العدد 2449 - الأربعاء 20 مايو 2009م الموافق 25 جمادى الأولى 1430هـ

الإعلام الجديد هل أعاد صناعة الأدب؟

هل حقا وضع الإعلام الجديد بصمات واضحة على الفكر والثقافة والأدب، وخصوصا بعد المؤالفة بين العقل الإلكتروني، والزخم المعلوماتي وفضاء الإنترنت، في ما سمي بعصر المعلومات، أو عصر الصورة مع حضور التقنية، وذلك لما خلقه هذا الإعلام الجديد من مجال تداولي سريع، عبر موضات إلكترونية متلاحقة.

فثمة عوالم افتراضية متنوعة من منتديات ومواقع متعددة عامة وخاصة، وبريد إلكترني، ومدونات، ويتيوب، وفيس بوك وهكذا والقائمة تتسع شيئا فشيئا... إذ يتابعها الناس وينتقلون منها إلى غيرها، وقد خلقت كل هذه الوسائل الإعلامية الحديثة أوضاعا جديدة في مقدمتها المنافسة مع مؤسسات عتيدة والتي منها المبدع نفسه والمؤسسات الأدبية واتحادات الكتاب والمثقفين والكيانات الأدبية والفكرية المختلفة ووسائل الإعلام العريقة، بما جعلها تعيد النظر في مسلماتها البديهية، وبرنامجها الرصينة، مما خلق أمامها تحديات على عدة مستويات، فصارت رهينة خيارات لا مفر منها تراوحت بين الإقفال والتفكك أوالملاحقة والتطوير.

فثمة مؤسسات بقيت خارج العصر تراوح مكانها أو ترتهن لماضيها المتخيل الجميل تلتقط من زوادته ما راكمته فيما سبق وأصبحت تعيده في كل يوم، وثمة مؤسسات أقفلت بعد أن لم تستطع المواجهة ومقاومة التحدي، وثمة مؤسسات حاولت الملاحقة ولكن بنفس الإمكانيات الضعيفة والعقلية السابقة، مما فاقم من المسافة الزمنية بين اللاحق والسابق، وثمة مؤسسات حاولت التطوير ففتحت برامج وأغلقت برامج واستجلبت نماذج حديثة وتجهّزت لها بأحدث التقنيات ولكن للأسف مع محتوى وإدارة بنفس العقلية السابقة مما أعاد إنتاج نفس الصورة في الخاتمة، وبقيت التحديات نفسها تراوح مكانها خصوصا مع محتوى قديم ومهترئ تجاوزه الزمن.

وثمة إعادة إنتاج للحقيقة وفق غرض الراوي فكل واحد أصبح يعيد إنتاج حكايته كما يرها هو، ويعيد إنتاج الخبر كما يراه، ولم تعد المؤسسات الرسمية تتمثل ما تشاء ومن تشاء على هواها، فلم تعد هي اللاعب الوحيد على مستوى المجال العام، مما خلق تداولا جديدا خلخل البديهيات والصدقيات وأعاد الحكايات بشكل غير متناه. وثمة كلام على مستوى التكلفة والحضور وسرعته ففي الوقت الذي تضخ الأموال وتهدر الأوقات في سبيل الوصول للخبر صار لكل مصدر قدرة على صناعة خبره في أسرع وقت، وصار لكل واحد قدرة على الوصول للخبر من غير وسيط بل أصبح الآن بأمكانية أن يكون وسيطا فاعلا ومراسلا حيا للمجال التداول العام في أي حادثة حضرها وبأقل التكاليف مما أعاد النظر في مسألة الحضور الإعلامي وتكلفته وسرعته.

وأصبح هناك تساؤل عن صدقية رسمية في مقابل حضور مرويات خاصة متداولة في المواقع الإلكترونية المختلفة، وثمة تحدٍ على مستوى السرعة الزمنية في التواصل في مقابل حراك بطيئ للنص في مسيرته من المبدع إلى المطبعة إلى الناشر إلى السوق ثم إلى المتلقي.

فقد أصبح للمبدع حضوره الإلكتروني في مقابل حضور شفوي وأصبح أكثر قدرة على صنع تواصل سريع مستمر وأصبح المتلقى قارئا عاديا أو ناقد أقدر علي الوصول للنصوص وتداولها وتوظيفها كيف يشاء، بل وتغيرت عادات التلقي عنده، وكثرت المنتديات الأدبية والثقافية في كل موقع افتراضي منافسة مؤسسات واقعية لها حضور على الأرض مستلبة منها شرعية وحضورا.

فهل من أثر حقيقي لكل ذلك على الإبداع وإلى أي مدى أعاد الإعلام الجديد صناعة الأدب.

العدد 2449 - الأربعاء 20 مايو 2009م الموافق 25 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً