العدد 2433 - الإثنين 04 مايو 2009م الموافق 09 جمادى الأولى 1430هـ

الأبعاد الرياضية والاجتماعية والسياسية لأهزوجة «يالايم يا لايم»

عباس العالي Abbas.Al-Aali [at] alwasatnews.com

رياضة

في جميع دول العالم المتحضر، هناك سياسات تحرص الدول على وضعها والعمل على تنفيذها من خلال ما تملكه من وزارات ومؤسسات وجمعيات وصحف مملوكة للحكومة، وهذا الأمر ليس غريبا على دول العالم الثالث مثل مصر والهند والمغرب العربي. وهذه السياسات لا توضع اعتباطا بل يصيغونها خبراء وسياسيون وأصحاب فكر من اجل إنجاح خطط الحكومة. ومن هذا المفهوم الدارج في غالبية دول العالم نجد في البحرين من يضع سياساتها ويرسم منهاجها في شكل أوامر وقرارات وخطب عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى في الكثير من المناسبات. وبالتالي أصبحت كل وزارة ملزمة بتنفيذ ما تصدر من أوامر ملكية وتوجيهات رسمية ومن يخرج عليها يعد خارجا عن الأعراف الرسمية، إلا ان ما حدث من تخبطات في الوسط الرياضي بعد أهزوجة «يالايم يالايم» يجعلنا نجزم بأن المسئولين عن الرياضة البحرينية غير ملتزمين بمثل هذه الأوامر الملكية أو التوجيهات السديدة الرامية الى إنهاء حالة الاحتقان في الشارع العام، بل هم يتعمدون إلى خلط الأوراق الرياضية بالدين والسياسة، مفندا صحة ما اذكره بالأبعاد الثلاثة التي سأطرحها في هذا المقال.

البعد السياسي

الشارع العام ابتلي باحتقانات سياسية مر بها، وبسببها اعتقل الكثير من الشباب الذي مال لأسلوب العنف في التعاطي مع هذه الاحتقانات وزاد من شدتها اعتقال بعض الرموز السياسية، ولكن بحكمة عاهل البلاد الصائبة وتطلعاته الحثيثة من اجل أن يعود الهدوء إلى الشارع العام أمر بالإفراج عن كل المعتقلين، وان يفتح المجال للحوار البناء الذي يشارك فيه الجميع من اجل خير البحرين. ولكن للأسف نجد بعد ذلك من يحاول ان يحقن الشارع العام ولن أقول الشارع الرياضي لأن الكل يعيش مجتمعا واحدا. وزاد هذا المسئول من تعنته من خلال فرض عقوبات غريبة تحدث لأول مرة في تاريخ الرياضة البحرينية. والسؤال المطروح على الجهات التي تنفذ التوجيهات الملكية. هل سلطة هذا المسئول تفوق التوجيهات الملكية أو ان هناك أمورا أخرى تحاك في الخفاء لا يعلم عنها الإنسان العادي البسيط شيئا؟ السؤال الآخر: لمصلحة من خلق مشكلات سياسية في الوسط الرياضي بعد ان كان بعيدا كل البعد عن الاحتقانات السياسية، ولماذا لا نتعلم من اقرب الدول إلينا والتي تحاول ان تحمي شبابها بالرياضة؟

وحينما حادثني أحد المسئولين في أحد الوزارات المهمة، اتفقنا في حديثنا إذا كان هناك اعتراض رسمي على ذكر الإمام الخميني الذي واراه التراب منذ 20 عاما، وهو الرمز الديني، فيجب ان يكون هناك وضوح في التعاطي مع ذلك من خلال إقناع الجماهير، بالمنطق السياسي السليم، لا بالتخبط في إصدار قرارات سريعة مفتعلة تضر بالتوجهات الحكومية والسياسات الرامية الى تأمين الأمن والأمان الدائم لهذا الشعب الكريم تحت قيادة الملك حمد بن عيسى.


البعد الاجتماعي

المجتمع البحريني خلق من تركيبات مختلفة تدين بالإسلامية والمسيحية واليهودية ومع موجة التجنيس والانفتاح دخلت أديان غير سماوية. وكل منها يحترم الآخر ولا يتعرض له، والكل يعيش تحت سقف واحد يحكمه القانون المدني... أما الطائفتان الكريمتان الشيعية والسنية فقد عُرف عنهما التلاحم والمحبة وصلة الرحم، ولم يكن بينهما من يقول هذا سني وهذا شيعي إلا بعد ان تدخلت السياسة في المجتمع، وجاء البرلمان ليوقد نيران الطائفية، فبدل ان يكون الناطق باسم الشعب أصبح الناطق باسم التفرقة الوطنية. حتى السرقات والمخالفات التي تنهب خيرات البلد، فبدلا من الوقوف في وجهها صفا واحدا _ كما يحدث في وزارة الصحة حاليا على سبيل المثال - تجد من يفسر التحايل على القانون وسرقات الملايين بأنها مكيدة طائفية، وكأن وزارة الصحة أصبحت مملوكة لطائفة مصلحتها فوق مصلحة الأمة البحرينية! وبمثل ما ابتلى الله سبحانه وتعالى البرلمان بهذه الشخوص التي لا تخاف الله، ابتلينا - في الوسط الرياضي - بمن هو يضرب على النغمة الطائفية لدرجة انه كتب كلمات في احد الصحف لم نعدها منذ ان وجد الإنسان البحريني ذكر فيها «هل ترضى تلك الجماهير الرياضية بأن نردد اسم الخليفة الأول أبو بكر الصديق والخليفة الثاني عمر بن الخطاب في اهزوجاتنا»، ليُثير لدينا استغرابٌ كبير وتساؤل اكبر نقول له فيه «إذا لم تكن من مواليد المنامة ولا المحرق أو الرفاع أو عراد أو الزلاق أو إحدى قرى البحرين. فأنت من أين؟ وإذا لم تدرس في مدارس البحرين. فأين درست؟ لأننا طول عمرنا نذكر أسماء الخلفاء الراشدين بكل تقدير ومحبة، وإذا شذ شخص عن ذلك نال الملامة والعتاب من جميع الإخوان، مؤمنين إيمانا راسخا بأن الرأي الشخصي لا يمثل عموم الناس (وان الجزء لا يمثل الكل) كما يذكر في علوم المنطق. كما ان ذكر أهل البيت في جميع المناسبات والاحتفالات كان ومازال من الأمور البديهية، وهو ليست بدعة، وإذا كنت لا تعلم فارجع إلى تسجيلات إذاعة البحرين.


البعد الرياضي

القرارت التي اتخذت على أندية الأهلي والشباب والاتفاق باطلة ولا تستند إلا أي سند قانوني، وإذا كان هناك من وضع رأسه في الرمال في النادي الأهلي أو أندية أخرى خوفا على مصالحها الشخصية، أو يتلذذ بالقرارات لأنها تثير في نفسه النعرة الطائفية، فهذا لا يعني أن السكوت عليها حق. ومن هذا المنطلق أطالب جميع الأندية الوطنية وخصوصا الأندية التي ابتليت بذلك عقد اجتماع طارئ لاتخاذ قرار موحد فيما بينها لأن ما يحدث يراد به باطل، وسيصيب الرياضة البحرينية في مقتل، ولو اضطر الأمر لرفع القضية للقضاء المدني؛ لأن القضاء الرياضي معطل، إذ لا توجد في البحرين محكمة رياضية. أما سؤال الاتحاد الدولي من قبل اتحاد السلة عن الهتافات العنصرية، فهو سؤال ساذج ومن صرح به هو أجهل الناس بالرياضة. وأزيده من الشعر بيت وأقول له إن رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الفرنسي بلاتيني طالب بوقف جميع المباريات على الفور إذا كانت هناك هتافات عنصرية، فأين العنصرية في أهزوجة «يالايم يالام» ولماذا غض اتحاد اليد الطرف عن الهتافات التي شككت في ولاء احد لاعبي المنتخب واتهمته بتعاطي المنشطات، ولماذا لم يستشر الاتحاد الدولي في أخذ القرار المناسب؟


الخلاصة

أوجه أخيرا سؤالي الى القائمين على تنفيذ سياسات الأمن القومي سواء كانوا في الديوان الملكي أو مجلس الوزراء أقول لهم: «هل ما يحدث في الرياضة يتماشى مع سياسة الأمن القومي، وهل الأضرار بالرياضة وخلق العداوة في الوسط الرياضي وهروب المستثمر المالي من ساحاتها هو من توجه الحكومة، أم ان كل وزير في هذا البلد حر في سياسته داخل الوزارة، يعمل فيها ما يشاء وكأنها ملك من الأملاك التي توارثها أب عن جد... أفيدونا بالجواب الشافي النافع، أفادكم الله.

إقرأ أيضا لـ "عباس العالي"

العدد 2433 - الإثنين 04 مايو 2009م الموافق 09 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً