تحول مشروع البيوت الآيلة للسقوط إلى هم وطني عام أسوة بقضايا أخرى مثل الأزمة الإسكانية والبطالة والفقر وتدني مستوى الأجور، هي مسألة وقت لا غير، وخصوصا أن أكثر من 6 آلاف أسرة بحرينية في محافظات البحرين الخمس مهددة بالبقاء من دون سكن في ظل عدم توافر موازنة كافية تغطي هذه الطلبات، وارتباط مصير المشروع بالموازنة العامة للدولة التي طالها التقليص في مختلف أبوابها تحت وطأة تداعيات الأزمة المالية العالمية.
نقل المشروع من وزارة شئون البلديات والزراعة إلى المؤسسة الخيرية الملكية، رفع من سقف طموحات وتطلعات المواطنين الذين لا يمكن الجزم بأنهم يعيشون في بلد نفطي وهم يعانون الصعوبات والمشاق لتوفير احتياجاتهم الضرورية.
ومنطلق تفاؤل هذه الأسر جاء من باب أن الدعم المباشر من المؤسسة الخيرية الملكية سيساهم بشكل كبير في الدفع بمرحلة الإنجاز البطيئة نحو الأمام من خلال إيجاد موازنة مفتوحة، على رغم أن وزارة «البلديات» كانت تسعى بشتى الطرق بالتعاون مع المجالس البلدية، لاستيعاب أكبر قدر من الطلبات في ظل غياب الاعتماد المالي اللازم.
ولكن ما حدث أن الوضع لم يتحسن وإنما تغير هو أسلوب إدارة المشروع والجهة المعنية بالإشراف عليه، وخصوصا وأن المبالغ المرصودة لم يطرأ عليها أي تغيير، وبالتالي فإن العملية برمتها بحاجة إلى ضخ كميات من الأكسجين إلى رئة المشروع وإخضاع بنيته لجلسات إنعاش فورية مكثفة، حتى لا يتسلل الإحباط إلى نفوس من يترقبه من الفقراء الذين يعتقدون أن لا ذنب لهم في عدم قدرتهم المادية على تعمير بيوتهم المتهالكة.
وإذا كانت المجالس البلدية مصرة على عدم إشراك القطاع الخاص في تنفيذ المشروع، لأنه في الأساس مرتبط باسم جلالة الملك الراعي الأول لهذه الفكرة الطموحة الرائدة، فإن عليها أن تجلس مع المعنيين في الحكومة لرفع سقف الموازنة وفك ربطها بالموازنة العامة للدولة، إذ إن استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى تفاقم المشكلة مع دخول أعداد كبيرة من البيوت التي تحتاج إلى ترميم ضمن «الآيلة للسقوط» خلال السنوات القليلة المقبلة.
ومن المناسب أن نستذكر وجود أسر كثيرة قضت عام وعامين وثلاثة في شقق مؤجرة بعد أن تم إخراجها من بيوتها الخربة التي تحولت إلى مرتع لمدمني المخدرات أو فسحة لممارسة السلوكيات غير الأخلاقية.
والبعض من أصحاب هذه البيوت لم يدفعوا الإيجارات المستحقة عليهم منذ أشهر بسبب إخراجهم من بيوتهم أواخر العام الماضي ولم ترصد لهم مبالغ لبدل الإيجار، بسبب إيقاف عملية الإخلاء لاستنزافها الحصة الأكبر من موازنة المشروع.
وهناك حالات مكونة من 15 و20 فردا تضطر شهريا إلى دفع فرق بدل الإيجار، فإذا كانت تتسلم من المجلس البلدي مبلغ 150 أو 200 دينار، فإنها تضيف إليه 50 دينارا أخرى وأحيانا 100 دينار لتغطية إيجار شقة واسعة أو شقتين صغيرتين تكاد غرفهما لا تستوعب كل هذا العدد.
الاستغراق في معالجة أكثر من مشكلة يضعف قدرة الدولة على إدارة الملفات بشكل صحيح، فيكفينا أن لدينا طلبات إسكانية متكدسة وحالات تعود إلى العام 1992 ولم تحصل على مسكن يحفظ لها كرامتها ويعيد لها سكينتها واستقرارها، وبالتالي نحن بحاجة إلى مبادرة من المؤسسة الخيرية الملكية بوضع خطة فورية للقضاء على جميع قوائم البيوت الآيلة للسقوط خلال فترة زمنية محددة، وهي مسألة ليست عصية على الحل في ظل توافر المواقع التي ستشيد عليها هذه البيوت، على عكس الأزمة الإسكانية التي تحتاج إلى توفير مساحات واسعة من الأراضي.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 2455 - الثلثاء 26 مايو 2009م الموافق 01 جمادى الآخرة 1430هـ