العدد 2474 - الأحد 14 يونيو 2009م الموافق 20 جمادى الآخرة 1430هـ

«إي شباب» (eshabab): التحديات والمصاعب

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تنخرط أربع مؤسسات هي: المؤسسة العامة للشباب والرياضة، وجمعية البحرين للإنترنت، وشركة مايكروسوفت، وشركة مستقبل الخليج للأعمال، في مبادرة تخاطب الشباب البحريني أطلقت عليها اسم «إي شباب»، وهي كما يقول عنها مستشار جمعية البحرين للإنترنت أحمد الحجيري «محاولة رائدة تهدف لتحقيق مجموعة من الأهداف، من بين أهمها: إيقاد جذوة الإبداع لدى الشباب البحريني، وتشجيعهم على الابتكار، من خلال تشجيعهم على العمل في بيئة تنافسية، تهيئهم للمستقبل المتحدي الذي ينتظرهم، من أجل بناء بحرين المستقبل.

محاولة جريئة تحاول أن تجعل من صيف البحرين المرهق الرتيب، ولهيب حرارته، ورشة عمل منتجة تتفتح من خلالها طاقات الشباب البحريني، وتتحول إلى أعمال خلاقة تساعدهم على تلمس طريق مستقبلهم الأكاديمي، بل وحتى المهني.

وكأي مشروع رائد، من الطبيعي أن يواجه «إي شباب»، وهو في مراحله الجنينية مجموعة من التحديات والصعاب التي ينبغي له مجابهتها والتغلب عليها. ومن بين أهم تلك التحديات والمصاعب تطفو على السطح خمس منها هي:

1. جدة الفكرة، فهي تطرح للمرة الأولى في البحرين، الأمر الذي يعني انعدام الخبرة الضرورية التي يستفاد منها في توفير أفضل الظروف التي تضمن نجاح المشروع، أو تقلص الأخطاء التي يمكن أن تواكب مراحل تنفيذه. وأهم تحد تولده «الجدة» هو قدرتها على نشر الوعي بين صفوف الجهات التي سوف يخاطبها المشروع، وعلى وجه الخصوص الأفراد الذين سينخرطون في تنفيذه، من أجل ضمان أوسع مشاركة ممكنة منهم. تجدر الإشارة هنا إلى أن الأمر لايقف عند حدود الفئات الشبابية المشاركة، بل يتسع كي يشمل الجهات الأربع المنفذة، أو المؤسسات الأخرى الداعمة. فأكثر عامل يمكن أن يقتل الفكرة، وهي ما تزال في المهد صبية، هو الفشل في تنفيذها بمهارة وإبداع، جراء عدم توفر عوامل النجاح الضرورية لها.

2. رأس المال الضروري لتنفيذ الفكرة، فكأي مشروع رائد، يمارس رأس المال النقدي دورا أساسيا في تسهيل مهمات الجهات المنفذة. والحديث عن رأس المال النقدي لا يقف عند حدود مكافآت المدربين، أو فواتير صالات تنفيذ المشروعات، رغم أهمية كل منهما، لكن الأمر يشمل توسيع الموازنة المطلوب توفرها كي تشمل أمور إدارية أخرى أيضا. وفوق هذا وذاك، هناك كلفة التسويق للفكرة، وغرسها في صفوف الشباب، وضمان ترسيخها في أذهانهم في الوقت المناسب، وفي الإطار المناسب. كلفة كل ذلك تتطلب تضافر مؤسسات أخرى كثيرة، غير الأربع المنخرطة حاليا، لها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في مخاطبة الفئة الشبابية في البحرين.

3. تصميم البرنامج، فمن عنوان البرنامج يمكننا أن نستنتج كونه ينحصر في مجالات تقنية المعلومات المختلفة، وهذه على سعتها حين يجري الحديث عن الشباب، لكنها تبقى في نهاية المطاف محصورة في ميدان محدد، له قوانينه الخاصة به، ونطاقاته التي يتفتح فيها، وجميعها تقلص من مساحة الدائرة التي بوسع القائمين على تنفيذ البرامج الحركة فيها. أكثر من ذلك أن الخبرات، بما فيها العالمية التي يمكن الاستعانة بها، هي الأخرى محدودة، عندما يؤخذ في الحسبان انخراطها في مشروعات أخرى مماثلة في بلدانها. إن مشروعا من مستوى وطموحات «إي شباب» بحاجة إلى جهة تختزن خبرة غنية قادرة على وضع الإطار العام للمشروع بما يخدم الأهداف المتوخاة من وراء تنفيذه.

4. تنفيذ البرنامج، وهو تحد آخر تختلف متطلبات نجاحه، عن تلك التي ينبغي توفرها عند التصميم. فالجهات المنفذة، من أفراد ومؤسسات، بحاجة إلى مهارات وكفاءات قادرة على نقل مخططات المشروع، وبشكل ناجح إلى أرض الواقع. وأصياف البحرين، غنية بتجارب انطلقت بأفكار خلاقة ناجحة، أربكها سوء التنفيذ. هناك ثمانية أسابيع من العمل الشاق المرهق، والذي بحاجة إلى إصرار وإيمان، من سيقف على تنفيذ «إي شباب» بدور الشباب في تطوير المجتمع، وقناعة بدور «إي شباب» في تفعيل هذا الدور وتعزيز قنواته.

5. التفاعل الجماعي، فنظرة إلى الجهات الأربع القائمة على المشروع، ورغم نجاح كل منها في المشروعات التي نفذتها على حدة، أو مع جهات أخرى، لكنها هذه هي المرة الأولى في البحرين، التي تتفق فيها مؤسسات أربع من مشارب مختلفة: شبه حكومية، ومؤسسة مجتمع مدني، وشركة عالمية، وأخرى بحرينية، على تنفيذ مشروع رائد مثل «إي شباب». والتحدي الكبير هنا، كيف يمكن لهذه المؤسسات الأربع أن «تعزف» لحن «إي شباب» في هارمونية عذبة، تخفي أي خروج أي نغمة نشاز من الأداء السيمفوني المطلوب توفره لضمان نجاح المشروع.

ليس القصد من الحديث عن هذه المصاعب والتحديات زرع اليأس في النفوس، أو النظر إليه من خلف عدسات قاتمة، بقدر ما أريد منه وضع الأمور في نصابها، وحث الجهات كافة ممن لها علاقة مباشرة أو غير مباشر، ببرامج الشباب كي تنخرط، بشكل أو بآخر في أنشطته المختلفة، فأي جهد، مهما كان صغيرا، يبقى في نهاية المطاف، لبنة مهمة يضيفها صاحبه كي تكمل بناء صرح هذا المشروع الرائد، الذي نأمل أن نرى من خلاله صيف البحرين، وقد تحول إلى حاضنة حديثة تضم بين حناياها شباب البحرين الواعد الذي يأخذ على عاتقه إعادة البحرين إلى مصاف الدول الخليجية المتقدمة. ففي الاقتصاد الرقمي الذي يتجه نحوه العالم، تقاس ثروات الأمم برأسمالها البشري، وفي القلب منه شبابها، عوضا عن عدد البراميل النفطية التي تنتجها، أو الرأسمال النقدي المكدس خاملا في أحد مصارفها.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2474 - الأحد 14 يونيو 2009م الموافق 20 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً