العدد 2449 - الأربعاء 20 مايو 2009م الموافق 25 جمادى الأولى 1430هـ

حوار المدخل... وحوار المخرج... وهندسة الحوار السليم (1 - 3)

هادي حسن الموسوي comments [at] alwasatnews.com

الأزمة والحوار ثنائي متلازم، ودائما ما يكون هذا التلازم متعاقب زمنيا، أي عندما تكون هناك أزمة فإن الخروج منها يحتاج إلى حوار سليم للخروج بنجاح، كما أن فشل الحوار لا ينهي الأزمة. وعندما يفشل الحوار في حرق مراحل الأزمة، فإن الأزمة حين إذن، وفي مرحلة من مراحلها - إذا لم تجد سبيلها للحوار - تكون مرشحة للتحول إلى صراع ومواجهة؛ وهي من المراحل التي يتعين على المتحاورين أو أطراف قضية النزاع، ألا يتركوا لها أي مجال، لكونها تأسس للابتعاد عن الدائرة الطبيعية المتكونة من أزمة وحوار. فتتحول إلى الدائرة الأكثر تعقيدا، فتدور الأمور بين أزمة وصراع وحوار، وقد تنزلق إلى صراع ومواجهات وتوتر أمني واجتماعي وسياسي.

حوار المدخل وحوار المخرج

وعندما يستعار تعبير حوار المدخل، وحوار المخرج، فإنه يكشف بذلك عن حوارين أحدهما يجب أن يؤسس للآخر، الأول ابتدائي مدخلي، والثاني مرحلي مخرجي، وللوصول إلى حوار منهجي، علمي، موضوعي، متكافئ ومتوازن، قادر على رسم خريطة التعايش السلمي الاعتيادي، وهو الحال المعبر عن أفضل الممكن في حياة الشعوب. فإن التوافق على ضرورة الحوار بين الأطراف المكونة للنسق الاجتماعي، ليس بالضرورة كافياَ لتحقيق الحوار في كل الأحوال؛ لأنه بحاجة إلى أن يعمد فريق مشترك من جميع الأطراف للعمل من خلال الحوار الابتدائي المدخلي لوضع تصور للعمل من خلال حوار مرحلي للخروج من الحال المتأزم، أو الصراع القائم، أو التوتر المستحكم في الساحة الاجتماعية والسياسية.


خلط يضر بالتحرك نحو الحوار الناجح

على أن الخلط بين النظرية والرغبة الحالمة الوردية من جهة، والتطبيق الواقعي المحكوم بتوازن القوى أو تشابكها من جهة أخرى، لا يجب أن يكون هاديا أو راشدا للمتحاورين، لأنه بالتأكيد سيجعل من الفجوة أو الهوة بين ما يتطلع إليه كل طرف من الأطراف وبين ما يمكن أن يقبل به كل طرف على مستوى التطبيق التوافقي أمرا في غاية التعقيد والصعوبة في حالات، ويصل إلى حد الاستحالة وعدم الإمكان في حالات أخرى.


التوافق على مبدأ الحوار في البحرين

ومن هنا، لابد من الإشارة إلى أن التوافق على مبدأ الحوار يمكن اعتباره المكسب الوحيد في واقع الاجتماع السياسي في البحرين، إذ نجد أن الأطراف جميعها تنادي به، وتركن إليه، وتدعو إليه بشكل يكاد أن يكون أمرا مجمعا عليه من قبل الأطراف جميعها، الرسمية، والشعبية، الشعبية بكل تلاوينها، يمينية ويسارية، علمانية ووطنية، إسلامية وغيرها، شيعية... وشيعية...، سنية... وسنية...، بل إن الأكثرية غير المنتمية من مكونات المجتمع البحريني، لا تجد في الحوار إلا رائدا ومنهجا حضاريا للخروج من الواقع القائم المتأزم.


دعاة الحوار رسميون وشعبيون

ارتياح جلالة الملك للدعوات للحوار وتوجيهه الجميع للحوار في إطار السلطة التشريعية، الدعوات للحوار التي تكررت من سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم، ومبادرة الحوار التي أطلقتها جمعية المنبر الوطني الديمقراطي، ومبادرة الحوار التي أطلقتها كتلة الوفاق في البرلمان في فبراير/ شباط الماضي، ودعوات الحوار المتكررة التي تطلقها حركة حق في أدبياتها وعلى لسان أمينها العام، ودعوة الحوار الذي أطلقه التحرك الجديد بعد الاعتصام بتاريخ 24 فبراير 2009 م ودعوات الحوار التي نسمعها في كل برنامج تلفزيوني أو إذاعي رسمي. والدعوة التي تحدث عنها النائب الشيخ عادل المعاودة في جمعية الصحفيين، ودعوة الحوار التي تحدث عنها النائب صلاح على في نادي مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية وكثير منها يكشف عن توافق على مبدأ الحوار الوطني.


أين تكمن المشكلة؟

مبدأ الحوار حصد أعلى معدل إجماع من مكونات المجتمع، رسميا وشعبيا، كما ذكر آنفا، كما أن رفض حالة التوتر والصراع، هي الأخرى حصدت أعلى معدل إجماع بين مكونات المجتمع قاطبة، رسميا وشعبيا بكل التلاوين السابقة في موقف رافض لها وداعيا بالخطاب والكلمة والقلم والمبادرات للخروج منها، أو عدم البقاء فيها أصلا.

أين المشكلة إذن؟ المشكلة تكمن في أن الأطراف المعنية بالحوار على رغم إجماعها على مبدأ الحوار، والدعوة له في كل محفل ومشهد، وعند كل مصيبة ونائبة، إلا أنها لم تجمع بعد على المحددات الأساسية للابتداء به وضمان استمراره والوصول إلى نقطة النجاح فيه.


هندسة مشروع مبادرات الحوار

ومن هنا لا بد من إسناد مسئولية الإعداد لمشروع الحوار الوطني إلى فريق يقوم بدور المهندس الذي يضع التصور البنائي للحوار من خلال رسم خارطة تمنع المتحاورين من الجنوح يمينا أو يسارا بعيدا عن خط أهداف الحوار، ووضع ميثاق حوار وطني، يرسم خريطة الحوار الوطني، والجهات المعنية به، والمواضيع المتعلقة به، أدواته وآلياته، ومحدداته، ودرجات قياس نجاحه أو فشله، والبدائل الحوارية الأخرى في حال الفشل بل وفي حال النجاح أيضا. يحتوي على ضرورة الالتزام بآلياته ونتائجه، ووضع تصور عن العمل سويا في حال الفشل. ويحدد نقطة الابتداء، ونقاط التعثر، والمنعطفات الحرجة، ونقطة النهاية. ومتى يصح الإعلان عن النتيجة.

إقرأ أيضا لـ "هادي حسن الموسوي"

العدد 2449 - الأربعاء 20 مايو 2009م الموافق 25 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً