إن أكبر خدمة يقدمها الوطن في ظل مؤتمر التقريب بين المذاهب هي إيقاف الكتابات العدائية التي تحاول العزف على الأوتار الطائفية والتي يقوم بها أحد المسعورين طائفيا، والناس الآن حيث أن قلوبهم على الوطن والوحدة الوطنية ومن الطائفتين الكريمتين ينتظرون مبادرة السلطة في إيقاف مثل هذه الكتابات الجارحة، فليكتب الإنسان ما يريد شريطة ألا يجرح المقدسات، ويقوم بتسفيه معتقدات وثوابت الآخرين، فذلك محل رفض من كلا الطائفتين الكريمتين.
إن الناس تبحث عن موقف مسئول لإطفاء الحرائق التي بدأت تتأجج في القلوب المستعرة من استعار واشتداد لهيب مثل هذه المقالات التي بدأ شررها يصل إلى كل مكان، فهي تهدد الوحدة الوطنية وتعمل على إرباك السلم الأهلي، فعندما تتحول الحروف إلى أوبئة جرثومية تنشر جرثومة الحرب الأهلية، هنا يكون الوطن في خطر وتبدأ صدقية احترام الأديان وتجريم الممارسات الطائفية تتعرض للاهتزاز والانهيار.
إن الحديث عن احترام الموطنين وتساويهم لا يكون على الورق والمواد وفي المواثيق؛ وإنما بما يجري على الأرض من واقع، فالتشهير والتشكيك في أية فئة لا يعوضه كل ما في حيثيات البراءة من فصاحة وصراحة وأسف واعتذار. إن أهم اعتذار هو أن توقف مقالات التجريح من الإساءة إلى أية طائفة. والكل يشهد ويرى كيف تُسب الطائفة الشيعية من هذا الكاتب وكيف يشكك في دينها ووطنيتها، وما اتهامها بالنفاق من قبل الكاتب ـ والمقالات جميعها مصورة ـ إلا دليل واضح وصريح على مثل هذه الكتابات الخطيرة والمجنونة، فالكل يتبرأ منها ويرى فيها جنونا خطيرا لا يمكن السكوت عليه.
فالتشهير بالمقدسات وسب مجموعة معينة ليس حرية، واتهام مواطنين بعدم أصالة دينهم ليس حرية... لذلك أريد إيصال الصوت. والذي يدفعني في ذلك هو حبي لديني وانتمائي إلى هذا الشعب الكريم، إذ بلغ سخط الناس على هذه الاتهامات لهم مبلغا خطيرا وأصبح يقاس بالأمتار. وللأمانة، فإنني أتلقى يوميا مكالمات مشحونة بالسخط والغضب ومن أطراف مختلفة تنادي بوقف هذه المهازل خوفا من أن يفلت عقال العقل، فهم يطالبون بإيصال صوت ونبض الشارع وسخطه إلى المسئولين ويطالبونهم بقياس درجة حرارة الشارع من هذه الكتابات ومن مصادرهم حتى لا يظنوا أن ما يطرح في الصحافة هو مجرد إثارات ومبالغات، فالناس قد تصبر على الفقر والقهر ولكن لا يمكن أن تصبر على السب اليومي والشتيمة المعلنة على رؤوس الأشهاد.
إن مثل هذا الكاتب وبمثل هذه المقالات كالذي يلعب بالنار، إذ أصبح كطفل يعبث بكبريت... فهل يعقل أن يتهم فئة بأخطر الاتهامات وهي التجزيء والخيانة والنفاق؟ (ولا تسلم الجرة في كل مرة) الناس تبحث عن كرامة طقوسها في الصحافة، لا أن تسب يوميا وتلقى عليها القاذورات كأنها جمل أجرب، فما عاد الناس يقبلون أن يكونوا الحلقة الأضعف لتجرب فيهم الكتابات والاتهامات، فمن كان يعاني من عقد نفسية أو انفصام في الشخصية فمكانه المصحات النفسية لا الصحافة، وإلا فما هذا الجنون الذي لا يفيض بركانه إلا على هذه الفئة؟ ولماذا ترشد هذا الجنون ووعى لنفسه وأفاق عندما لُطم على وجهه ساعة تعرضه لأحد المسئولين؟ فالصحافة ليست دارا للمجانين.
لقد أحصي عليه 100 مقال لهذا العام فقط وهي مليئة بالسباب والشتم والتصريح، وكلها تكرر عبارات الاتهام بـ «التجزيء» و«التآمر» و«الخيانة» و«عدم أصالة الدين» و«عدم الولاء للوطن» و.... إلخ.
والسؤال هنا: هل نستحق إنصافا من المسئولين؟ طبعا إن كنا نعد في صف المواطنين، وهل يعقل كل ذلك؟ أليس للصبر حدود؟ اللهم إني بلغت
العدد 244 - الأربعاء 07 مايو 2003م الموافق 05 ربيع الاول 1424هـ