تحتفل المرأة البحرينية اليوم بنيلها جائزتين للمحتوى الإلكتروني: محلية هي جائزة البحرين للمحتوى الإلكتروني 2009، وإقليمية، هي الجائزة العربية للمحتوى الإلكتروني 2009. تعقد البوابة، بهذه المناسبة مؤتمرا صحافيا تسرد فيه قصة نجاحاتها التي حققتها على امتداد السنوات السبع المنصرمة من عمرها، فعلى الرغم من أنها انطلقت كفكرة بين جمعية سيدات الأعمال البحرينية، وشركة النديم لتقنية المعلومات في العام 2001، لكنها تحولت إلى مشروع حي قائم على الشبكة العنكبوتية العالمية في العام 2002.
وكسواه من المشروعات الطلائعية الأخرى، كان من الطبيعي أن تتعرض»البوابة»، لما يمكن أن يطلق حركة المد والجزر من حيث الإمكانات المالية التي بتصرفها، أو على مستوى قدرتها على تحقيق الخطة التي تبنتها. هذا يضع أمام المتابعين لخط سير البوابة علامة استفهام كبيرة عن العوامل التي وقفت، ولاتزال تقف وراء النجاحات التي حققتها البوابة على امتداد السنوات السبع من حياتها.
أول تلك الأسباب، ذات طابع سياسي يقوم على النظرة المستقبلية التي تمتعت بها سيدة البحرين الأولى صاحبة السمو الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة ملك البحرين، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، والتي التقطت، في مرحلة مبكرة من حياة المشروع أهميته التنموية والاجتماعية، فوهبته الرعاية التي يستحقها على الصعيدين المالي والسياسي. ورغم أهمية الدعم المالي، من حيث دوره في مد البوابة بشريان الحياة الذي مكنها من الاستمرار والنمو، لكن انعكاسات الدعم السياسي كانت أعمق بكثير من تلك التي قدمها الدعم المالي، حيث شكلت الحاضنة الطبيعية التي أمدت البوابة بالقدرة على نسج علاقات وثيقة مع العديد من المنظمات الإقليمية والمحلية، من مستوى برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية (أجفند)، ومركز المرأة العربية للتدريب (كوثر)، ومقره تونس، وبنك البحرين للتنمية. لكن يبقى الأهم من ذلك كله، هو تلك العلاقة التي بنتها البوابة مع المجلس الأعلى للمرأة، والتي تمخض عنها بعض المشروعات المهمة، فيما يتعلق بحضور المرأة على «الويب».
ثاني تلك الأسباب، هو الزواج الطبيعي بين الأعمال والتكنولوجيا، والمتمثل في الاتفاقية الثنائية التي وقعتها جمعية سيدات الأعمال البحرينية مع شركة النديم لتقنية المعلومات، والتي وفرت البيئة الخصبة، والمنصة الراسخة، التي أقامت عليها البوابة صرح مكوناتها من محتوى وخدمات. هنا لابد من التوقف بعض الشيء عند هذه العلاقة الفريدة التي دشنتها المرأة البحرينية، فعلى طرفي طاولة الحوارات التي تمخض عنها ذلك الزواج، جلس فريقان من النساء، الأول مجموعة من عضوات مجلس إدارة جمعية سيدات الأعمال البحرينية، والثاني عضوة مجلس إدارة النديم، ومديرها الإداري والمالي ليلى عبدالله فخرو التي ولد رحيلها المبكر خسارة فادحة للحركة النسائية البحرينية، في حقل صناعة تقنية المعلومات. وضع الفريقان، انطلاقا من قناعتهما بدور صناعة تقنيات الاتصالات والمعلومات في فتح أبواب واسعة أمام المرأة العربية لتعزيز دورها التنموي، أسس علاقة متينة مثمرة بين المرأة البحرينية وهذه الصناعة، جسته البوابة بقنواتها المتنوعة.
ثالث تلك الأسباب هو ذلك الخط المتميز الذي رسمته نظرة البوابة للمكونات التي تحتاجها المرأة على الويب. وكما يبدو من مواد البوابة وخدماتها، أن تلك المكونات رأت النور بعد دراسة معمقة للحضور النسائي على الويب، جاءت بعد مسوحات جادة لأشكال ذلك الحضور ومكونات مواقعه. وتعكس ألوان طيف مواد البوابة والخدمات التي تقدمها، التي تمتد من المراعاة بعناية منطقية غير مبالغ فيها، لاهتمامات المرأة على مستوى الفرد، من قضايا الصحة والجمال، وتتوقف عند الأنشطة التي تمارسها المرأة في سياق نضالاتها من أجل انتزاع المزيد من حقوقها المهنية والاجتماعية، كي يحط الرحال عند بناء قناة تعليم إلكترونية مع جامعة رائدة هي الجامعة العربية المفتوحة. هذه الباقة من الخدمات تجعل من البوابة، قناة اتصال وتواصل مع المجتمع النسائي، من أفراد ومؤسسات، الذي تخاطبه، وتفتح أمامها آفاقا رحبة لبناء مجتمع إلكتروني، نسائي في الأساس، مرتبط بالبوابة، ويمارس دوره البناء في تطويرها من خلال عملية التفاعل الديناميكية التي رسخت البوابة أركانها في صلب هذا المجتمع.
لكن أفراح هذا العرس النسائي البحريني لا يمكن لها أن تكتمل، ما لم تنجح البوابة في جذب اهتمام ومساهمات المنظمات النسائية العربية، وعلى وجه الخصوص البحرينية منها، والذي يمكن أن يتبلور في تحول البوابة إلى قناة هذه المنظمات النسائية مع محيطها الذي تخاطبه. هذه المهمة التي تجعل من البوابة أداة فعالة تسخر تقنية الاتصالات لتعزيز دور المرأة وتطوير أشكال مساهماتها التنموية، لكن في آن، لاتفكر، ولايمكنها أن تكون البديل لتلك المنظمات.
نظرة نسائية مستقبلية واسعة الأفق، مؤمنة بإيجابيات أشكال التعاون والتنسيق الهادفة إلى التكامل وليس الإقصاء، قادرة، على أن تساعد البوابة في الانطلاق، دون التفريط في المقايس الأساسية التي ميزت البوابة بها نفسها عن الكثير من المواقع النسائية الأخرى على الويب، أفقيا كي تخاطب البوابة قطاعا نسائيا أكثر اتساعا من ذلك الذي تخاطبه اليوم، وعموديا، كي تلبي احتياجات فئة معينة لها احتياجاتها المتخصصة التي بوسع البوابة أن تفرد قنوات خاصة لها.
وإلى أن يتحقق ذلك الحلم الذي تصبح فيه البوابة، كما تقول هي عن نفسها، منصة المرأة المعاصرة الباحثة عن مستقبل أفضل، يبقى عرس المرأة البحرينية غير مكتمل، وأفراحه ناقصة عض أشكالها التي تتمظهر بها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2439 - الأحد 10 مايو 2009م الموافق 15 جمادى الأولى 1430هـ