العدد 2416 - الجمعة 17 أبريل 2009م الموافق 21 ربيع الثاني 1430هـ

متى يبلغ البنيان العربي تمامه؟!

عزوز مقدم Azzooz.Muqaddam [at] alwasatnews.com

على الرغم من أن القمتين العربيتين اللتين عقدتا في كل من الكويت والدوحة أخيرا قد أولتا اهتماما بالغا بموضوع المصالحة العربية- العربية إلا أن هذه القضية يبدو أنها تراوح مكانها حتى الآن، بل أصبحت في مهب الريح تماما. فالانقسام العربي كان سببه بالدرجة الأولى اختلاف وجهات النظر في التعامل مع القضية الفلسطينية وما يتعلق بها خصوصا فيما ينبغي عمله أثناء وعقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ولذلك كان الحوار الوطني الفلسطيني بمثابة حجر الزاوية في إعادة المياه العربية إلى مجاريها. بيد أن هذا الحوار الفلسطيني أصبح أيضا بعيد المنال الآن. فما أن تجتمع الفصائل في القاهرة أو غزة حتى ينفض سامرها من دون مؤشرات لتضييق الهوة بينها. ويشمل الخلاف الفلسطيني- الفلسطيني ملفات أهمها الخلاف حول برنامج الحكومة الانتقالية، وأجهزة الأمن، والانتخابات،ومنظمة التحرير، وشرعية الرئيس الفلسطيني، بالإضافة إلى قضية المعتقلين لدى كل من حركتي «حماس» و»فتح».

بشأن الحكومة اقترحت «حماس» أن يكون برنامجها هو برنامج حكومة الوحدة الوطنية السابقة وطرحت أيضا أن تشكل من الفصائل وفقا لنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، بينما رفضت «فتح» الاقتراحين وقالت إن برنامج حكومة الوحدة لا يرفع الحصار، وإن تشكيل الحكومة من الفصائل يعتبر سياسيا كذلك، وهذه الحكومة مؤقتة لها مهمات غير سياسية. كما رفضت «حماس» شرطا من فتح بأن تعترف الحكومة المقبلة بالتزامات منظمة التحرير، بينما رأت «حماس» أن ذلك يعني الاعتراف بـ»إسرائيل». أما الخلاف حول الأجهزة الأمنية فيرتكز على مرجعيتها، هل ستخضع للحكومة أم للفصائل أم للرئيس. وبشأن الانتخابات ترفض الحركة الإسلامية تزامنها تشريعية ورئاسية بينما تريدها فتح هكذا. وبشأن الرئيس تقول «حماس» إن ولايته منتهية بينما ترى «فتح» استمرارها. وأخيرا تقول «حماس» إنها لن توقع اتفاقا من دون إطلاق سراح المعتقلين في الضفة فيما تعتقد «فتح» أن هذه القضية ثانوية وليست عائقا وسيطلق سراحهم بالتدريج.

كل هذه المسائل طرحت في اجتماعات القاهرة ولم تفض إلى شيء إلى أن جاء وفد من حركة «فتح» إلى غزة الأسبوع الماضي يترأسه مبعوث الرئيس الفلسطيني عبدالله الافرنجي، وفي عضويته مستشار الرئيس مروان عبد الحميد. وبشر الوفد في نهاية مهمته في غزة أن الزيارة ناجحة وهيأت أجواء أفضل للحوار الفلسطيني ولكن ما أن أطلقت هذه التصريحات حتى فجرت حكومة تسيير الأعمال في رام الله قنبلة بددت كل التفاؤلات. فقد أعلن في الضفة الغربية أن حركة «حماس» تقوم بتخزين الأسلحة في المساجد. وعرض الأمن الفلسطيني شريطا مصورا زعم أنه لأحد المساجد في مدينة قلقيلية بداخله مواد متفجرة، مشددا على أن هذا العمل المستهدف فيه السلطة الفلسطينية ومؤسساتها.

وفي خضم هذه السجالات الفلسطينية، جاءتنا الطامة الكبرى المسماة بـ»خلية حزب الله» في مصر لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير العربي. فهذه القضية لم تعد في إطارها الأمني فحسب، بل أخذت منحى سياسيا خطيرا قد يعود بالعمل العربي المشترك إلى المربع الأول. فالآن فقط تبين لماذا لم تحضر مصر قمة الدوحة. وعلى الرغم من أن كلمة رئيس الوفد المصري مفيد شهاب جاءت قوية في القمة فيما يتعلق بالمصالحة العربية، إلا أن تداول ملف فيما يسمى بـ»خلية حزب الله» في مصر بهذه الطريقة وعبر وسائل الإعلام يثير كثيرا من الشكوك، ولا يجد إجماعا لدى الرأي العام العربي. فهذه المسألة كان يمكن أن تترك للقضاء ليفصل فيها فإذا ما وجد أدلة دامغة بأن المتهمين كانوا يريدون إيقاع الأذى بأمن مصر أصدر أحكاما رادعة بحقهم وإلا فإن تسوية القضية بالطرق الدبلوماسية كان أقرب إلى إصلاح ذات البين، خصوصا أن الزعماء العرب أضاعوا وقتا طويلا في اجتماعات ترميم جسد الأمة المتهالك. فكثير من المراقبين يرون أن الغرض من الحملة المصرية على «حزب الله» في هذا التوقيت وبهذا الشكل علاوة على إساءات الصحافة المصرية إلى قيادته، هو الإضرار بسمعة كل من يقف مع المقاومة بكافة أشكالها و»فضح» دول الممانعة التي حضرت قمة الدوحة الأولى بشأن غزة إلى أن تتبرأ تلك الدول من حزب الله و»حماس» وبالتالي تهيئة المناخ للتفاوض مع أقطاب الحكومة اليمينية المتطرفة على مضض، فيما ذهب آخرون إلى أن الغرض من الحملة التأثير على حظوظ الحزب في الانتخابات المرتقبة، بينما يخشى طرف ثالث من أن يكون لهذه الأزمة تداعيات على الأمن القومي اللبناني والعربي خصوصا أن هناك تدابير أمنية اتخذت فيما يعرف بـ»دول الطوق»، والمستفيد الوحيد هنا هو العدو الإسرائيلي.

إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"

العدد 2416 - الجمعة 17 أبريل 2009م الموافق 21 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً