا مصرعهما خنقا وحرقا.
ستقول وزارة العمل إن المشكلة تكمن في أصحاب الأعمال أنفسهم الذين لا يلتزمون بالقانون، ولكن سيرد المتضررون من عوائل الضحايا والعوائل المبتلاة بأن: إجراءاتكم يا وزارة خجولة وغير كافية، لأنها لم تحرك ساكنا، فها هي البيوت التي تفوح منها روائح «المسك» تعطر أرجاء أحيائنا بلا حسيب ولا رقيب.
في الثامن من الشهر الجاري أقر مجلس الوزراء الإماراتي دليل المعايير العامة للسكن العمالي ليتم تطبيقه بدءا من سبتمبر/ أيلول المقبل. واشتمل الدليل على ضوابط عصرية واضحة وصارمة تتلاءم وحياة المجتمع المدني، بما في ذلك أنظمة مكافحة الحريق ونوعية الهواء الداخلي وتوفير الإسعافات الأولية.
لا أظن البحرين، التي حققت ومازالت تقدما لافتا على مستوى تشريع قوانين تحمي الحقوق العمالية بما فيها حقوق العمالة الوافدة، غافلة أو عاجزة عن تحقيق نظام شبيه بذلك الذي أقرته الإمارات.
ومهما أنتجت بعض هذه القوانين الجريئة من زوبعات حامية من قبل أصحاب الأعمال، فإنها في النهاية ستحقق إنجازات ملموسة تحتسب للوزارة على الصعيد الاجتماعي وخصوا من قبل الفئات المتضررة.
لذلك، سيبقى الأمل يحدو الكثيرين (ولن نقول الجميع، لأن بعض أصحاب العمل سيرفضون) بأن يتم التحرك لإيجاد بدائل واقعية تنقذ أرواح هؤلاء الأبرياء الذين تركوا ديارهم من أجل التكسب لا مواجهة الموت، كما تخلّص الأسر من أخطار محدقة تحيط بهم بسبب ما تسمى «مساكن العزاب».
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 2476 - الأربعاء 17 يونيو 2009م الموافق 23 جمادى الآخرة 1430هـ