العدد 2440 - الإثنين 11 مايو 2009م الموافق 16 جمادى الأولى 1430هـ

من يجرؤ على الأمل في وادي سوات الباكستاني

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يملك وادي سوات الواقع على بعد مئة ميل إلى الشمال الغربي من إسلام أباد، والذي يشار إليه أحيانا بسويسرا باكستان، تاريخا غنيا، فقد شهد وصول ومغادرة العديد من الثقافات والأديان والشعوب لمدة تزيد على ألفي عام. وهو وطن للعديد من آثار بوذا، بما فيها ممتلكاته الشخصية ورماد جسده. ويعتقد بشكل واسع أن الإسكندر المقدوني عبر وادي سوات في العام 326 قبل الميلاد لإخضاع السكان المحليين في الجنوب.

إلا أن وادي سوات الجميل المسالم سابقا في شمال الباكستان، البلد الذي وُلدتُ ونشأت فيه، يكافح اليوم للحفاظ على جذوره التاريخية وتقاليده في التسامح وتوجهاته الإيجابية.

يضع شريط فيديو قصير مثير عنوانه «انتهاء الصف في وادي سوات» على موقع النيويورك تايمز الخطوط العريضة لقرار الطالبان منع تعليم البنات في سوات.

يعرض الشريط ضياء الدين يوسفزاي، وهو تربوي، وابنته ملالا البالغة من العمر 11 عاما، التي تحلم بأن تصبح طبيبة. بينما تكلمت ملالا عن رغباتها، كانت تعرف تمام المعرفة أنها قد تضطر لتأجيل هذا الحلم. قامت بتغطية وجهها بيديها في محاولة لإخفاء دموعها، اغرورقت عيناي أنا بالدموع.

سوف تغلق مدرسة ملالا، التي يملكها والدها، اليوم التالي. قام الطالبان بإحراق أو تفجير أكثر من مئة مدرسة بنات، ويخاف ضياء الدين من أن يتم تدمير مدرسته إذا تحدى قرار الإغلاق هذا.

شعرت وأنا أقود سيارتي لإيصال ابنتي المراهقة إلى مدرسة ستيلار الثانوية في أنكوراج بألاسكا بعد أيام قلائل بالامتنان لأنني أعيش في بلد لا تخاف فيه الفتيات من تحصيل التعليم أو تحقيق أحلامهن. ذكّرتني مجموعات الطلاب الواقفين بانتظار حافلة المدرسة بتلك الفتاة الصغيرة الحزينة في سوات.

فكّرت بأطفال سوات وهم يمرون أمام جثث ملقاة في الشوارع، وهم يدرسون خلال أصوات الطائرات الحربية والمدافع، ويذهبون إلى النوم وصدى القصف المدفعي يصل من التلال المجاورة، وهم خائفون من أن يقتلهم الطالبان. لا يجب أن يشعر أي طفل بذلك.

عبّرت فتاة أخرى تلبس الثوب الأسود لإخفاء هويتها، حول خوفها من أن يكون ذلك آخر يوم دراسي لها، عبرت عن خيبة أمل زميلاتها في المدرسة، بأن قرأت رسالة تعلن أنه لا يوجد من يستطيع إعادة السلام إلى الوادي، وبأن «أحلامنا قد تحطمت. ودعوني أقول إننا تحطّمنا كذلك».

تشبه ألاسكا، وطني منذ 31 سنة، إلى درجة بعيدة ذلك الوادي الساحر البعيد. كان سوات مكانا يعيش الناس حياتهم فيه دون خوف أو وجل، ويقومون فيه بأعمالهم بسلام ويرسلون أبناءهم وبناتهم إلى المدارس والجامعات. إلا أن الفتيات في سوات اليوم لا يملكن سوى خيارات محدودة.

لم أشعر إلا بالغضب والعجز بعد مشاهدة شريط الفيديو. لم أدرِ ماذا أفعل. إلا أنني أقسمت أن أُعلِم الناس بالوضع في وادي سوات. أعتقد بأن أفضل طريقة لمحاربة الإرهاب هي بالتعليم، وليس بالطائرات دون طيار التي تلقي القنابل، فتقتل المدنيين أيضا، وتخلق المزيد من التشدد المسلح وتدفع بالمزيد من الشباب إلى الانضمام إلى الطالبان.

ورغم أنني لا أوافق على سياستنا بتصعيد هجمات الطائرات من دون طيار داخل باكستان، إلا أنني أوافق مع فكرة زيادة المعونة التي تهدف إلى تمكين السكان هناك، من خلال البرامج التنموية والتعليمية.

أقسمت كذلك أن أجد ضياء الدين وأن أقدم له دعمي ومساندتي. تكلمت منذ تلك اللحظة مع كل من ضياء الدين وملالا. شكراني لأنني اهتممت بمخاطبتهما. أخبرتهما كيف أثارت قصتهما مشاعري وسألتهما إذا كان بإمكاني مساعدتهما بأية طريقة. كان جوابهما، «أخبري الآخرين عنا، واطلبي منهم مشاهدة شريط الفيديو».

سوف أقضي شهر مايو/ أيار في الباكستان، ورغم أن ضياء الدين دعاني لزيارة سوات، إلا أنني لن أفعل ذلك على الأرجح، فالوضع الأمني متوتر، وأنا جبانة بطبيعتي.

إلا أن وجها لوجه أقسم على البقاء لمساعدة شعبه، وأنوي إرسال بعض الكتب إلى ملالا من كراتشي وعرض تقديم الدعم المعنوي.

منذ عرض شريط الفيديو في فبراير/ شباط، تنازلت حكومة الباكستان عن وادي سوات إلى الطالبان الذين سيسمحون للبنات بالعودة إلى الدراسة وحضور امتحاناتهن في مارس/ آذار. إلا أن الطالبان لم يقرروا بعد إذا كانوا سيسمحون للفتيات بالدراسة بعد الصف الرابع.

أعاد ضياء الدين فتح مدرسته، إلا أنه لا يعرف ما يخبئه له المستقبل.

أخبرتني ملالا، التي ما زالت تتجرأ على أن تحلم: «لن أسمح للطالبان بإيقافي. سوف أحصل على التعليم بطريقة ما. قد يكون ذلك في سوات، أو في مكان آخر».

أتمنى لها النجاح.

*تقيم منذ فترة طويلة في أنكوراج بألاسكا، وقد ولدت ونشأت في كراتشي بباكستان، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2440 - الإثنين 11 مايو 2009م الموافق 16 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً