العدد 2420 - الثلثاء 21 أبريل 2009م الموافق 25 ربيع الثاني 1430هـ

انتظَرَ... ملَّ... فاختار الرحيل!

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

بالأمس، وبينما كنا في مراسم دفن المسن الذي رحل عن الدنيا تاركا منزله الآيل للسقوط من دون مصير معلوم، وعائلة لا تدري ما مصيرها ولا تحمل في نفسها إلا إيمانها بأن الله تعالى لا يضيع عبيده... مررنا في مقبرة الحورة وإذا بصورة على أحد القبور تحمل وجه مسن ليس بغريب، مرت الذكريات في المخيلة سراعا وإذا بها تجد له مكانا فيها وصورة كالتالي: كان هذا المسن يتردد على مجلس بلدي العاصمة حاملا سؤاله المعتاد عن بيته الآيل للسقوط؛ متى يجهز منزلنا؟

رحل بعد أن ملّ الانتظار ولم يجد له إجابة عن سؤاله، ولكن عزاءه الوحيد أن منزله الجديد في مقبرة الحورة لا يختلف كثيرا عن منزله السابق في المنامة، فذلك المنزل آيل للسقوط، وهذا المنزل آيل للسقوط وسيتهاوى عليه عاجلا أم آجلا، ولكنه يتمنى من كل قلبه أن لا يتهاوى منزله السابق على ساكنيه!

هذا المسن الذي كان يحلم بأن يرى منزله جديدا رحل عن الدنيا، والمسن الذي دفناه يوم الإثنين الماضي كان يأمل أن يرى منزله جديدا، ولكن شاءت الأقدار أن لا يمر ملف المنزل الذي كان جاهزا بالكامل لأسباب خارجة عن إدارة المجلس البلدي ولا مجال لذكرها فلربما تثير بعض النفوس، وأن اللبيب بالإشارة يفهم، ونتمنى أن يعرف هذا اللبيب إن كان لبيبا خطأه ويعود إلى رشده لكي يبنى المنزل ويلملم شتات عائلة فقدت أعز إنسان عليها محترقا بين ركام المنزل الذي أحبه دائما وحلم بأن يرى بنيه فيه مستقرين، وبحكم القدر بات المنزل مهجورا من ساكنيه... لربما كان في الحديث شيء من الألغاز، ولكن كان من الواجب ذكرها على من نعنيه يقرأ فتعود إلى نفسه نفحات من العطف.

وبالحديث عن الموتى، لا ندري عن الشخص الذي ظل ميتا في مشرحة السلمانية منذ 2008 ولم يدفن حتى هذه الساعة، والسؤال المطروح؛ إذا كان هذا الشخص بحرينيا ولم يسأل عنه أي أحد، لماذا لا يدفن بأمر من الجهات المعنية وخصوصا أننا في بلد إسلامي تقر بأن كرامة الميت تعجيل بدفنه، وبقاؤه في الثلاجة لن يضيف أي جديد وإذا سأل عنه أقرباؤه ما الذي سيعطونه بعد سنوات من انتظار الدفن وإيداع الجثة إلى أصلها من التراب إلى التراب... والجهات المعنية لديها العلم بأن الموتى الذين يحولون من دار العجزة وليس لهم أهل يتم دفنهم بكتاب من دار العجزة، فما المانع من كتابة سطور بسيطة تنقل بها جثة هذا المسكين من المشرحة إلى مثواه الأخير؟

نتمنى أن تجد هذه الكلمات آذانا صاغية فليس من المعقول أن يظل بحريني أو غير بحريني في الثلاجة سنوات من دون دفن بحجة انتظار الأهل أو البنين... ادفنوا هذا الرجل ودعوا سره الذي لم يكشف عنه في حياته يدفن معه في مماته، فلقد عاش وحيدا فليدفن وحيدا وحتى لو لم يحضر جنازته أي مشيع.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 2420 - الثلثاء 21 أبريل 2009م الموافق 25 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً