العدد 2464 - الجمعة 05 يونيو 2009م الموافق 11 جمادى الآخرة 1430هـ

أوباما والملف النووي الإسرائيلي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حذّر تقرير صدر مؤخرا عن المركز الفرنسي لبحوث السلام والنزاعات، ونشره موقع وكالة الأنباء العالمية (آي بي إس) من تنامي تجارة السلاح الفرنسية - الإسرائيلية إلى الحد الذي وصل فيه حجمها إلى «ما يتنافى تماما مع الأسس والقوانين التي التزمت بها الحكومات الأوروبية»، منبها إلى أن «إسرائيل تحتل المركز الرابع بين كبار مصدري السلاح في العالم».

وكما يقول خبير المركز الفرنسي، ومعد التقرير باتريس بوفيريت، إن هذا التنامي في تجارة السلاح الأوروبية - الإسرائيلية، مصدره حرص «إسرائيل» على تنشيط تعاونها العسكري مع أوروبا بغية تقليص تبعيتها التقليدية على الولايات المتحدة.

بالمقابل، وكما يقول التقرير ذاته «تحتل (إسرائيل) المركز السادس على قائمة مستوردي الأسلحة، والمركز الرابع بين كبار مصدريها، ففي المنتصف الأول من العام 2008، باعت (إسرائيل) أسلحة قيمتها 5.3 مليار دولار، مقارنة بإجمالي 4.7 مليارات في العام 2007 بأكمله، وذلك وفقا لبيانات غرفة التجارة الفرنسية الإسرائيلية».

هذا على صعيد التسلح التقليدي، أما بالنسبة للتسلح النووي، فقد حذّر المدير العام المنصرف لوكالة الطاقة الذرية في فيينا محمد البرادعي من «أن الأعوام القليلة القادمة قد تشهد ظهور 10 إلى 20 دولة نووية افتراضية»، ليس بينها «الهند وباكستان و(إسرائيل) وكوريا الشمالية» لكون هذه الأخيرة «دول نووية غير معلنة». أي أن «إسرائيل» لم تعلن انضمامها لوكالة الطاقة الدولية، ولم تعلن رسميا التزامها بأي قانون دولي يحظر استخدام هذه القوة.

تعود بدايات نشوء مشروع التسلح النووي الإسرائيلي كما تقول الباحثة «كريمة غراض» إلى نهايات العام 1958، عندما «بدأت (إسرائيل)، بشكلٍ سري، بناء ما أصبح يسمى بعد ذلك «مفاعل ديمونا النووي». وعرفت واشنطن رسميا بذلك المشروع أبان إدارة الرئيس نيكسون في العام 1969، من خلال ملف عرف باسم «إن إس إس 40»، (NSSM 40).

وتتكرر الكثير من تصريحات المسئولين الإسرائيليين الذين حاولوا تبرير تطوير «إسرائيل» للسلاح النووي، من أمثال وزير الدفاع الأسبق موشي ديان الذي أكد أبان حرب أكتوبر العربية - الإسرائيلية بأن «إسرائيل قد وصلت إلى نهاية حدود قدرتها على تطوير الأسلحة التقليدية وشرائها، وبذلك فإن السلاح النووي يحل مشكلة الردع بتكاليف أقل وبصورة ثابتة».

يتم ذلك في وقت تصر فيه «إسرائيل» على عدم الرضوخ أو القبول بأية اتفاقية عالمية أو حتى إقليمية تحذر صنع أسلحة نووية أو حيازتها، بل وتتمسك «إسرائيل»، رغم إصرار الآخرين على إخضاع مرافقها النووية لنظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رغم الدعوات المتكررة من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية لقبولها بذلك.

لكن ذلك لا يعني أن العالم، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة ليست لديه معلومات مؤكدة حول حيازة «إسرائيل» لأسلحة نووية محرمة دوليا. فكما ينقل موقع «مستقبليات» أنه، أبان حكم الرئيس الأميركي جيمي كارتر، حصلت الولايات المتحدة على معلومات تؤكد على أن «التفجير النووي في جنوب الأطلنطي الذي وصف بأنه حلقة في سلسلة تفجيرات إسرائيلية وجنوب إفريقية مشتركة، هو تفجير إسرائيلي». رغم ذلك لا تحاول الولايات المتحدة أن تفعل أي شيء على الاطلاق من أجل إجبار «إسرائيل» على الانتساب لمعاهدة حظر التسلح النووي الدولية، بل إنها تساعدها وتيسر أمورها من أجل الحصول على التقنيات التي تحتاجها لصنع هذا النوع من الأسلحة.

ولا تزال ذاكرة البعض منا تحمل ما نشرته صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية في عددها الصادر يوم الأربعاء الموافق 11 فبراير/ شباط 2004، والذي نقلت فيه تصريحا علنيا نادرا أعرب وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد عن «تفهمه الكامل لحاجة (إسرائيل) لهذا النوع من الأسلحة... لكونها دولة صغيرة وعدد سكانها صغير وهى دولة ديموقراطية إلا أن هناك من يريد أن يراها في البحر». جاءت تلك التصريحات في أوج حملة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش على دول ما أطلق عليه «محور الشر» والذي شمل «إيران وكوريا الشمالية إضافة إلى باكستان والسعودية». وكان المقصود به إيران أساسا، التي فتح بوش ملفها النووي كوسيلة لتصعيد خلافاته معها.

الغرض من الإشارة إلى تلك المقدمة، هو إمكانية الاستفادة من جولة الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما، وبحث موضوع التسلح النووي الإسرائيلي معه، بل ولربما يعطي هذا الموضوع شيئا من الأولوية، نظرا لما يشكله من خطورة على منطقة الشرق الأوسط، وفي القلب منها البلدان العربية، وهو قضية تعيها هذه البلدان كما جاء على لسان رئيس اللجنة العربية لمتابعة النشاط النووي الإسرائيلي، ورئيس الهيئة السورية للطاقة الذرية إبراهيم عثمان، حين أكد في أعقاب اجتماعات الدورة 23 للجنة، في يناير/ كانون الثاني 2008، أن «اللجنة مهتمة بمناقشة الوسائل الكفيلة التي يمكن أن تحث الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلالها، على الضغط على «إسرائيل» لإخضاع منشآتها النووية للرقابة، وخصوصا أن بندا في الوكالة الدولية مدرج من الجانب العربي بشأن القدرات النووية الإسرائيلية ومخاطرها على الشرق الأوسط».

ويمكن للطرف العربي، وهو يخاطب الرئيس الأميركي أن يستند في دعوته للضغط على «إسرائيل» إلى ذلك القرار الذي خرجت به الأمم المتحدة في اجتماعاتها في سبتمبر/ أيلول 2004 الذي طالبت فيه «بتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من السلاح النووي، داعية دوله قاطبة لإخضاع نشاطاتها النووية للمراقبة بغية تعزيز السلام والأمن في إطار منطقة خالية من هذا السلاح».

لا شك أن هناك بنودا كثيرة على جدول أعمال الطرفين خلال زيارة أوباما للقاهرة، لكن الموقف الأميركي من الملف النووي الإسرائيلي، يمكن أن يكون إحدى القضايا التي يقاس من خلالها جدية الإدارة الأميركية الجديدة الداعية إلى «التجديد»، فكل خطاباتها، فهل يندرج الشرق الأوسط ضمن أحد بنود لائحة التجديد تلك؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2464 - الجمعة 05 يونيو 2009م الموافق 11 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً