العدد 2461 - الثلثاء 02 يونيو 2009م الموافق 08 جمادى الآخرة 1430هـ

الرئيس أوباما: ما الذي نريده منك؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

الأربعاء المقبل يحلّ الرئيس الأميركي «أوباما» ضيفا على المملكة العربية السعودية، وبحسب ما نشرته مجموعة من الصحف العربية والأجنبية فإن الرئيس الأميركي سيبحث مع خادم الحرمين مجموعة من أهم القضايا العربية والعالمية، وقد تكون قضية فلسطين على رأس هذه القضايا، ثم قضايا أخرى مثل قضايا الإرهاب، والسلاح النووي الإيراني، وقضايا العراق وأفغانستان وسواها.

مكانة المملكة هي التي جعلت الرئيس الأميركي يجعلها وجهته الأولى، ثم ينطلق منها إلى مصر ليلقي خطابا من جامعة القاهرة يوجهه للأمة الإسلامية يتحدث فيه - كما قيل - عن سياسته تجاه المسلمين عموما، رغبة منه في تغيير الصورة السيئة للولايات المتحدة التي كانت في أذهان المسلمين بسبب السياسات الخاطئة التي كان ينتهجها سلفه «بوش».

نرحب بالرئيس في بلادنا، ونتطلع إلى ما سيقوله وما يفعله، كما نتطلع - أيضا - أن نسمع خبرا في خطابه الذي سيلقيه في مصر، فالعالم الإسلامي يبحث عن السلام، ويبحث عن الأمن بكل أنواعه، كما يودّ أن يرى من أميركا تغيرا حقيقيا يحقق له بعض تطلعاته في واقع حياته.

الذي أودّ قوله للرئيس الأميركي إن العالم العربي - خاصة - والإسلامي - عامة - قد سئم من كثرة الكلام والوعود التي كان يطلقها الرؤساء الذين سبقوه في البيت الأبيض والذين لم يلتزموا بأي شيء مما وعدوا به، بل إن وضع العالم العربي ازداد سوءا وكان لهم نصيب وافر في هذا السوء الذي حصل له. والرئيس نفسه وعد بالتغيير في قضايا العرب عموما وفلسطين على وجه التحديد، فما الذي حصل حتى الآن؟!

سيادة الرئيس: قضية فلسطين هي القضية المحورية لكل العرب، بل لكل المسلمين وأظنك تعرف ذلك جيدا، فما لم تقف موقفا حازما تجاه تحقيق العدالة للفلسطينيين فكل ما تقوله أو تفعله لن يكون له صدى في نفوس كل أبناء العالم الإسلامي. لن أطلب منك الانحياز للقضية الفلسطينية، لكني - وغيري - نطالب بالعدالة وهي الحدّ الأدنى - قياسا على كل الانحيازات الهائلة التي كانت للصهاينة - فهل تستطيع فعل ذلك؟

تحدثت عن قيام دولتين - كما فعل سابقوك - ولكن «نتنياهو» وعندما كان ضيفك، وبعد أن عاد لم يقبل بهذا الحل، وإنما ازداد سوءا عندما تحدث عن يهودية دولته! ولست أدري هل تدرك معنى هذه الجملة وخطورتها؟ وهل تدرك أن العرب جميعا يرفضون هذا الهراء، وكل فلسطيني يرفضه كذلك! الفلسطينيون - غالبهم - يصرون على حق العودة لكل اللاجئين بينما «نتنياهو» يتحدث عن طرد كل الفلسطينيين من بلادهم، فماذا ستفعل إزاء كل ذلك؟

ومع أن نتنياهو لم يتحدث عن قيام دولة فلسطينية إلا على استحياء شديد إلا أنه وضع ضوابط لهذه الدولة قد تجعلها أي شيء إلا كونها دولة. فمن سيقبل ذلك، وماذا يمكنك أن تفعله؟

تحدثت - سيادة الرئيس - عن وقف الاستيطان، وبناء وحدات سكنية لليهود، كما تحدثت وزيرة خارجيتك عن الموضوع نفسه، لكن نتنياهو رفض ذلك، وبدأ يتحايل - كعادة كل صهيوني - فادعى أنه سيسمح بزيادة الاستيطان في المستوطنات ذات النمو الطبيعي وأنه سيوقف المستوطنات العشوائية! لكن نتنياهو - يا سيادة الرئيس - أعلن عن دعمه وتشجيعه لكل صهيوني يترك البلد الذي يعيش فيه ويسكن في القدس الشريف! وسؤالي: هل تستطيع إيقافه وما هي الآلية التي ستطبقها؟

وزراء خارجية الدول الإسلامية الذين ستوجه لهم خطابك من القاهرة قالوا في اجتماعهم الذي عقدوه في دمشق إنه يجب «عدم مكافأة (إسرائيل) على جرائمها» وضرورة ربط أي تطوير للعلاقات معها بمدى التزامها بالسلام العادل والشامل والانسحاب من الأراضي المحتلة، فهل تستطيع يا سيادة الرئيس أن توقف دعمك للصهاينة ماداموا لم يلتزموا بكل القرارات التي وقعوا عليها؟ أم أنك ستستمر في دعمهم ماديا ومعنويا وبالسلاح المحرّم دوليا حتى وإن أبادوا كل سكان غزة ظلما وعدوانا؟

سيادة الرئيس: بلدك أميركا فرضت حظرا على سورية وإيران، كما فعلت الشيء نفسه على حكومة حماس المنتخبة شعبيا، كل ذلك بحجة أن أولئك خالفوا بعض القوانين الدولية - حسب زعمكم - فهل تستطيع فعل الشيء نفسه مع الصهاينة لأنهم - فعلا - خالفوا وبشكل لافت أكثر القوانين الدولية؟ هنا - فقط - تتضح عدالتكم من عدمها، وهنا - فقط - يتم حكم الشارع العربي والمسلم على مدى التزامكم بما تقولونه... العرب يريدون أفعالا لأن كل الأقوال - السابقة - اتضح عدم صدقيتها، فهل تستطيعون تغيير تلك الصورة التي انطبعت عن أسلافكم؟!

سيادة الرئيس: نحن نكره الحرب والقتل والتدمير في أي مكان في العالم وليس في منطقتنا وحدها، ومن هنا فنحن نكره وجود سلاح نووي لغير الأغراض السلمية، ومن هنا فنحن معك في رغبتنا في عدم امتلاك إيران للسلاح النووي، ولكن... «إسرائيل» تعترف، وأنت ونحن نعرف أن لديها سلاحا نوويا للأغراض الحربية، بينما إيران تنكر ذلك، وأنتم تقولون: إنها لم تصنعه بعد، وسؤالي: لماذا لا ترغمون الصهاينة على إتلاف سلاحهم النووي لكي نصدق رغبتكم الحقيقية لإتلاف كل الأسلحة النووية في المنطقة؟! لو فعلتم ذلك لوقف معكم كل عربي لأنه سيلمس الجدّ والعدل، ولكن كيف تستطيع إقناعنا أن نصطف إلى جانبكم ضد إيران بينما نراك تصمت عن «إسرائيل»؟!

أما الادعاء بأن السلاح النووي عند الصهاينة في أمن وأمان وهو غير ذلك عند الإيرانيين فقول مستحيل تصديقه خاصة عندنا - نحن العرب - الذين نرى كل أنواع الإرهاب الذي تمارسه «إسرائيل»، وشواهد ذلك في مجازرها الأخيرة في غزة.

سيادة الرئيس - نحن نكره الإرهاب، وبلادنا حاربته بقوة ولاتزال، ولها تجارب ناجحة في هذا المجال، وديننا يحارب الإرهاب، ويحارب مرتكبيه، وأعلم أن سلفكم «بوش» ربط بين الإسلام والإرهاب، وأعلم أنكم لم تفعلوا الشيء نفسه، لكننا نريد منكم عملا حقيقيا يثبت أنكم ضد الإرهاب المرتبط بالمسلمين ظلما وعدوانا.

نريد إنهاء معتقلات الظلم في غوانتنامو أو سواها التي احتضنت - ظلما - أبرياء لسنوات طويلة أثبتت محاكمكم أنهم لم يرتكبوا ذنبا يستحقون عليه كل ذلك الظلم الذي وقع بهم... نريد عدالة حقيقية نراها ويراها سوانا فهل نراه قريبا.

سيادة الرئيس: نرحب بكم في بلادنا - السعودية - ونتطلع إلى تغيير حقيقي قريبا، فالأفعال - وحدها - هي التي تحدد موقف المسلمين منكم، فهل تفعلون ذلك؟

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2461 - الثلثاء 02 يونيو 2009م الموافق 08 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً